تركنا كلَّ ما نملك وراءنا.. أسرّ سورية عائدة من لبنان: نحتاج إلى كل عون الوحدات الإدارية: الحكومة السورية لم تقصر لكن المطلوب كبير ويحتاج إلى دعم أممي وفك الحصار
درعا- وليد الزعبي:
لا يسرّ أبداً حال السوريين العائدين إلى وطنهم الأم من لبنان من جراء العدوان الصهيوني الهمجي، حيث يواجهون تحديات كبيرة جداً لجهة تأمين المأوى ومستلزمات العيش، وبالرغم مما تلقوه من تسهيلات من الحكومة السورية لدى دخولهم البلاد ومساعدات بسيطة طارئة من المنظمات الأهلية المحلية، إلّا أن حجم المتطلبات وخاصةً مع تزايد أعداد العائدين يبدو كبيراً جداً، ويحتاج إلى إمكانات كبيرة غير متاحة لدى الحكومة نتيجة تبعات الحرب على سورية الوطن، وتعزيز تلك الإمكانات لا شك يحتاج إلى رفع العقوبات والحصار الجائر وأخذ المنظمات الدولية لدورها الإنساني الفاعل في تقديم كل أشكال الدعم للمساهمة في تأمين احتياجات الأسر العائدة من مسكن ومستلزمات معيشة.
خلال لقاءات “تشرين” مع أفراد عائلات سورية عادت إلى بلدتها كفر شمس في الريف الشمالي من محافظة درعا، أشار أبو مالك إلى أنهم لاقوا عند الحدود لدى دخولهم إلى الوطن الأم كل التسهيلات من الحكومة ممثلة بمختلف أجهزتها وجهاتها المعنية، كما لم تدخر الجمعيات الأهلية إضافةً إلى منظمة الهلال الأحمر السوري جهداً في تقديم كل أشكال المساعدة المتاحة لديها.
وعبرت أم أحمد عن المعاناة أثناء العودة، حيث سارت وعائلتها كما الكثير من العوائل الأخرى سيراً على الأقدام حتى بلوغ الحدود والعبور إلى الجانب السوري، وحينها الأمر اختلف، إذ تواجد من تكفل بنقلهم إلى أقرب مكان من بلدتهم، بعد تقديم مساعدات إنسانية طارئة، لكن المشكلة الآن أنه لا يوجد مسكن لديهم ولا تتوافر بيوت للإيجار، وإن توفرت فلا قدرة لديهم على تحمل إيجاراتها الباهظة، وخاصةً أن المعيل لأسرتها لا عمل لديه في البلدة، وسيستغرق الأمر وقتاً حتى يجده، وقد لا يكفي مردوده مهما كان نوعه لسد بدل إيجار المنزل ومتطلبات المعيشة.
وتساءلت أم فادي، أين هو دور المنظمات الدولية تجاه ما يحصل؟ ولماذا لا تتصدى للدور الإنساني المطلوب منها لجهة تقديم الدعم لمساعدة الأسر السورية العائدة إلى وطنها على التأسيس لبدء حياتها من جديد بعد أن خسرت كل شيء في لبنان وعادت فقط باللباس الذي ترتديه؟
ومن جهته أبو محمد أثنى على الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السورية لتقديم كل التسهيلات وكل أشكال المساعدة الممكنة للأسر العائدة، وشكر المجتمع المحلي الذي لم يتوانَ عن استضافتهم حين عودتهم، مبيناً أنه وفور وصولهم إلى بلدهم تم قبول أبنائهم في المدارس وتم تلقيح الأطفال، آملاً زيادة مخصصات البلدة من الدقيق التمويني لسد احتياجاتهم من مادة الخبز، حيث إن هناك مخصصات محددة للأسر ويعمل المعنيون على المعالجة التي يؤمل ألّا تتأخر.
رئيس مجلس بلدة كفر شمس محمد خير الشعباني، أوضح أنه حتى تاريخه وصل إلى البلدة ١٧٣ أسرة يبلغ عدد أفرادها ٦١٠ أشخاص، وقدم المجلس بتوجيهات ومتابعة من الجهات المعنية والوصائية التسهيلات المناسبة من تسجيل أبناء الأسر في المدارس وتأمين سكن لبعض الأسر، مبيناً أنه تمت مخاطبة الجهات المعنية بالمحافظة لتلافي الصعوبة في تأمين الخبز لهذه الأعداد العائدة من لبنان، كما تمّ إرسال إحصائية بهم إلى مركز الهلال الأحمر في مدينة الصنمين للعمل على مساعدة هذه الأسر من حيث تأمين الإيواء والغذاء.
وحال العائلات الكثيرة التي عادت إلى بلداتها مثل كفر ناسج وقيطة وعقربا ونمر والطيحة والمال والسهوة والمليحة الغربية ورخم وناحتة وبصر الحرير وتل شهاب والصورة وإزرع وغيرها، على نفس المنوال، فقصص العودة تكاد تكون متشابهة من جهة عدم توفر المسكن ومستلزمات العيش، وكلّها تناشد المجتمع الدولي لرفع الحصار الجائر عن البلاد، وحث المنظمات الدولية على تقديم كل أشكال الدعم للعائلات العائدة كي تستطيع أن تبدأ حياتها من جديد بعد أن عادت من لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم تاركة وراءها كل شيء.