أميركا ومواطنوها المخرّبون

ما قيل عن محاولة ثالثة لاغتيال دونالد ترامب «في كاليفورنيا هذه المرة» مرّ مروراً باهتاً جداً، ‏فلم تنجح حملة ترامب كما يبدو في تسويق، أو القدرة على إثبات أن ترامب في خطر فعلي، رغم ‏أن الأمر وصل بها قبل أيام إلى طلب طائرات عسكرية، وفرض حظر جوي فوق منازله ‏وتجمعاته، ومعدات عسكرية لحماية تحركاته.‏
وليكتمل سيناريو الخطر المزعوم لا بد من الزج بإيران، وعندما يتعلق الأمر بترامب فهذا يقودنا ‏مباشرة إلى الكيان الإسرائيلي، كخدمة له في ظل التصعيد القائم في المنطقة والذي يسعى الكيان إ‏لى رفعه لمستوى إشعال حرب معها.‏
والزج بإيران مقصود، فهو بمنزلة وعد من ترامب بأن هذه الحرب ستقوم في حال فاز في ‏الانتخابات «في 5 تشرين الثاني المقبل»، ما يعني رسالة واضحة ومباشرة إلى الكيان الإسرائيلي بأن ‏عليه التشديد على «اللوبي الصهيوني» في الولايات المتحدة لإلقاء كامل ثقله وراء ترامب في يوم ‏الانتخابات، على أن يقبض ثمن ذلك لاحقاً، حرباً على إيران، التي لن تقوم إذا ما فازت منافسته ‏كامالا هاريس، علماً أن هذا الأمر ليس مؤكداً، فقد تُفاجئنا هاريس بما هو أكثر.‏
أما لماذا مرت محاولة الاغتيال الثالثة مروراً باهتاً، فلأن الأميركيين، كما يبدو، أظهروا اهتماماً ‏أكبر بتصريحات ترامب حول استخدام الجيش ضد الأميركيين «المخربين/أعداء الداخل» والذين ‏هم أخطر من روسيا والصين، على حد زعمه، هذا يعني أن ترامب في حال فوزه فإنه لن يتوانى عن ‏إصدار أوامر للجيش بإطلاق النار على الأميركيين الذين يدرجهم كخطر أمني/ قومي. والسؤال: ‏ألا يذكرنا هذا أو يجعلنا نقارن بين ما يريد ترامب تحليله لنفسه وفي الوقت نفسه تحريمه على ‏الدول الأخرى التي تشهد اضطرابات على خلفية «مواطنين مخربين»، من دون أن يحق لها ‌‏«أميركياً» أن تنهي خطرهم، وإذا ما فعلت فإن أميركا تحاربها بجيش من هؤلاء المواطنين ‏المخربين يعيثون إرهاباً وفساداً، ويدمرون الدولة ومقوماتها؟
ألا يشبه تحذير ترامب من مواطنيه المخربين التحذيرات التي كانت تطلقها دول عديدة، خصوصاً ‏في منطقتنا؟.. ألم تستثمر أميركا في «مواطنينا المخربين» وتدعمهم بـ«مخربين» من كل دول ‏العالم لتدمير دولنا، من دون أن تطلق رصاصة واحدة أو تخسر جندياً واحداً؟
ترامب يحذر من أن مشكلة أميركا الأكبر هي «العدو من الداخل»، وهؤلاء ليسوا «المهاجرين» ‏الذين يهاجمهم باستمرار ويدعو إلى بناء الجدران بوجههم وإطلاق الرصاص على من يتجاوزها.. ‏مشكلة أميركا الأكبر في الداخل وليس الخارج، وهذا صحيح نوعاً ما، باعتبار أن أميركا تحمي نفسها ‏بالحروب والاضطرابات التي تنشرها في الخارج.. أما من تعلنهم أعداءها الاستراتيجيين /الصين ‏وروسيا/ فهؤلاء لن يهاجموها عسكرياً على أراضيها، بل ستبقى المواجهة قائمة في ميادين بديلة.. ‏أميركا ما زالت لديها أوراق كثيرة تواجه بها أعداءها الاستراتيجيين خارج أميركا، أما أعداء ‏الداخل فليس لهم إلا حديث واحد، وفق ترامب.‏
أياً يكن من تصريحات ترامب فإن خصومه الديمقراطيين ومرشحتهم كامالا هاريس يستغلونها ‏لتغذية حالة الخوف لدى الأميركيين ودفعهم بعيداً عن ترامب.‏
ولكن بعيداً عن الديمقراطيين والجمهوريين وسباقهم الذي يزداد حدة، فإن هذه التصريحات من ‏الجانبين تغذي التوقعات التي تتسع دولياً (حتى في الداخل الأميركي) بأن الدورة الحالية من ‏الانتخابات الرئاسية الأميركية لن تكون كما سابقاتها.‏
لننتظر ونرَ.. يوم الانتخاب على بعد 20 يوماً فقط.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الجلالي خلال لقائه مجلس نقابة الفنانين المركزي: اهتمام الحكومة بتعزيز تنافسية ‏المنتج الدرامي الوطني والارتقاء به ١٤٠ ألف معاملة.. و ٩.٥ مليارات ليرة إيرادات نقل حماة بالتعاون مع "الفاو".. البحوث العلمية الزراعية تنجز برنامجاً حديثاً لردم فجوة الري هل تنخفض الأسعار قريباً؟.. موسم البطاطا الخريفية على الأبواب وبواكير الخضار الشتوية تدخل الأسواق الرئيس الأسد يبحث مع رئيس الوزراء العراقي العلاقات الثنائية وجدول أعمال القمة العربية والإسلامية غير العادية استجابة لما نشرته «تشرين».. البدء بإصلاح خط للصرف الصحي يصب في نهر العاصي غزة ولبنان على طاولة قمة عربية – إسلامية غير عادية.. هل حان الوقت للانتقال من مناخ أميركي إلى مناخ عربي إقليمي ؟ عملة بتكوين تحصد أرباحاً عالية وتتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى أطفال يشتكون من آلام الظهر والمتهم الحقيبة المدرسية .. وخبراء يحذرون الوزن الزائد يؤدي للانحناء من إعلام العدو.. مؤرخ إسرائيلي: هدف خطة آيلاند هو التهرب من جرائم حرب ترتكبها "إسرائيل" في غزة