في الأيام الأخيرة صار يتفاخر نتنياهو بجنونه، معتبراً أن ما يمارسه من إجرام في لبنان بعد غزة يعد إنجازاً أو «نصراً لإسرائيل»، متناسياً أو من منكراً حقيقة الواقع الذي تعيشه «إسرائيل» بما تفعله في المنطقة، وإذا كانت أعمال «إسرائيل»» من تدمير وقتل وتشريد في لبنان وغزة والضفة «إنجازاً» ضد العرب ودول الجوار والمنطقة، فإنها وبقدر أفظع هي تهديد ونسف للأمن في «إسرائيل»، وكسر لأي أمان يحلم به الإسرائيليون، ببساطة، نتنياهو خلال عام أظهر هوية إسرائيل» الإجرامية، وأكسب الكيان الإسرائيلي ماركته كمجرم إقليمي ودولي، وفتح على الإسرائيليين وشرع ضدهم كل أشكال المقاومة، ما أفقدهم الأمن والأمان، خلال عام كسب نتنياهو عار المجرم، وأفقد كيانه المحتل وشعبه وأهله الأمن والأمان.
مع بدء عدوانه الإبادي ضد غزة، قال نتنياهو إن «إسرائيل تقوم بتغيير المنطقة» وبعد عام من جرائمه ضد غزة ولبنان، فإن الواضح كما قال أحد الكتاب، إن «المنطقة بمقاومتها هي من يغير إسرائيل»، وبدل أن يحقق نتنياهو لشعبه الأمن والأمان من جراء حربه، حول حياة شعبه إلى رعب وهلع وصار الملجأ حلم كل إسرائيلي، وتحولت المخاطر من محيط «إسرائيل» وجوارها، إلى خطر داخلها، وتهديد يعيش بين الإسرائيليين، وكل يوم صارت تقصف المناطق الإسرائيلية بعشرات إن لم يكن بمئات الصواريخ، والعمليات في الضفة تتجدد وتتمدد وتصل إلى «تل أبيب»، وهكذا بدلاً من أن تقوم حرب نتنياهو وعدوانه بتغيير المنطقة لتحقيق الأمن لـ«إسرائيل»، أنتجت هذه الحرب العدوانية الرعب والهلع والخوف، ليعيش الإسرائيليون في كابوس لا ينتهي، كسب نتنياهو وأكسب «إسرائيل» عار الجريمة، ودفنها في رعب وخوف وقلق لا ينتهي، حتى لو تفاقمت جرائمه في غزة ولبنان.
لا يمكن لـ«إسرائيل» أن تنتصر مهما أوغلت في الدم والتدمير والتشريد سواء في لبنان أم في غزة، والإنجازات التي تحققها من جراء جرائمها ليست إلا إنجازات “تكتيكية” لا تنتج «نصراً إستراتيجياً«، وهذا ما يلاحظه المتابعون والدارسون العرب والأجانب، وعلى سبيل المثال فقد كتب بالأمس الكاتب الأميركي المؤيد لإسرائيل» توماس فريدمان في نيويورك تايمز أن لا يمكن لإسرائيل» أن تنتصر في حربها من دون أن تعلن إقرارها وموافقتها على إقامة دولة فلسطينية ضمن حل الدولتين، كما يقر كثير من محللين وكتاب إسرائيليين أن إسرائيل» لا تنتصر، حتى إن متعصباً ومجرماً كـ «غيورا إيلاند» كتب بالأمس لن تحقق إسرائيل» (النصر المطلق في غزة وكذلك في لبنان والمقاومة لن تستسلم وسيكون هناك دائماً من سيواصل إطلاق النار»، ويؤكد أيلاند أن «استمرار القتال على الجبهة لا يخدم مصلحة إسرائيل» لذلك من الصائب أن تنفتح «إسرائيل» أمام ترتيبات سياسية على جهتي غزة ولبنان، آيلاند هذا ليس مناصراً للمقاومة، وليس قومياً عربياً، وليس من محور المقاومة، إنه صهيوني متعصب، وهو لواء احتياط في جيش العدو، ورئيس مجلس الأمن القومي السابق، ورئيس قسم العمليات، أي إنه من أعتى المتطرفين ومع ذلك يقر أن لا جدوى من الحرب، وإنه لا يمكن لـ«إسرائيل» أن تنتصر، ودعوته إلى فتح الأبواب للسياسة اعتراف منه بفشل الحرب، والفشل هنا هزيمة من نوع خاص، لاسيما أنه فشل في تحقيق الأمن للإسرائيليين، وعدم إكسابهم إلا عار الإجرام والإبادة.
بعد عام من حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان المحتل، لم يعد أمامه إلا الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، وتمكينه من إقامة دولته ذات السيادة الكاملة على أراضي 67، وعاصمتها القدس الشرقية وليس أمام المنطقة ودولها بعد كل ما تكشف عن طبيعتة الإبادية والمجرمة والنازية إلا أن تتهيأ لمواجهة هذا الإجرام المتمادي والمتجدد، خاصة وهي تستمر في عدوانها الذي يهدد الجميع ويزعزع الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم.
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات