العام الأول ما بعد «طوفان الأقصى».. لبنان بعد غزة يوثق وحشية الكيان الإسرائيلي بدماء ‏تلطخ وجه أمريكا.. المقاومة ضمان المواجهة والمنطقة مستمرة على صفيح النار والدمار ‏

تشرين – هبا علي أحمد:‏
عامٌ من طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة، تغيّر فيه عنوان الصراع والمواجهة، ‏نتج عنه خريطة جديدة من النفوذ والتأثير، وتبدلت المعادلات مع إيجاد قواعد جديدة للاشتباك، ‏والأهم من ذلك كله عادت القضية الفلسطينية بكل ما تحتويه من الأحقية في الأرض والتحرير ‏وحق العودة بزخم إلى الواجهة، وأثبتت المقاومة على امتداداتها الجغرافية على وحدة الهدف ‏وأنها على أتم الجاهزية في التصدي للمشروع الصهيوني- الأمريكي ومن خلفه الغربي في ‏المنطقة مهما علت المخاطر وعظمت التضحيات..‏
عام كُشف فيه القُبح الأمريكي- الغربي الذي تلطى دائماً خلف دعوات وتصريحات وزيارات ‏دبلوماسية مكوكية، هدفت أولاً وأخيراً إلى التصعيد وتأجيج الوضع، وباتت مصطلحات الهدنة ‏ووقف إطلاق النار تُقدم بطريقة معاكسة في حقيقتها وإلا ما وصلنا لما وصلنا إليه اليوم، ‏وضوء أخضر للكيان الغاصب لمواصلة إجرامه ومجازره موسّعاً همجيته وحرب الإبادة التي ‏شهدناها في غزة إلى لبنان، وموجّهاً مُخططه إلى ما بعد لبنان، في دفع أمريكي واضح لتنفيذ ‏ما أٌعد للمنطقة من مخططات تعيد تشكيلها ورسمها بما يخدم مشاريع الاستعمار والهيمنة ‏وإعادة إحيائها بعد الهزيمة التي تلقتها واشنطن على خلفية الانسحاب من أفغانستان.‏

‏- مقاومة حيّة
ورغم ما تعرضت له بُنية المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان من خسائر مؤلمة ولاسيما على ‏صعيد القادة وآخرهم سيّد المقاومة والشهداء حسن نصرالله، إلا أنه على مدار عام وصولاً إلى ‏اليوم أثبتت المقاومة أنها حيّة وقادرة على المواجهة في مختلف الظروف، وأنها المشروع ‏الحقيقي في مواجهة كيان الاحتلال الغاصب.. المشروع القادر على تغيير المعادلات وتغيير ‏وجه المنطقة رغم كل محاولات التثبيط والخذلان والتآمر المستمر في الجوار الإقليمي غير ‏المقاوم، إلّا أن المقاومة وخاصة الفلسطينية مشروع حيّ مُتجدّد وخلاق، يُضاف إليه جبهات ‏الإقليم المساندة التي اتخذت مقاومة الاحتلال عنوان لها ترجمته واقعاً ملموساً في طوفان ‏الأقصى في البر والبحر والجو، في المحيطات والبحار، كل من موقعه وحسب الإمكانيات ‏والأدوات المتوفرة، التي استطاعت التفوق على العدو و إيلامه رغم كل المجازر المستمرة في ‏غزة واليوم في لبنان.. ‏

على مدار عام وصولاً إلى اليوم أثبتت المقاومة أنها حيّة وقادرة على المواجهة وأنها ‏المشروع الحقيقي في مواجهة المحتل

ليس مغالاة في التفاؤل لكن الوقائع تتحدث والتحذيرات تنطلق من الكيان بمستوياته كافة إلى ‏مدى التغيّر الذي أحدثه الطوفان في الصورة الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي، كما أشارت ‏إلى أن كل التحصينات التي قام بها الكيان وتغنى بها على مدى عقود باتت هشة وبالإمكان ‏خرقها، ناهيك بمدى تأثير جبهات الإسناد على الكيان في السياسة والاقتصاد وداخل ‌‏«المجتمع الإسرائيلي».‏
ومرة أخرى صحيح أن خسائر المقاومة ولاسيما البشرية مؤلمة وموجعة، لكن في المقابل لم ‏يستطع الكيان تنفيذ أي من أهدافه واستراتيجيته، فالمقاومة الفلسطينية باقية وأكثر صلابة من ‏ذي قبل، و المستوطنون بين التهجير والهروب إلى الملاجئ والتفكير في الهجرة من دون عودة ‏والاقتصاد في نزيفٍ مستمر، أما في موضوع الأسرى فبات من المنسيات يستخدمه الكيان ‏بمناسبة وبلا مناسبة، في حين غيّرت جبهات لبنان واليمن والعراق المعادلة وأتت من خارج ‏الحسابات بالنسبة للكيان أصبح معها الكيان بلا استراتيجية، ولاسيما مع إصرار وتأكيد هذه ‏الجبهات على مواصلة الإسناد حتى وقف الحرب على غزة.‏
الأكيد أن ما قبل السابع من تشرين الأول 2023 ليس كما قبله، ليس في هذا التاريخ فحسب، ‏بل في كل المحطات المفصلية التي مرّت على مدى عام وما أكثرها، ورغم إن المنطقة دخلت ‏في طور الحرب، لكن كل يوم يقربنا إلى المواجهة الحتمية أكثر، وهو ما تريده واشنطن ‏بالأساس، والحقيقة أن ليس كيان الاحتلال من يريد جرّ واشنطن إلى مواجهة مباشرة مع إيران ‏بل العكس، فالواضح أن واشنطن تدفع الكيان إلى الواجهة وتهيئ الظروف الذاتية ‏والموضوعية للمواجهة مع إيران لتندرج لاحقاً إلى كل أطراف محور المقاومة، فإعادة ترتيب ‏المنطقة وأوراقها ينطلق من هنا.‏

‏- معادلات غزة
المنطقة التي تريد واشنطن إعادة رسمها وترتيب أوراقها يتلقى فيها كيانها اللقيط أقسى ‏الضربات، ففي ذكرى الطوفان تقصف «تل أبيب» وأمس حيفا وقريباً ما بعد حيفا وما بعد ما ‏بعد حيفا كما وعد السيّد الشهيد، وقبلها عملية «الوعد الصادق2» الإيرانية، وضربات ‏المقاومة العراقية واليمنية، أما كلمة الميدان فللجنوب اللبناني الذي يُفشل العدو في دخوله ‏البرّي حتى لحظة كتابة هذه السطور، ويعود جنوده محملين بين قتلى وإصابات والحصيلة ‏ليست ثابتة.‏

الوقائع تتحدث والتحذيرات تنطلق من الكيان بمستوياته كافة إلى مدى التغيّر الذي أحدثه ‏الطوفان في الصورة الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي

لا ننكر أن الخطر قائم وكرة الأحداث والمخاطر تكبر وتتفاقم سريعاً مُتدحرجة إلى أماكن لا ‏تُحمد عقباها، ولاسيما أن المنطقة دخلت في مرحلة الردود، وبانتظار الرد الإسرائيلي والرد ‏على الرد إلى جانب الاستنزاف، لكن الثابت أن جبهة غزة غيّرت المعادلات، وباعتراف ‏وسائل إعلام العدو فإن الوضع في قطاع غزة معقّد وصعب، وأهداف الحرب لم تتحقّق، فلم يتمّ ‏إخضاع «حماس» ولم نتمكّن من إعادة الأسرى، مضيفة: «حماس» تملك الكثير من الأسلحة، ‏موضحاً أنّ الحركة لم تشعر أساساً بالخطر، بل تعلم أنّها ستصمد.‏
من جانبه، رأى مسؤول عسكري إسرائيلي أنّ القرارات التي يتّخذها المستوى السياسي ‏الإسرائيلي بشأن الحرب لن تؤدي إلى نتائج جيدة، محذراً من التداعيات السلبية للحرب على ‏الاقتصاد، قدرة البقاء، استمرار التجنيد في الجيش والردع.‏
وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية مقالة أكدت فيها أن ‌‏«حماس» تمكنت من الحفاظ على قدرتها العسكرية، مشيرة إلى أن«حماس» تركز بلا هوادة ‏على تحقيق الاكتفاء الذاتي، موضحةً أنّ هذا يشمل القدرة على إنتاج الأسلحة والمتفجرات ‏الخاصة بها، وتنفيذ عمليات معقدة تشمل الآلاف من المشاركين، مع الحفاظ على السرية ‏التامة.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار