ليست نهاية العالم !
احذر أن يذهب بك العمر من دون أن تعرف من هو بداخل روحك من لا يفارقك دائماً.. مهما اشتدت المحن والنوائب ستجد نوراً في قلبك يقودك إلى الطريق.. فاتبع ذلك النور وستجد وداً حتى في أصعب اللحظات.. واليوم نسمع طبول الحرب تدق في قارات العالم على اختلاف خطوط الطول والعرض، وتصدمنا الكوارث الطبيعية وقد نتذكر لحظات الزلزال التي مرت بنا وأيام الحرب وأيام الشدة ولحظات كانت كالسحاب الذي يحجب ضوء الشمس..لكن الصبر والعزيمة كانا البرهان على تلك القوة التي يتمتع بها البشر وهي كما أحب أن أسميها قوة الدفع التي تعطي التوازن للحياة فيولد من كل ضعف قوة، ومن كل حزن فرح، ومن كل ضيق فرج .
اليوم من دون قصد تتوالى على الذاكرة تلك الأفلام التي وضعت الكثير من السيناريوهات لنهاية العالم والتي كانت تنتهي بظهور نهار جديد
ومن الجميل أن نرى في أدبنا وتراثنا الكثير من الحكم والأشعار الجميلة التي تقوّي من العزيمة والجلد وتحث الناس على الوقوف في وجه الشدائد، ولعل من أجمل ما قرأت تلك القصيدة الجميلة يقول فيها :
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ / وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي /فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً /وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ
وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا / وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ / يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً / فَإِنَّ شَماتَةَ الأعداء داءُ
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ / فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي / وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ / وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ / فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا / فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن / إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ / فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ
وأنظر في ذاكرتي فيضيء ذلك المشهد.. بينما كانت السفينة تصارع الغرق وسط الأمواج بعد أن اصطدمت بجبل الجليد كان الناس يتدافعون للركوب في قوارب النجاة الصغيرة القبطان كان يصرخ بتلك الحشود لإتاحة الفرصة للنجاة أمام الأطفال والنساء، وفي حين كانت حمولة القوارب من الارستقراطيين والأغنياء كانت الأسر الفقيرة تمسك بيد بعضها البعض وتتلو الصلوات بانتظار الغرق الرحيم..في هذا المشهد الذي يتذكره جيداً كل من شاهد فيلم ” التيتانيك” وهي تغرق في البحر يحضر إلى ذهني موقف جميل يبادر به أحد الموسيقيين فيعمد إلى حمل كمانه والعزف وسط حالة الهلع لتهدئة النفوس المضطربة وشيئاً فشيئاً ينضم إليه رفاقه يشاركونه العزف في أشد اللحظات قسوة واقتراباً من الموت ما يدفع البعض إلى الانضمام اليهم والإصغاء لتلك اللحظات الأخيرة من أنفاس الحياة بسلام وهدوء.
لطالما كانت الفنون والموسيقى شفاء حتى في أحلك اللحظات وأقساها على البشرية ما جعل الكثير من الموسيقيين والفنانين يبذلون ما لديهم من موسيقى وألحان جميلة تخفف أحزان العزلة والوحدة والحجر أيام جائحة كورونا .. وما أكثر ما سمعنا عن دور الأوبرا التي تعيد نشر الكثير من حفلاتها على مواقع التواصل للسماح لأكبر شريحة مهتمة أن تقضي وقتاً جميلاً مع موسيقاهم الجميلة والمفضلة .