الميزة الخصوصية للمنتجات الوطنية ورهان البقاء.. هل تتمكن من مقارعة المستورد والتغلب على قلة الإنتاج؟

تشرين_ رشا عيسى:
الميزة الخصوصية للمنتجات السورية على اختلاف أنواعها من زراعية وصناعية وتجارية تعد بيضة القبان في العملية الاقتصادية الوطنية والتجارة الخارجية، والتي دخلت في أزمة خسارة جزء من هذه الميزة مع اعتماد صناعات وزراعات وافدة لا تحمل مزايا الخصوصية التي تشتهر بها المنتجات السورية، ربما بسبب الاتجاه نحو البدائل المستوردة التي تكون أرخص سعرياً وأكثر شهرة من المنتج المحلي، إضافة إلى أن الحرب والأزمة الاقتصادية اللاحقة أضرتا بكل القطاعات، وأفقدتانا هذه الميزة النابعة من ثقافتنا المحلية، وقدرتنا على استثمار متعلق بالنهج والثقافة المحلية لكل منطقة.

أسباب يجب عدم إغفالها
الباحث في الاقتصاد الزراعي الدكتور مجد نعامة شرح لـ«تشرين» أن هناك عدة أسباب رئيسية لإغفال الميزة الخصوصية للمنتجات السورية، سواء الزراعية أو الصناعية منها:
أولاً: التحول نحو البدائل المستوردة حيث غالباً ما يتجه المستهلكون والتجار نحو البدائل المستوردة التي قد تكون أرخص أو أكثر شهرة، ما يهمل الميزات الخاصة للمنتجات المحلية، وهذا يؤدي إلى تراجع الطلب على المنتجات السورية وخسارة حصتها في السوق.
ثانياً: التسويق والترويج غير الكافي، حيث سُجل نقص في التسويق الفعال للميزات الخاصة للمنتجات السورية، مثل الجودة والخصائص البيئية والتراثية، إضافة إلى عدم وجود حملات ترويجية قوية لتعريف المستهلكين بهذه الميزات.
ثالثاً: المنافسة مع المستوردات، حيث تبدو في بعض الأحيان المنتجات المستوردة أرخص أو أكثر جاذبية من الناحية التسويقية، ما يجعل من الصعب على المنتجات السورية المنافسة، وغياب السياسات الداعمة للإنتاج المحلي وحمايته من المنافسة غير العادلة.
رابعاً: التغيرات الاقتصادية والسياسية، حيث أدت الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي مرت بها سورية إلى إهمال الاستثمار في الميزات الخاصة للمنتجات المحلية، والتركيز على القضايا الأكثر إلحاحاً على المدى القصير بدلاً من الاستثمار الطويل الأمد، لذلك فإن معالجة هذه العوامل والعمل على تعزيز وتسويق الميزات الخاصة للمنتجات السورية أمر حيوي لحماية هذه الصناعات وتطويرها على المدى الطويل.
ميزات تاريخية
بدوره الباحث الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس تحدث لـ«تشرين» عن الميزات الزراعية والصناعية والتجارية التي تتميز بها سورية والتي كانت سابقاً تحقق الاكتفاء الذاتي، وكانت المنتجات المحلية مرتبطة بالتاريخ، وعلى سبيل المثال القطاع التجاري في دمشق يتصف بالعراقة، وكذلك الصناعة بحلب التي لازمتها صفة العراقة مع الطابع الخاص للصناعة الحلبية والزراعة في حوران والقطن والقمح للمناطق الشرقية .
وأهم ما كان يميز المنتجات المحلية هو توفر البيئة المناسبة للإنتاج والتكلفة بحدها الأدنى والمياه متوفرة للزراعة والبنية التحتية للصناعات أيضاً متوفرة، وكانت المنتجات السورية تتميز بالطابع الخاص الموغل بالمحلية وكلما اتجهنا نحو بدائل فقدنا هذه الميزة.

غياب البنية التحتية المشجعة
الحقيقة أن الحصار الاقتصادي، وانخفاض البنية التحتية المشجعة على الإنتاج فرضا على المنتجين الاكتفاء بالحد الأدنى، حتى أصبحت عملية الاستيراد لبعض المواد أقل تكلفة من إنتاجها محلياً في هذا الوقت.. فالبدائل فرضت علينا ولم تكن خياراً، كما يرى الجاموس بموجب البيئة الاستثمارية المريضة، ومفرزات الحرب التي فرضت على الصناعيين التوجه نحو دول أخرى، وكانت لدينا ميزة مهمة جداً نقول مثلاً: الحلويات الدمشقية والراحة الحورانية والهريسة النبكية هذه التسميات موجودة فقط في سورية وأصبحت منتشرة باستثمارات كبيرة في كل الدول التي كانت محل هجرة للسوريين.

فوضى مجتمعية
اليوم هناك (فوضى مجتمعية)، كما سماها الجاموس ونحتاج إلى ما يمكن تسميته (سكينة مجتمعية)، يجب أن نعود ونحقق الإيمان بالمنطقة الخاصة بنا وبمجتمعاتنا، ومع تحسن الوضع الاقتصادي مستقبلاً رأى الجاموس أنه من الأفضل أن نجهز لـ(مهرجانات إيمانية) بثقافة مجتمعنا ونؤمن بمجتمعاتنا ومزايانا لنكون قادرين على مساعدة بلدنا لتحسين الوضع بشكل عام، سابقاً كانت حلقات الإنتاج متوفرة وكان لدينا فائض للتصدير وأعطانا القدرة على تحقيق استقرار في سعر الصرف لأكثر من عشرين عاماً، واستقرار سعر الصرف كان سبباً بقوة الإنتاج المحلي.
واقترح الجاموس أن نعمل على دعم الثقافة المحلية لكل منطقة، والإيمان بخصوصية كل منطقة، وتقديم تسهيلات للمنتجات التي تتميز بها كل منطقة، مثلاً إعطاء تسهيلات ائتمانية للصناعيين والتجار في دمشق وحلب، وإعطاء ميزات دعم مثلاً للمصرف الزراعي في درعا والمنطقة الشرقية وتحقيق تسهيلات ائتمانية للزراعة وكذلك لصناعة الأدوية ونعطي ميزات لزيادتها في حمص مثلاً ونكون قادرين على تصدير الإنتاج.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار