انخفاض قطيع الثروة الحيوانية بنسبة 30% للأغنام و 40% للأبقار والدواجن خلال الحرب
تشرين – ميليا اسبر:
قطاع الثروة الحيوانية أحد القطاعات المهمة في الزراعة والاقتصاد المحلي لدوره في تحقيق الأمن الغذائي، ومساهمته بالناتج المحلي الإجمالي، وكذلك تأمين القطع الأجنبي لخزينة الدولة كعوائد لصادرات الحيوانات والمنتجات الحيوانية، وتقدر مساهمة الإنتاج الحيواني بنسبة 36% من قيمة الإنتاج الزراعي الذي بدوره يسهم بنسبة 39% من الناتج المحلي الإجمالي، وتالياً أي تغير يصيب هذا القطاع، سيؤثر على نسبة المساهمة في الاقتصاد الوطني، حسبما أكده معاون وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية والتنمية الريفية الدكتور رامي العلي في حديثه لـ” تشرين”.
و أوضح د. العلي أن وضع الثروة الحيوانية بشكل عام مستقر رغم الظروف الصعبة، وهذا الاستقرار سيكون بمثابة حجر الزاوية الأساسي في تنمية القطاع مستقبلاً، حيث إن غياب الأمراض الوبائية وامتلاك عروق نوعية، ولاسيما الأغنام، مثل العواس أو الماعز الجبلي أو الماعز الشامي، يعطي هذا القطاع قيمة مضافة يمكن البناء عليها مستقبلاً في تطويره وتوفير فرص استثمارية أكبر، وخاصة مع مرحلة التعافي من الأزمة التي بدأت بوادرها تظهر.
استنزاف القطيع
وكشف د.العلي أن أهم أسباب استنزاف قطيع الثروة الحيوانية هي الحرب الجائرة التي أدت إلى نفوق نسبة من القطيع والذبح الاضطراري وارتفاع وتيرة الاتجار غير المشروع بها، إضافة إلى غلاء مستلزمات التربية والإنتاج والحاجة للأعلاف التي تشكل لوحدها من 70-75% من إجمالي تكاليف التربية نتيجة العقوبات المفروضة على البلد، كما إن للتغيرات المناخية أثراً كبيراً وسلبياً على المراعي الطبيعية، إضافة إلى عدم تمكن المربين من الرعي في منطقة البادية لوجود الألغام، لافتاً إلى أنه نتيجة لما سبق اضطر الكثير من المربين لبيع أجزاء من قطعانهم من أجل تغطية تكاليف الجزء المتبقي لديهم، ما أدى إلى تضاؤل الإنتاج وانعكس ذلك سلباً على قطاع الثروة الحيوانية في القطر.
د. العلي: خطة مستقبلية لترميم القطيع وإعادته لازدهاره وألقه
وأضاف: إن نسبة انخفاض الثروة الحيوانية خلال فترة الحرب تقدر بـ30% من قطيع الأغنام و40% من قطيع الأبقار وقطاع الدواجن، وإن أعداد الثروة الحيوانية على المستوى الوطني بحسب إحصائية وزارة الزراعة عام 2023 بلغت 841437 رأساً من الأبقار، و 18.56 مليون رأس من الأغنام، أما الماعز فوصلت أعدادها إلى 2.192.379 رأساً، منوهاً بأن هذه البيانات مكتبية تأشیریة بسبب صعوبة الوقوف على الواقع الفعلي لأعداد الثروة الحیوانیة، علماً أنّ الأعداد في المناطق الآمنة تشكل 60% من العدد الإجمالي.
بحسب إحصائية وزارة الزراعة عام 2023 بلغت 841437 رأساً من الأبقار، و 18.56 مليون رأس من الأغنام، أما الماعز فوصلت أعدادها إلى 2.2 مليون رأس
مشكلات قطاع الثروة الحيوانية
وعن مشكلات القطاع في قطاع الثروة الحيوانية، أكد د.العلي أن أهمها ارتفاع تكاليف التربية، وخروج عدد كبير من مراكز الأعلاف، وكذلك مراكز تجفيف مادة الذرة الصفراء عن الخدمة والتي كانت تؤمن رصيداً جيداً من مادة الذرة الصفراء لإدخالها بالخلطات العلفية، إضافة إلى تراجع حركة الرعي الطبيعي وكميات المحاصيل الزراعية عموماً والتي كانت تشكل أعلافاً للمواشي كالشعير والبقوليات، ونوه أيضاً بارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً، و خاصة في ظل الصعوبات التي تواجه عملية استيرادها، ما أدى إلى انخفاض كمياتها في الأسواق المحلية وارتفاع أسعارها، ما زاد من تكلفة التربية، مؤكداً أن كل تلك المشكلات سوف تلقي بظلالها على كميات وأسعار المنتجات الحيوانية، ولاسيما مشتقات الألبان واللحوم الحمراء و البيضاء والبيض وغيرها.
و بمقارنة بسيطة، نجد أن كميات مشتقات الألبان المصدرة في العام 2010 بلغت أكثر من 63 ألف طن، حيث انخفضت في العام 2023 إلى /8.783/ طناً، وكذلك الجلود المصدرة انخفضت من 9.3 آلاف طن في العام 2010 إلى 2.07 ألف طن، في العام 2023 على سبيل المثال لا الحصر.
التصدير وفق ضوابط محددة
ولدى السؤال؛ لماذا سمحت الوزارة بتصدير الأغنام إلى الخارج مادام أنه يوجد نقص كبير بالثروة الحيوانية؟
أجاب د.العلي بأنه تم السماح بتصدير ذكور الأغنام و الماعز الجبلي بموجب توصية اللجنة الاقتصادية بجلستها رقم 63 تاريخ 29/11/2023، وهنا تجدر الإشارة إلى أن السماح بالتصدير لم يكن عشوائياً، بل وفق ضوابط محددة بالاتفاق بين الجهات المعنية (وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي – وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية – وزارة المالية )، ووفق التوصية المذكورة، فقد سمح بالتصدير طيلة العام باستثناء فترة التكاثر الممتدة لأربعة أشهر ( من 1/12 و لغاية 31/3 من كل عام)، موضحاً أنه تم تحديد العدد المسموح بتصديره بـ/100/ ألف رأس قابل للزيادة حسب أثر عملية التصدير على السوق المحلية، وأن العدد الذي تم تصديره حتى الآن وصل إلى /25/ ألف رأس و لم يؤدّ حتى تاريخه إلى ارتفاع أسعار اللحوم، بل بقيت في وضع مستقر، علماً أن عوائد تصدير الأغنام من القطع الأجنبي التي تدخل خزينة الدولة يمكن أن تستخدم في تأمين مستلزمات قطاع الثروة الحيوانية كالمواد العلفية وغيرها، والتصدير كذلك سيؤمن دخلاً جيداً للمربين، يساعدهم على الاستمرار بعملية التربية.
معاون وزير الزراعة: العدد الذي تم تصديره حتى الآن وصل إلى /25/ ألف رأس و لم يؤدّ حتى تاريخه إلى ارتفاع أسعار اللحوم، بل بقيت بوضع مستقر
وفيما يخص الاستيراد، كشف د.العلي أن ما تم استيراده حالياً هو العجول و الأغنام المعدة للذبح المباشر، حيث تم هذا العام استيراد /2941/ عجلاً، و كذلك /1940/ رأساً من الأغنام، منوهاً بأنّ هذا النوع من الاستيراد يساهم في استقرار أسعار اللحوم في السوق المحلية، حيث لم يلاحظ أي ارتفاع للأسعار بعد البدء بالتصدير، بل انخفضت الأسعار نسبياً خلال الشهرين السابقين.
تم هذا العام استيراد /2941/ عجلاً و /1940/ رأساً من الأغنام
ترميم القطيع
أما فيما يتعلق بإجراءات ترميم القطيع، فذكر د.العلي أنه بالنسبة للاتجاه نحو الزيادة العددية، فقد تم استيراد الأبقار البكاكير ذات الإنتاجية المرتفعة والصفات الوراثية العالية القيمة لرفد القطيع المحلي ونشر تلك الصفات في الحقل، حيث استوردت المؤسسة العامة للمباقر خمسة آلاف بكيرة في عام 2017 وزعت منها /2000/ بكيرة للمربين عن طريق المصرف الزراعي بموجب قروض ميسرة ودعم سعر، وحالياً المؤسسة بصدد استيراد /1000/ بكيرة .
تحسين الإنتاجية
بينما عن الإجراءات المتخذة بهدف تحسين الإنتاجية، أوضح أن مشروع نشر وتعميم التلقيح الاصطناعي يعتبر من المشاريع المهمة والمجانية التي تقوم بها الوزارة والذي يهدف إلى تحسين إنتاجية الوحدة الحيوانية من اللحم والحليب، وبالتالي زيادة المردودية للمربين وتحسين دخلهم من خلال الحصول على مواليد ذات صفات وراثية جيدة.
خطة مستقبلية
وذكر معاون وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية أنه يوجد خطة مستقبلية تهدف إلى إعادة القطيع كمان كان قبل الحرب، أبرزها الاستمرار ببرنامج الترقيم الوطني للثروة الحيوانية بهدف تأسيس سجل للقطيع وتوفير قواعد بيانات تفضي لمراقبة أداء القطعان لتحسين إنتاجيتها وكذلك الحصر الدقيق لأعداد القطعان، وأيضاً تشجيع التوسع في زراعة بعض المحاصيل العلفية، ولاسيما في المناطق المناسبة لزراعتها كالذرة الصفراء وتجهيز مجففات خاصة لها لتقليل الاعتماد على الاستيراد وضمان توفر تلك المواد العلفية بأسعار مناسبة، مشيراً كذلك إلى متابعة تنفيذ حملات التحصين الوقائي لقطعان الثروة الحيوانية في إطار الخطة الوطنية للتحصينات الوقائية في الفترات الزمنية المحددة و تقديم اللقاحات اللازمة وإيصالها لجميع مربي الثروة الحيوانية، وأيضاً تطوير العمل المخبري وتحديث المخابر البيطرية في الوزارة والاستمرار بتقديم خدمة التشخيص المخبري المجاني لأمراض الثروة الحيوانية من خلال المخبر المركزي في مديرية الصحة الحيوانية أو المخابر البيطرية في مديريات الزراعة في المحافظات حسب إمكانات كل مخبر، وتفعيل دور مراكز البحوث، ولاسيما التي كانت متوقفة نتيجة الأزمة لمتابعة عملها واستكمال البحث العلمي في مجال الحفاظ على الثروة الحيوانية وتحسينها والوصول للطرق العلمية والاقتصادية المؤدية لزيادة إنتاجية قطعان الثروة الحيوانية.
ونوه بمتابعة تأهيل المباقر والمداجن التي تسببت الأزمة بخروجها عن الخدمة ورفدها بالقطعان عن طرق الاستيراد أو بالشراء من السوق المحلية وفق الشروط المحددة بهذا الخصوص، لافتاً إلى أنه انطلاقاً من ذلك يجب العمل على استيراد الأبقار من الدول الممكن الاستيراد منها، وذلك من خلال المناقصات التي يتم الإعلان عنها عن طريق المؤسسة العامة للمباقر وتوزيع الأبقار المستوردة على محطات المؤسسة أو بيعها للمربين بأسعار مناسبة أو قروض ميسرة.