إنجاز علمي.. علماء يكتشفون طريقة تجعل الجلد شفافاً

تشرين:
لطالما كانت الأنسجة الحيوية عقبة أمام العلماء لفحص الأعضاء الداخلية للجسم بشكل مباشر، ‏ورغم أن تقنيات مثل التصوير المقطعي المحوسب والأشعة السينية والتصوير بالرنين ‏المغناطيسي قد توفر بيانات مهمة عن التركيبة الداخلية للجسم، فإن الصور نادراً ما تكون ‏واضحة تماماً وقد تأتي مع آثار جانبية مثل التعرض للإشعاع.‏
لكن اكتشافاً جديداً قد يغير هذا الوضع بشكل جذري، حيث تمكن فريق من الباحثين في ‏الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً من تطوير تقنية مبتكرة تجعل الجلد والعضلات شفافة ‏بشكل آمن ومؤقت، ما يسمح برؤية الأعضاء الداخلية بوضوح.‏
ويعد هذا الإنجاز، المسجل في دراسة منشورة في دورية «ساينس»، خطوة مهمة نحو تحسين ‏التشخيص الطبي وفهم الأمراض المعقدة مثل السرطان وأمراض الجهاز الهضمي.‏
التقنية الجديدة تعتمد على استخدام صبغة طعام شائعة تعرف باسم «التارترازين»، وهي ‏الصبغة نفسها المستخدمة في العديد من المنتجات الغذائية، ولكن الغريب في هذا الابتكار هو بساطته، ‏حيث يتم وضع الصبغة موضعياً على الفئران حيث تحول جلد فئران إلى مادة شفافة.‏
وتقول الدراسة: بمجرد انتشار صبغة «التارترازين» ذات اللون الأصفر بالكامل في الجلد، ‏يصبح الجلد شفافاً خلال بضع دقائق، ويتم عكس ذلك التأثير بغسيل المادة حتى يعود الجلد إلى ‏حالته الطبيعية.‏
من جانبه، وصف الأستاذ المساعد للفيزياء بجامعة تكساس الأميركية والمشارك في الدراسة، ‏زيهاو أو، التجربة بأنها «تبدو كأنها خدعة سحرية»، وفقاً لموقع شبكة «سي إن إن» ‏الأميركية.‏
ويشرح زيهاو قائلاً: الصبغة الصفراء هي جزيء يمتص معظم الضوء وخصوصاً الضوء ‏الأزرق والأشعة فوق البنفسجية، والجلد هو وسط مشتت للضوء.. ويحجب هذان العنصران ‌‏(الصبغة الصفراء والجلد) منفردين معظم الضوء من المرور عبرهما، ولكن عندما وضعناهما ‏معاً، تمكّنا من تحقيق شفافية الجلد.‏
وأضاف زيهاو أو: حتى الآن، اختبرنا الأنسجة الرخوة فقط، بما في ذلك الدماغ والعضلات ‏والجلد، ولم نقم بالكثير من البحث مع الأنسجة الصلبة مثل العظام، لذلك لست متأكّداً مما إذا ‏كنا قادرين على جعل الفأر غير مرئي تماماً.‏
وعبر حقن المادة “السحرية”، تمكّن الباحثون مباشرةً من مراقبة الأوعية الدموية في سطح ‏الدماغ عبر الجلد الشفاف للجمجمة، كما كانت الأعضاء الداخلية في البطن وتقلصات ‏العضلات وحركة الأمعاء عبر الجهاز الهضمي مرئية للعين المجردة.‏
ويتطلّع العلماء إلى اختبار الأمر على البشر، حيث يأملون في تطبيقه بمجال الرعاية الصحية، ‏بهدف جعل الأوردة أكثر وضوحاً لسحب الدم والمساعدة في الكشف المبكر عن سرطان ‏الجلد.‏
وعلى الرغم من أن التقنية حققت نجاحاً ملحوظاً في الفحوصات الحيوانية، فإنها لم تُختبر ‏بعد على البشر. ولذلك فإن التحدي الأكبر الآن يكمن في التأكد من سلامة استخدامها على ‏الأنسجة البشرية. ويشير الباحثون إلى أن العمل جارٍ على تحقيق ذلك، ويتوقعون أن هذه التقنية ‏قد تفتح أبواباً جديدة في مجال التشخيص الطبي غير الجراحي.‏
الجدير بالذكر أنّ تلك الصبغة الاصطناعية تستخدم في تحضير بعض المأكولات لإكسابها ‏اللون الأصفر أو البرتقالي، كالحلويات والآيس كريم والمخبوزات، ولكن يحذّر باحثون من ‏مخاطر صحية محتملة من هذه المادة حيث ربطت دراسات بين استهلاكها وصعوبات التعلم ‏وانخفاض الانتباه لدى الأطفال.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار