أراضينا الزراعية الخصبة أرض العطاء و الفرص الضائعة.. وهذه هي الأسباب
تشرين – محمد فرحة:
لا أحد يستطيع أن ينكر جهود الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية لجهة محاولاتها وتجاربها وعمق أبحاثها من أجل الوصول إلى سلالات من أصناف القمح، تعطي مردوداً مميزاً في وحدة المساحة. لكن شروط ذلك شيء والواقع على أرض المزارعين شيء آخر، فشتان بين التنظير و الواقع، بل دائماً ما تردد وزارة الزراعة وتضرب حجم المساحات المزروعة مع توقعاتها الإنتاجية وفقاً لتقديرات البحوث العلمية الزراعية، حيث لا تنظر بعين الرضا إلا على حجم الإنتاج من دون أن توفر شروط هذا الإنتاج ولو في حدّها الأدنى.
ووفقاً لذلك، لاحلم يتحقق للمزارعين في الأمد المنظور بإنتاج وفير، يكفي حاجتنا من القمح لصناعة الرغيف ويخفض في أضعف الايمان من حجم المشتريات المستوردة. فإذا عطشنا يجب أن نحفر بئراً بدلاً من إقامة صلاة الاستسقاء، انطلاقاً من المقولة الكريمة اعقلها وتوكل، أي اعمل ثم توكل.
وكي لا نطيل أكثر، سنتوقف مع ما ذكره الدكتور سلطان اليحيى خبير البحوث العلمية الزراعية والمختص في شأن القمح وتحسين سلالاته وأصنافه لـ “تشرين”.
حيث أوضح أن كمية الإنتاج لأي صنف من أصناف القمح المعتمدة، تأتي من خلال سلسلة محكمة من الأبحاث والتجارب على مدار سنوات، تتراوح مابين الـ١٢ و١٥ سنة في عدة مواقع بيئية مختلفة، آخرها تجارب في الحقول التشاركية الموسعة مع الفلاحين.
كما تطرق الدكتور اليحيى إلى أهمية وضرورة الالتزام بتطبيق الحزمة التكنولوجية.
وماهي هذه الحزمة وهل باستطاعة المزارعين تأمينها ؟
يجيب موضحاً: لابد من التقيد بمعدلات البذار و السماد ومواعيد إضافتها ومواعيد الزراعة الأمثل، وتحضير وإعداد التربة بشكل جيد، والتقيد بالدورات الزراعية وعدد الريات، ومواعيد كل من الريات في حال كانت الزراعة مروية، وكذلك طريقة الري وتوقيتها ومكافحة الأعشاب الضارة وطريقة الحصاد مع عدم التأخير، وخاصة إن كان الصنف طرياً.
وأنهى حديثه بشرح إنتاج القمح العالي في وحدة المساحة، بأن هناك أيضاً طريقة الحصاد، فإذا التزم المزارعون بتطبيق وتنفيذ هذه الحزمة، فحكماً ستكون النتائج المستحصل عليها قريبة من نتائج البحوث المعطاة.
بدورنا نتساءل: كيف كان مزارعونا قديماً يحتفظون بحاجتهم من بذار القمح من مواسمهم بعيداً كل البعد عن هذه الإجراءات الفلسفية العلمية؟ بل هل وفرت الحكومات السابقة منذ أكثر من عشر سنوات هذه المستلزمات من حاجة الدونم الواحد من القمح والذي يصل من ١٥ – ٢٥ كغ ؟
ثم إن الدكتور يحيى تطرق في حديثه إلى طريقة الحصاد، فهل هناك طرق متعددة للحصاد غير بالحصادة، فمن اليوم يجني محصوله بالمنجل؟
بالمختصر المفيد: كما أشرنا في مقدمة موضوعنا إلى أن الزراعة اليوم تعتمد على التكنولوجيا العلمية، وتعميق البحث العلمي لاستنباط أفضل السلالات البذرية بحثاً عن مردود عالٍ في وحدة المساحة، لكن كل هذا وذاك لايتحقق ما لم تتوافر أهم المستلزمات، الأسمدة ، والمحروقات لزوم ضخ المياه من الآبار غير الكهربائية، فكل ذلك غير متوفر إلا في حدّه الأضعف والأقل، والذي يمكننا أن نطلق عليه “عينات أو مقننات”.
ختاماً أراضينا الزراعية أرض الوفرة والعطاء، لكنها للأسف أرض الفرص الضائعة.