مجموعة البريكس ودول الجنوب العالمي
يشهد العالم تغيرات جيوسياسية كبيرة تترك تداعياتها الاقتصادية على الساحة العالمية، وتجسدّ هذا عملياً في سنة /2024/ بتوجه الكتل العالمية الاقتصادية لبناء أوثق العلاقات مع دول الجنوب، ويقصد بدول الجنوب حسب السيد (جورجي هاين) مدير مركز “فريدريك باردي” لدراسة المستقبل في جامعة (بوسطن)، هي تلك الدول التي كان يطلق عليها اسم (البلدان النامية أو الأقل نمواً) التي تتواجد بشكل أساسي في ( أسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية)، وأغلبها يقع في نصف الكرة الجنوبي، وهي تختلف عن الدول الأخرى الغنية وهي دول الأطلسي ذات متوسط الدخل المرتفع، وزاد استخدام هذا المصطلح بعد انهيار الاتحاد السوفييتي سنة /1991/ .
وحالياً مع توسع دول مجموعة (البريكس) وزيادة عددها من /5/ دول إلى /11/ دولة من تاريخ 1/1/2024 وهي: الصين– روسيا- الهند -البرازيل– إيران- جنوب إفريقيا– السعودية– الإمارات– مصر – إثيوبيا– الأرجنتين، والباب مفتوح أمام انضمام المزيد من دول العالم وخاصة دول الجنوب العالمي، وستتوسع مستقبلاً حيث صرح السيد (سيرغي لافروف) بأنه يوجد /30/ دول ستقدم طلبات انضمام إلى البريكس.
ونتيجة توسع المجموعة أفقياً وتكاملها عمودياً بدأت معالم الخلاف بل الصراع على زيادة التواجد بين البريكس ومجموعة الدول السبع الصناعية وهي: الولايات المتحدة- كندا- فرنسا- ألمانيا- إيطاليا- اليابان- والمملكة المتحدة، ولأول مرة تسجل دول البريكس تفوقاً على السبع الصناعية سنة /2023/ حيث ساهمت البريكس بنسبة / 31،5%/ من الاقتصاد العالمي مقابل /30،7%/ للسبع الصناعية، ومستقبلا ستزداد الصراعات الجيوسياسية مع نظام الغرب الاستعماري، وخاصة أن البريكس بعدد سكانها البالغ /3.2/ مليارات نسمة تشكل نسبة /46%/ من سكان العالم مقابل /800/ مليون نسمة للسبع الصناعية، وتستحوذ على حوالي /40%/ من قيمة الناتج الإجمالي العالمي، وتمتلك أكثر من /60%/ من الثروات الباطنية وخاصة حوامل الطاقة ولا سيما الوقود الأحفوري من الغاز والنفط والفحم، وأكثر من /45%/ من التجارة العالمية وأكبر حصة دولية من الاحتياطيات النقدية العالمية التي يمكن مبادلتها مع عملات الدول الأخرى، وتحديدا في التعاملات البينية التجارية والتبادلات الاقتصادية، وتسعى البريكس لتشكيل منظمات دولية خاصة بها، وقد صرح الرئيس البرازيلي (لويس ايناسيو لولا دا سيلفا) بأنه يمكن لمؤسسات البريكس أن تكون بديلاً عن صندوق النقد الدولي، وترافق هذا مع تصريح السيد (أنطونيو غوتريش) في قمة البريكس الماضية في (جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا سنة /2023/ بأن النظام الاقتصادي والمالي بحاجة إلى تغيير ليكون العالم أفضل..
مع زيادة الصراعات الجيوسياسية نسأل: هل ستستطيع البريكس التحول نحو نظام عالمي جديد بقيادة ( روسيا والصين) من دفع مسيرة المجموعة نحو الأمام ومواجهة التحديات الماثلة أمامها ومنها نذكر: مواجهة التدخلات الغربية في الشؤون الداخلية لمجموعة البريكس والضغط على دولها كما حصل مثلاً مع الأرجنتين بعد استلام الرئيس الحالي (خافيير ميلي) والذي رفض الاستجابة لطلب المجموعة بمواصلة العمل لتفعيلها وقال: إن تحالفنا الجيوسياسي هو مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ولن نتحالف مع الشيوعيين، وهل ستستطيع المجموعة إيجاد منظماتها المالية الخاصة بها على غرار منظمات بريتون وودز سنة /1944/ بعد الحرب العالمية الثانية والتي ولدت في حضن الولايات المتحدة الامريكية مثل صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظومة سويفت المالية Swift …الخ )؟ وعندها ستكون بديلاً عن الغرب ومنظماته، وأيضاً بديلاً عن فيزا وماستر كارد؟ ..الخ، وهل تضع حداً لهيمنة الدولار واليورو من خلال تفعيل نظام التسويات والتجارة الدولية، وكل هذا يتوقف برأينا على مدى قدرة الدول الشرقية ( الصين وروسيا ) ومعها منظمات (بريكس وشنغهاي والاتحاد الاوراسي) وغيرها على زيادة التواجد على الساحة العالمية، نقول هذا ونحن نترقب وننتظر انضمام سورية إلى البريكس.