بخطوات مدروسة.. الإعداد النفسي والمادي للطلاب وسيلة لضمان “حصاد مميز” للموارد البشرية

تشرين- حسيبة صالح:
مع بداية العام الدراسي الجديد يتساءل كثير من الآباء والأمهات عن كيفية إعداد أطفالهم للعودة إلى المدارس بعد موسم الإجازة الصيفية الطويلة، يمكن أن تكون تجربة مليئة بالتحديات وتحمل مشاعر مختلطة لكل من الأطفال والأهل، فمن جهة يمكن أن يشعر الأطفال بالحماس للقاء أصدقائهم واستئناف الأنشطة المدرسية، ومن جهةٍ يواجهون بعض القلق والتوتر بسبب تغير الروتين اليومي والضغوط الأكاديمية، حيث لا تقصر تهيئة الأطفال للمدرسة على تحضير الحقيبة المدرسية والزي المدرسي، بل تتطلب تهيئة الأطفال نفسياً ليستقبلوا موسم الدراسة بجد ونشاط.
موسم العودة إلى المدرسة مناسبة سعيدة، بهذه العبارة بدأت (خلود) وهي أم شابة حديثها لـ”تشرين”، مبينة أنها تحدث أبناءها عن أهمية المدرسة والعلم، فهو سلاح يحميهم ويساعدهم في تحقيق أهدافهم، وهي تساعدهم في تنظيم الوقت وتعويدهم على النوم باكراً قبل أسبوع من موعد افتتاح المدارس، وتشاركهم في تسوق مستلزمات المدارس، إذ رغم الظروف الصعبة في سورية لا تحب أن يستقبل أبناؤها العام الدراسي بسلبية من أجل مستقبلهم.

مصاريف المدارس
تأمين مصاريف المدارس هو ما يشغل بال (العم صلاح) وهو موظف حكومي استهلّ حديثه لـ”تشرين”، مستغرباً فكرة تهيئة الأبناء نفسياً قبل العودة للمدرسة، مبيناً أن تكلفة ثلاثة دفاتر ومقلمة وألوان ودفتر رسم وحقيبة مدرسية تزيد على ٥٠٠ الف ليرة سورية، لذلك أصبحت العودة للمدارس مصدر قلق للأهل بسبب التكاليف المادية الكبيرة ، وصار العلم لطبقة اجتماعية مرتاحة مادياً واقتصادياً، موضحاً أن أبناءه يعملون في الصيف لتأمين مصاريف المدارس.

أسئلة للتهيئة
الاختصاصي النفسي والتربوي آدم نصير يؤكد أنه من الضروري تهيئة الأبناء نفسياً لفكرة العودة إلى المدارس بطريقة إيجابية وتخفيف التوتر والقلق في هذه الفترة من خلال عدة أمور، ولا شيء يبث الطمأنينة في نفس الابن أكثر من إحساسه بأنك معه دائماً، وينبغي أن نسأل أبناءنا مجموعة من الأسئلة التي من شأنها أن تساعدهم على العودة إلى روتين المدرسة من خلال استعدادهم للعام الدراسي الجديد مثلاً: أي المعلمات تفضل؟.. ما أجمل شيء في المدرسة؟.. ما أكثر شيء يزعجك في المدرسة؟ هذه الأسئلة ستساعده على التأقلم التدريجي والاستعداد النفسي.

ينبغي أن نسأل أبناءنا مجموعة من الأسئلة التي من شأنها أن تساعدهم على العودة إلى روتين المدرسة من خلال استعدادهم للعام الدراسي الجديد

الطفل حساس
وفي السياق ذاته يوضح نصير أهمية إنشاء روتين يومي ثابت، يمكن أن يساعد الأبناء على التكيف بشكل أفضل مع العودة إلى المدرسة ، وتحديد أوقات ثابتة (للنوم – الاستيقاظ- والوجبات)، مع الحرص على النوم الجيد خصوصاً بعد الاعتياد على السهر في فترة الصيف.
كما شدد نصير على ضرورة الابتعاد عن السخرية والانتقاد والتركيز على نقاط القوة عند الأبناء، والأهم هو عدم التركيز على نقاط الضعف وتعليمهم قبولها والعمل على تقويتها، ويجب معرفة أن الطفل حساس جداً ويتأثر بأي تجريح وكذلك بأي تشجيع، فعلينا الثناء عليه عند بذله لأي مجهود هذا سيجعله يكتسب المزيد من الثقة، ويجب على الآباء أن يعلموا الأبناء كيفية التصرف السليم مع زملائهم ومحيطهم مع التنبيه على السلوكيات السلبية والابتعاد عنها.
ويؤكد نصير على الحرص من ناحية تجهيز الأشياء الخاصة بالمدرسة في المساء وتجنب فترات الصباح، لكي نجنب الطفل التوتر بسبب العجلة، ومن الضروري أن تصحب طفلك إلى المدرسة في اليوم الأول، فهذا كفيل بأن يشعره بالأمان، والتفرغ يومياً للبقاء بعض الوقت مع الطفل والتحدث معه والاستماع له، فهذا سيعزز عنده قيمة الذات.

أنشطة للتركيز
يخبرنا نصير عن أهم الأنشطة التي تساعد على تركيز الطفل، وهي الرياضة لزيادة نشاط الدورة الدموية ومن التمارين المساعدة مراقبة عقارب الساعة لمدة دقيقة والتركيز على عقرب الثواني مع العد- الخروج مع الطفل إلى الحديقة، واطلب منه أن يصف لك ماذا يرى ويسمع- النظر إلى شيء معين مثل قطعة فاكهة أو كوب ماء ووصفه بشكل دقيق- قراءة بعض الجمل واجعله يعد لك الكلمات، ومن الضروري الحرص على تناول غذاء صحي والأهم وجبة الفطور(البيض -الخضراوات -الأسماك -البقوليات -العصائر الطبيعية – وكذلك الشوفان والتمر) والابتعاد عن الإكثار من الحلويات والأطعمة المصنعة مع شرب كميات كافية من الماء، والعمل على توفير بيئة مناسبة وهادئة تساعده على التركيز وخالية من التشتت والاهتمام بأن تكون الإضاءة جيدة.

مبدأ المكافأة
ويضيف نصير: يجب تفعيل مبدأ المكافأة عن طريق تقديم مكافأة صغيرة عند اجتياز الطفل أي اختبار بعلامات عالية وإظهار الاهتمام عند الدراسة عن طريق تقديم الدعم والتشجيع المستمر ومساعدته على وضع خطة أسبوعية تمكنه من إدارة الوقت بشكل جيد، وذلك عن طريق تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة ومتعددة، والحرص على أخذ قسط من الاستراحة في أوقات الدراسة، لأن ذلك سيساعد الطفل على التركيز، والابتعاد عن التعنيف والضرب، فهذا من الأساليب التي تؤدي إلى نتائج عكسية، واستبدل عبارات التعنيف بعبارات توجيه: مثلاً إذا رأيته يرمي كتبه على الأرض، تقول له: “ما رأيك بأن تضعها على الطاولة لكي يسهل عليك إيجادها عندما تريدها”، كما يجب علينا الاهتمام بالطفل وإعطاؤه جزءاً من وقتنا فربما يكون السلوك السلبي عبارة عن ردة فعل لشعوره بالإهمال من قبل الأهل.

التواصل مع المعلم
وطلب نصير من الآباء التحدث مع معلمي الأبناء باستمرار، وتزويدهم بسلوكياتهم داخل المنزل، وأيضاً تزويد الأهل من المعلمين بسلوكيات الطفل داخل المدرسة، ومشاركة أخبار العائلة المهمة مع المعلم مثل حالات الوفاة أو حالات المرض ليراعي المعلم الحالة النفسية للأبناء، والحرص على حضور اجتماعات الأهالي، فهذا من شأنه أن يجعل الأهل يناقشون كل القضايا التي تخص طفلهم وتقديم الشكر بشكل مستمر للمعلم ودعمه، وعدم التأثر بالآراء السلبية حول المعلم وخاصة إذا كانت من الطفل، فالمعلم اختار مهنة التعليم لأنه يحب الأطفال ويرغب في مساعدتهم، لافتاً إلى الانتباه لضعف التركيز عند البكاء المستمر للطفل والملل أغلّب الأوقات والنوم الزائد مع التغير في الأداء الدراسي والخجل والانسحاب من الأنشطة الجماعية والخوف المفرط والشكاوى الجسدية المتكررة من دون وجود سبب لنقوم بمساعدة الطفل نفسياً.

أخيراً
نقول لكل أم وأب وللمعلمين ولكل من له صلة بالعملية التعليمية والتربويّة: إن لأبنائنا حقاً علينا، حتى نعدهم الإعداد السليم ونزرع فيهم روح العطاء والإبداع والابتكار والعلم النافع وتوجيههم التربية الحسنة، فحصاد الموارد البشرية غاية يجب أن تكون من أهم مرتكزات التنمية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار