«مغلقٌ أنا»… ديوان جديد تنفتح فيه أحاسيس الشاعر أكرم الحسين
تشرين – لمى بدران:
مغلقٌ أنا … هو “حانةٌ تَعبَتْ من روادها السّكارى فكسرَت الخوابي وحطمت الصور العارية، وجلسَت تحتسي كأسها وحيدة”، هذا ما كتبه الشاعر أكرم الحسين على غلاف كتابه الجديد معلناً ولادة عمل جديد يعكس فيه تطور تجربته الشعرية.
بدأت المجموعة بقصيدة “مغلق أنا” وهي حالة أكرم الشخصية الخاصة في زمن كان يشعر فيه بأن كل ما حوله مغلق تماماً، وهي التي جمعت حولها بقية القصائد لذلك يقول: إن هذه القصيدة تحديداً هي “أم الكتاب”، وكان هناك تنوّع بالمواضيع ومعظمها رغم خصوصيتها وحساسيتها منفتحة على الآخر، وهذا الديوان ليس التجربة الأولى له بل كان قبله كتابه الأول “ظلال متعبة” لكن العمل الثاني جاء ليعطي نقلة جديدة وآفاق متطورة.
مغلقٌ أنا
قفلٌ استوطنه الصدأ
حطم أسنانه،
وتركهُ باكياً، يتوسل باباً مهجوراً
تحت كومةٍ من الرّكام!
بعد قليل
سأبحث عن مخرج جديد،
عن أنشوطة متينة
تحتمل هذا الجسد الثقيل
تغنّي له
تهزّ خصرها
على وقع لحنٍ مكتوم
وأنفاسٍ تغادر بعيداً
عبر ثقبٍ صغيرٍ من الحرية!
أفصح الشاعر أكرم في حديث لـ”تشرين” عن بعض القصائد التي يعمل عليها حالياً وقال: سأذيع سراً مجموعتي القادمة وهي تحت الطبع بعنوان (كمأة) وفيها قصائد من الوقت نفسه الذي كنت اشتغل فيه على ” مغلق أنا” ولكن بحالات مختلفة، وأضاف لنا حول رسالته الأهم التي أراد إيصالها من “مغلق أنا”: الرسالة هي المحبة الخالصة، فقد خُلقت معظم قصائد مغلق بين مجموعة من الأصدقاء كنا نجتمع معاً بمحبة صباحاً ومساءً نستمع لبعضنا ونتعاون بإنجازاتنا، لذلك كتب العديد من أصدقائي حول هذا العمل بأنه ليس لأكرم بقدر ماهو لهم، فأنا أكتب لي وللآخر…
حول المجموعة يعدّ الناقد أحمد علي هلال أن “هذه المجموعة الشعرية هي علامة للشاعر في منجزه الشعري لأنها تمثل ذروة في تجريبه الشعري واستثماره لتقنيات شعرية متعددة، لاتُختزَل فقط بالانزياح والتوريات أو السرد كخصاصية جمالية بل بالسعي لتمثله خصوصيته وخصوصية قوله الشعري المفتوح في نصوص تتراسل فيها الحواس وتنفتح على مديات التأويل، انطلاقاً من العنوان وهويته القابلة للتأويل المنتج فضلاً على أنه مشبع بالاختبارات والاختمارات التي تعني كينونة القصيدة وتشكيلها ومعمارها الفني وثيماتها المتعددة نصوص مرآوية عملت على تقطير الخيال وتأثره بالمحلوم به والمفكر به واللامفكر به، نصوص تتعلق بحداثة الشكل والمضمون وانفتاح لغة شعرية ثرية بمحمولاتها الوجدانية والوجودية.
كذلك يصف الأديب والإعلامي عماد نداف الشاعر أكرم بأنه الرجل الوحيد، ويتحدّث عن المجموعة مركّزاً على الفرق الكبير بين العزل والعزلة، ليكشف بعدها مافي ثنايا سطور الشاعر من عزل في بيئة اجتماعية ما، وهي مدينته التي هي مثله ويختلط فيها العام بالخاص فيصبح الخاص أي روح الإنسان المقهور جزءاً من العام أي المدينة التي يحبها، وتصبح المدينة المقهورة وعاء النفس البشرية في أقسى ظروفها، إذاً يبدو هناك برأيه ما بين الداخل المغلق والخارج المغلق إنساناً يهرب في تجربة العزلة والعزل معاً إلى حبال يتعلق بها، ومن هذه الحبال (الحب، المرأة، الحياة، النبض…الخ).
أخيرا نستطيع القول إنه لاشك بأن تجربة الشاعر الحسين على خصوصيتها وحساسيتها العالية، تعكس مشاعر رجل يحمل آلام وطن وحرية النزف وأوراق البوح.