«ملف تشرين».. الخط الحديدي الحجازي مقطع الأوصال.. والمؤسسة العامة تلوح بتقارير «الوقوف على الأطلال»..

تشرين- غيداء حسن:
أكثر وسائط النقل البري ملاءمة للحجوم الكبيرة وللمسافات الطويلة، ومن أهم عوامل دعم التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدول، إذ كان قطاع النقل السككي ولا يزال أرخص أنواع النقل على الإطلاق، فناهيك بأنه وسيلة نقل آمنة، ومريحة ورخيصة وتتسع لعدد كبير من الركاب والمسافرين، فإن قدرته على نقل كميات كبيرة من السلع والمنتجات كبيرة جداً، وأجوره قليلة، ما يسهم في خفض تكلفة إنتاج السلع المحلية والتصديرية، وجعلها أكثر قدرة على المنافسة.
ودائماً  ما كانت أجور النقل في بلدنا المتهم الأول في ارتفاع سعر أي سلعة، وخاصة تلك التي تحتاج إلى نقل بين المحافظات، ولاسيما مع ما نشهده في ظل الظروف الحالية من منعكسات الحرب من أزمة في توافر المحروقات ومشكلات النقل، وهذه كانت الشماعة الحاضرة باستمرار لأي كان يريد تبرير رفع أسعاره.

د. سلمان: النقل السككي أهم بكثير من وسائل النقل الأخرى رغم أهميتها

اليوم أعداد هائلة من السكان يقطنون  مدينة دمشق وريفها، ،وهذا يجعلها تستهلك الكثير من المواد الغذائية والمواد الأولية للتصنيع والخضراوات المنتجة في المحافظات الزراعية القريبة، وخاصة درعا، كونها المحافظة الأقرب لها وتزودها بما تنتجه من محاصيل وخضراوات، عدا عن نقل البضائع الأخرى منها وإليها، وكان الخط الحديدي الحجازي سابقاً حاضراً وبقوة على محور دمشق -درعا وصولاً إلى الأردن والسعودية، كونه قطار الحج، وهذا مساره، فأين هو اليوم ولماذا لا يعاد تفعيله مع بروز الحاجة الملحة له؟
صحيح أنه لا يمكن نكران ظروف الحرب وتدميرها الكثير من القطاعات لدينا، ومنها القطارات وبنيتها التحتية وسككها، لكن هل نقف مكتوفي الأيدي ونندب حظنا  ونبقى ندور في حلقة مفرغة  من ظروف الحرب، ونتقوقع في آليات باتت بالية ولا نخرج إلى النور ؟
ترى أمام مغريات النقل السككي وموثوقيته وأمانه ومميزاته الكثيرة، وحاجتنا الماسّة إليه ألا يفترض أن يحرك ذلك الجهات المعنية للسعي الحثيث وإعادة تفعيل هذا القطاع الهام، بما يمكن أن ينشط من الحركة التجارية والاقتصادية وغير ذلك الكثير؟ ولاسيما أمام النهضة الكبيرة التي يشهدها هذا القطاع في الدول المجاورة، بل وفي دول العالم كافة،  وتجاربها ماثلة  ولا تحتاج  العناء في البحث عنها أمام “من يريد” أن يعمل؟.

توجه كبير
يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور حيان سلمان أهمية النقل السككي، إذ معروف أن أغلب الدول حتى المتطورة، تعتمد  بشكل كبير جداً على هذا النوع من النقل وتقيم  البنية التحتية لتطوير وتفعيل عمل هذا النقل ، وخاصة في مجال انسياب السلع والخدمات ونقل الركاب والمسافرين وغير ذلك، ولذلك فالسؤال يتمحور حول : لماذا هذا التوجه الكبير، وخاصة مع بداية الألفية الحالية نحو تطوير هذا القطاع؟.

د. سلمان: في حال تجهيزه وتهيئته يؤمن نقل السلع، وخاصة الزراعية وستكون له منعكسات اقتصادية كبيرة

أهم بكثير

ويوضح د. سلمان أن النقل السككي يعتبر أهم بكثير من وسائل النقل الأخرى رغم أهميتها، ويتجلى ذلك في أنه أكثر قدرة على نقل كميات كبيرة من السلع والبضائع وحتى أكبر عدد من المسافرين والخدمات إذا ما قورن بالنقل البحري والجوي وحتى الطرقي أيضاً، كما أنه أقل تكلفة، إذ معروف أن تكلفة الحاوية الواحدة أو تكلفة الطن الواحد أقل في النقل السككي منه إذا ما قورنت بأنواع النقل الأخرى، يضاف إلى ما سبق أنه أكثر أمناً وأماناً، وهذا لا يعني أنه لا يتعرض للخطر، نعم قد يتعرض، ولكن في أسوأ الأحوال يتوقف القطار بحمولته، فهو ليس كالنقل البحري الذي يتعرض للغرق أو النقل الجوي الذي يتعرض لحوادث طائرات وما إلى ذلك، والنقطة الأخرى أنه أقل تكلفة،وخاصة إذا استخدمت أمور الشبكة الكهربائية وغيرها من عوامل تعتمد على الطاقة المتجددة وليس على الطاقة الأحفورية. كما أن النقل السككي  يفعل العمل الاقتصادي بين القطاعات الأخرى.

منعكسات اقتصادية

وإذا ما نظرنا إليه من ناحية التكلفة والكوادر وتأمينها، فهي أقل من العوامل الأخرى ،هذه الأمور إذا ما طبقناها على خط  النقل الحجازي الذي كاد أن يتحول إلى معلم من معالم السياحة في سورية، والذي يعود بناؤه إلى أواخر القرن الثامن عشر، وكان يصل بين دمشق العاصمة ودرعا، ومن ثم يتوجه إلى الأردن، وفي حال تجهيزه وتهيئته، فهو سيؤمن نقل السلع، وخاصة الزراعية من المحافظات الزراعية إلى العاصمة، وسيقوم بنقل السلع الزراعية والصناعية والخدمات، وبذلك ستكون له منعكسات اقتصادية كبيرة.

غير ممكن حالياً

هذه ميزات وأهمية  النقل بالقطارات، ومنها الخط الحديدي الحجازي، فما رأي المعنيين في إعادة تشغيله؟ وهل من أمل في إمكانية ذلك ؟

العلان: يتعذر تشغيل الخط في الوقت الحالي بسبب عدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة لتأمين  قاطرات ومقطورات جديدة بعد أن يتم تأهيله

يؤكد مدير المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي  ممدوح العلان أن تشغيل قطار دمشق- درعا غير ممكن، كون الخط تعرّض للتخريب كمسار سكة، وهناك أجزاء تم فكّها من الخط أثناء الحرب، ومازالت في بعض المناطق خارج السيطرة، كما أن بعض التفريعات في “خراب الشحم ” غير آمنة، تقوم العصابات بفك بعض أجزاء الشبكة.
واضاف العلان: أرسلنا موظفينا في فرع درعا بمؤازرة من الجهات المعنية في المحافظة ،وقمنا بإعادة 3 كم من المسار.  ولكن مازال خط دمشق -درعا بحاجة إلى تأهيل لأنه متوقف بالنسبة لمساره وهو بحاجة إلى قاطرات ومقطورات، كون الموجودة دمرت في محطة القدم من قبل المسلحين، لذلك يتعذر تشغيل الخط في الوقت الحالي، بسبب عدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة لتأمين  قاطرات ومقطورات جديدة بعد أن يتم تأهيل الخط، وهذا مكلف جداً بالنسبة للدولة في الوقت الحالي.

أقرأ أيضاً:

«ملف تشرين».. أهم بوابة للخروج من أزمة نقل الركاب مغلقة بذرائع استفزازية.. النقل السككي يدور في دوامة أزمة مركبة

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار