دمشق تستضيف حدثاً اقتصادياً نوعياً.. الاقتصاد والتحول الرقمي في إطار الشمول المالي

تشرين:

تشهد دار الأوبرا في العاصمة دمشق يومي 11 و12 أيلول القادم انعقاد مؤتمر ” ديجيتك ” وهو مؤتمر عربي على قدر عالٍ من الأهمية والخصوصية .. باعتباره فرصة استثنائية للتأكيد على أنّ التحول الرقمي هو خيار لا رجعة عنه .. وأنّه حان الوقت للسير في ركبه بسرعة وبلا أي انتظار، إذا ما أردنا أن نكون في مصاف الأمم التي تسير إلى الأمام … وبما لاشك فيه فإن التحول الرقمي هو جسر آمن يقود الى المستقبل ..مستقبل يكون فيه الاقتصاد متطوراً وآمناً , فأغلب الدول حول العالم أخذت طريق التحول الرقمي بلا تلكؤ .. مدركةً أنّ الخيارات لم تعد متنوعة ولا متكررة ولا تحتمل الانتظار .. والطرق التي تقود الى التطور والنمو الاقتصادي تمر حكماً عبر التحول الرقمي والتطور التقني و الاستدامة.

د. فرعون: تطوير الاقتصاد والقضاء على الفساد والبيروقراطية وصولاً إلى الأهم وهو الصحة المالية

عنوان حسّاس

ويأتي “ديجيتك ” في دورته الرابعة مهماً بالعنوان الذي سيتناوله وهو “أثر الشمول المالي في التطور الاقتصادي ” لذلك فإنه سيكون بمثابة حدث استثنائي تستضيفه دمشق في توقيته وفي مضمونه، وفي حتمية أن تكون توصياته برنامج عمل لابد من أن يأخذ طريقه إلى التنفيذ بلا أي تأخير أو انتظار, إذ إنّ ما يُتوقع أن يرشح عن مؤتمر هذا العام يشكل حكماً خريطة طريق للولوج إلى عالم رقمي يُرسخ الصحة المالية التي تنهض بالاقتصاد والمجتمع معاً .

محتوى عميق

وكشف الدكتور محمد فرعون الأمين العام للاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية : “أنّ الاتحاد اعتاد أن ينظم وبشكل دوري مؤتمر “ديجيتك” وهو مؤتمر بحثي أكاديمي يُعنى بكل ما يرتبط بالتحول والاقتصاد الرقمي , ودائماً ما يحرص الاتحاد ومجلس إدارته على أن يكون المؤتمر متميزاً من ناحية المُدخلات والنقاشات, وبشكل أهم أن تكون المخرجات التي ترشح عن اللجنة العلمية للمؤتمر قابلة للتنفيذ من خلال حث الحكومات على تنفيذها والأخذ بها ” .

وأضاف في حديث صحفي لمناسبة انعقاد المؤتمر : ” يجب أن يكون لدينا قناعة بأنّ العالم متجه إلى عالم رقمي ستكون أقطابه هي الجهات التي تملك أدوات الاقتصاد الرقمي وكل ما يمت له بصلة من بيانات وذكاء صنعي وتقنيات التكنولوجيا المالية وما يتعلق بها , و لابد لكل الحكومات العربية من أن تسعى للانخراط والتوءمة بالحد الادنى مع هذا المفهوم “.

د. فرعون: العالم متجه الى عالم رقمي ستكون أقطابه هي الجهات التي تملك أدوات الاقتصاد الرقمي وكل ما يمت له بصلة من بيانات وذكاء صنعي وتقنيات التكنولوجيا المالية وما يتعلق بها

وأشار في تعبير لافت الى أنّه : ” ومع بدء الثورة الصناعية الخامسة والتي سيكون قوامها التحول الرقمي نكون قد أصبحنا في مرحلة (نكون أو لا نكون) وقال : ” للأسف فإنّ مفهوم التحول الرقمي غير مترسخ بالشكل الصحيح كما يجب في بعض الدول العربية بدءاً من النواحي التعريفية ووصولاً الى المجالات المرتبطة به، خصوصاً ما يتعلق بالتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي والحوكمة وغيرها”..منوهاً بـ” أنّ التحول الرقمي من أهم العوامل التي تساعد في تحقيق التنمية الاقتصادية وبالتالي يجب أن تتعامل معه الحكومات كأولوية وكحاجة عليا وقصوى لما له من أهمية في تطوير الاقتصاد والقضاء على الفساد والبيروقراطية، وصولاً الى الأهم وهو الصحة المالية”.

انعكاس إستراتيجي

فرعون أكد في حديثه : “إنّ دور الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية كاتحاد نوعي هو استثمار كل ما يخدم مصلحة الدول العربية ودولة المؤتمر بشكل خاص .. من هنا تبدو أهمية انعقاد مؤتمره الرابع في دمشق تحت عنوان ” أثر الشمول المالي الرقمي وانعكاساته على التنمية الاقتصادية ” لما لهذا المفهوم من أثر مباشر في تطوير اقتصاديات الدول والدفع بها نحو الازدهار والنمو..

فالشمول المالي كما يرى الدكتور محمد فرعون : هو خطوة أولى وأساسية للتوجه نحو الصحة المالية والاقتصادية، وذلك انطلاقاً من كونه يعني أن الأفراد والشركات لديهم إمكانية الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم من “معاملات ومدفوعات ومنتجات ادخار وتسهيلات ائتمانية وقروض وخدمات تأمين “، يتم تقديمها على نحو مسؤول ومستدام، مؤكداً في هذا السياق أنّ : “الشمول المالي يُسهّل الحصول على الخدمات المالية في أمور الحياة اليومية، ويساعد الأسر والشركات على التخطيط لكل شيء من الأهداف طويلة الأجل إلى حالات الطوارئ غير المتوقعة. وبوصفهم أصحاب حسابات، من المرجح أن يستخدم الناس خدمات مالية أخرى لبدء وتوسيع النشاط التجاري والاستثمار في التعليم أو الصحة وإدارة المخاطر والتغلب على الصدمات المالية، وهو ما يمكن أن يحسن نوعية حياتهم بشكل عام .

دور الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية كاتحاد نوعي هو استثمار كل ما يخدم مصلحة الدول العربية ودولة المؤتمر بشكل خاص

الشمول المالي والصحّة المالية

رئيس الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية قال : ” إنه عندما تتبع البلدان نهجاً إستراتيجياً وتضع إستراتيجيات وطنية للشمول المالي فإنها تزيد وتيرة الإصلاحات وتأثيرها.

وأضاف : ” سيكون ” ديجيتك ” بجلساته وحواراته وأهدافه فرصة لإلقاء الضوء بكل مصداقية على موضوع الشمول المالي وأهميته للوصول الى الصحة المالية , كاشفاً عن أن المؤتمر يتوجه إلى كل الدول العربية وخاصة المتعثرة في موضوع التحول الرقمي ومن بينها سورية ومن هنا تكمن أهمية إقامته في دمشق، علماً أن هناك دولاً متعثرة أكثر من سورية , مشيراً إلى أنه : “لو تم تبني توصيات المؤتمر السابق لكنا اليوم نتحدث عن المرحلة الثانية من التحول الرقمي , لكن المهم الآن هو تحريك التشريعات وحوكمة إستراتيجية التحول الرقمي بشكل صحيح وإدارتها وتعزيز الأمن السيبراني والحفاظ على البيانات واستثمارها وتحليلها بشكل صحيح لقراءة الواقع والاحتياجات ومختلف الجوانب التي تحتاج إلى تطوير.

المؤتمر يتوجه الى كل الدول العربية وخاصة المتعثرة في موضوع التحول الرقمي ومن بينها سورية

لتحقيق ذلك، يقول الدكتور محمد فرعون : ” سخّر كافة أعضاء الاتحاد وكل فرقاء العمل المعنيين إمكانياتهم للخروج بمؤتمر متميز ومفصلي بمخرجاته عبر استقراء الوضع من جديد والخروج بتوصيات حكماً ستنعكس إيجاباً في حال تطبيقها وتنفيذها على مسيرة التحول الرقمي والاقتصادي كل ذلك بمساعدة عدد من الجهات الداعمة و الرعاة و اللجنة العلمية التي تبذل جهوداً كبيرة لوضع الأمور في نصابها الصحيح .. مؤكداً أنّ كل ذلك سيصب في مصلحة الدول العربية بشكل عام وبلدنا سورية بشكل خاص.

أهداف ومحاور

يكتسب مؤتمر ديجيتك أهمية كبيرة للغاية لعدة أسباب؛ أولها أن “الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية ” هو الذي ينظم المؤتمر، والثاني أنه سيفصح بوضوح عن مدى تواجد السوريين أفراداً وشركات وحتى مسؤولون حكوميون في ميادين التحول الرقمي بكل اتجاهاتها بما في ذلك الشمول المالي موضوع المؤتمر الرئيسي .. انطلاقاً من ذلك نتوقع بل يجب أن تتعامل الحكومة السورية مع المؤتمر كحدث يمكن أن يكون طرفاً أسياسياً وداعماً في رسم خريطة طريق للانتقال إلى عالم يسوده التطور التقني والرقمي والتكنولوجي .. بل لعل المؤتمر قد يكون محفزاً لوضع وتطوير البيئة التشريعية المطلوبة لإنجاز النقلة الرقمية المطلوبة و لتبني الرؤية الأفضل للمستقبل الذي يتحقق فيه الازدهار والنمو الاقتصادي .

حُددت أهداف مؤتمر ” ديجيتك ” الذي يحمل النسخة الرابعة في : – تمكين الشمول المالي وتحديد عقبات تطبيقه في الوقت الراهن وضع منهجيات علمية لتوظيف التكنولوجيا المالية في النمو الاقتصادي – دعم البحوث المبتكرة لتحسين الشمول المالي وزيادة التمكين الاقتصادي الدفع باتجاه تطوير مؤشرات وطنية لقياس الشمول المالي وأثره على النمو الاقتصادي .

محاور

أما المحاور التي سيناقشها المؤتمر على مدى يومين وبحضور نحو 500 من المهتمين من داخل وخارج سورية فهي : الشمول المالي، الفرص، والتحديات البيئية التمكينية للشمول المالي والخدمات المالية، تعزيز وبناء الثقة في التعاملات المالية الرقمية، الاقتصاد الرقمي ودوره في الشمول المالي، ريادة الأعمال والتحول نحو الاقتصاد الرسمي لجنة علمية.

هذا وحرص القائمون على مؤتمر ” ديجيتك ” على دعوة الباحثين ورواد الأعمال للمشاركة في ملخصات ومقالات غير منشورة سابقاً أو مشاريع رائدة وقد قدمت حتى الآن العديد من الأوراق البحثية والمشاريع وسيتم انتخاب 12 إلى 20 مقالة أو بحثاً أو مشروعاً ريادياً مختارة لعرضها خلال المؤتمر ومناقشتها بحضور المهتمين في مجال التحول الرقمي، ما سيفسح المجال لدعم عدد من المشاريع الريادية و تبنيها، علماً أنه تم تشكيل لجنة علمية رفيعة المستوى للمؤتمر تضم نخبة من الكفاءات السورية المتميزة، ويترأس اللجنة الدكتور خليل عجمي رئيس الجامعة الافتراضية السورية، وصاحب الخبرة والحضور المعرفي والعلمي، بينما أصبح التحول الرقمي أمراً ضرورياً للأفراد والمؤسسات والحكومات على حد سواء.

نتمنى أن يكون “ديجيتك ” بمدخلاته ومخرجاته وتوصياته بمثابة الانطلاقة من حيث انتهى الآخرون , واستدراكاً حقيقياً وجدياً لما فاتنا وسعياً نحو المستقبل الذي يتطور فيه الاقتصاد وتتحسن معه معيشة الناس ويسهل حصولهم على الخدمات والوصول إلى أهدافهم ضمن بيئة عمل مناسبة وبلا تعقيدات ..

وفي كل ذلك ننتظر أن تخطو الحكومة والجهات المعنية وصاحبة القرار خطوات ملموسة وحقيقية نحو التحول الرقمي وبلوغ الشمول المالي بطريقة صحيحة , ولا نبالغ إن قلنا إن المطلوب هو القيام بقفزات سريعة تشريعياً وإجرائياً لبلوغ المستقبل الذي تنجز فيه البلاد تحولها الرقمي وتؤمن شمولها المالي محققة نهضتها الاقتصادية التي تتواءم وتنسجم مع بقية البلدان .

يذكر أن مؤتمر ” ديجيتك ” في دورته الثالثة كان خرج بمجموعة توصيات تم اعتمادها في استراتيجية التحول الرقمي، ولكن لم يتم تطبيقها كما يجب، ما يجعل المؤتمر الرابع الذي يقام في أيلول القادم فرصة لإعادة إنتاج التوصيات بروح جديدة تنسجم والتطورات التي حدثت في السنوات الأخيرة.

أخيراً لا خيار أمامنا إلا أن نتطلع إلى المستقبل .. المستقبل الذي لا يمكن فيه تجاهل التحول الرقمي إذا أردنا ألا نبقى خلف الزمن .. ولعل ما سيقدمه مؤتمر “ديجيتك ” كفيل بمساعدتنا كي نضبط مستقبل بلادنا مع الزمن بدقة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار