عقدة الخوف من الغرباء!
عندما يحاول الغرباء دخول بيتك عنوة لن تقف متفرجاً وستدافع عن وجودك بكل ما تملك من قوة وضعف، وفي آخر المطاف ستصد بصدرك ضربات الخونة والمخادعين وكل من يحارب ضد وجودك، ولن يكون انتصارك صعباً أمام إرادة وإصرار وإيمان قوي بأنك لن تترك أحداً يأخذ حقك.. هذه المقاومة الشرسة للظلم هي عنوان تتشارك فيه شاشات الفن السابع في الدول التي كان من نصيبها أن تقف سداً منيعاً في وجه من يحاول استلاب كرامتها، وهذا ما كان في شأن الفعاليات الثقافية والسينمائية التي قدمت عروضاً شائقة لأفلام جميلة صورت معاناة الشعب من الغرباء ضمن فعاليات ومهرجانات ثقافية، حيث تم عرض الفيلم الطويل “منزل مطل على البحر” للمخرج ألبرتو إرفيلو.. وكان الأداء ممتعاً، إذ عبر ساعة ونيف استمتع الحضور بجمال بيئة جبال الأنديز عام 1948 التي تدور فيها أحداث الفيلم وتحكي قصة الفلاح توماس ألونسو الذي يعيش وحيداً بعد وفاة زوجته مع ابنه سانتياغو وسط الجبال ويرافقه كمانه الذي يعزف عليه في بعض أوقات الظهيرة، ويعيش مع ابنه أحلام السفر إلى البحر.
وتبدأ أحداث الفيلم بالتصاعد عند وصول شخص غريب الى منطقة سكن الفلاح وتهديده لحياة الابن سانتياغو ، ما يجعل الأب توماس يقع في معضلة أن يكون رجلاً جيداً ولكن جبان، أو أن يصبح قاتلاً ليدافع عن ابنه لتصل قصة الفيلم إلى التخلص من العنف حين يأخذ الفلاح ابنه إلى شواطئ أحلامهم “البحر”.
الفيلم مملوء بالأحداث الهادئة حيناً والحماسية حيناً آخر، لكنه كان بمجمله مملوء بالأحداث المشوقة، وكان في كل لحظة يدفعنا إلى التفكير بالخطوة القادمة للأب ليدافع عن ابنه ما يجعل هذه النوعية المقاومة من الأفلام قريبة الى واقعنا.. وتدفعنا الى التساؤل حول معان مهمة كالظلم والعدل والشجاعة والخيانة والحب، وحينما تسدل الستارة نكتشف أننا البشر نتألم معاً من الوجع نفسه ونحب بشكل متشابه وننحني للأخلاق العظيمة أينما وجدت وكانت.