غموض موعد «الرد» الحاسم يفك لغز مساعي الاحتواء الأمريكية.. الولايات المتحدة واللايقين حول الآتي.. سيناريوهات متوقعة وغير متوقعة وعقبات في تشكيل تحالف «الدفاع عن إسرائيل»

تشرين- هبا علي أحمد:
لا يزال الغموض يلف موعد الرد المرتقب من إيران والمقاومة اللبنانية/ حزب الله، ويبدو أنّ المهمة تزداد صعوبة على الولايات المتحدة الأمريكية على وجه التحديد، ولا سيما أنها أخذت على عاتقها موضوع توقع توقيت الرد، مشيرة إلى أنه وشيك بين يوم وآخر، لتجد ذاتها أمام حالة من اللايقين ليس حول التوقيت وحسب، بل حول حجمه ومداه وطبيعته وثقل تداعياته عليها وعلى كيانها، وهذا الوضع يُفرز واقعاً جديداً، مفاده الضعف الاستخباراتي الأمريكي، مقابل التحصين الاستخباراتي الإيراني، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى أنه أيّما يكون حجم المُصاب، فإن الصبر الإستراتيجي قاعدة لا يُمكن أن تحيد عنها طهران التي خبرت جيداً النتائج المُثمرة لهذا الصبر، وعليه ورغم أنّ الرد متوقع في أي لحظة، فإن ذلك لا يُلغي عنصر المفاجأة الذي قد يحمله ولاسيما لناحية النوعية والنطاق والشدّة.

واشنطن تواجه مشكلة في تحديد زمن وشكل وشدة الرد الإيراني وحزب الله أنتج حالة «عدم يقين» نسبية لإدارة بايدن ووضعها في موقع دفاعي

– ردُّ يخلده التاريخ
إذاً الوضع القائم في المنطقة، أدخل واشنطن في حال من الفوضى والصخب، يقابله هدوء واتزان وتأنٍ لدى إيران وحزب الله في اختيار التوقيت المناسب للرد على جريمتي اغتيال اسماعيل هنية وفؤاد شكر، كما أثار زوبعة من التوقعات والتحليلات حول ماذا كانت إيران ستُخاطر بالرد الذي يدفع المنطقة نحو حرب شاملة، أو يكون من النوع الذي يُرغم جميع الأطراف على الدخول في مرحلة التبريد الذي يترافق بالضرورة مع وقف العدوان على غزة.. وهل ستكون أمريكا تحت مرمى الرد شأنها شأن كيان الاحتلال؟
أيّما تكون التطورات اللاحقة وشكلها، لكن الثابت الوحيد أنها ستكون حاسمة راسمة لقواعد جديدة في الاشتباك ولخطوط حمراء نوعية وغير مسبوقة، ومهما تأخر الرد أو تأجل لكنه حتمي ويحمل عنصر المفاجأة في الوقت ذاته كما ذكرنا آنفاً، ولا سيما أنّ إيران أكدت على الرد، وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي في رسالة إلى «إسرائيل»: سنهدد أمنكم في أي مكان في العالم وسنعكِّر راحتكم في أي مكان في العالم، مضيفاً: الرد الإيراني حتمي، ومؤلم وحازم، وسيبعث على الندم، ورادع ويلقن العدو درساً لن ينساه، سيكون شاملاً ومتعدد الأبعاد وبطريقة يخلدها التاريخ.

– بين اليقين واللايقين
هذا اليقين الإيراني، يُقابله لا يقين أمريكي، وتشتّت واشنطن بين «الهجوم والدفاع» وخلال الاجتماع الذي عقده بايدن ونائبته كامالا هاريس مع مجلس الأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، مساء أمس، أبلغهما الفريق بأن موعد الرد لا يزال مجهولاً.
وكشف مسؤولون أمريكيون أنّ بايدن وهاريس أُبلغا بأن المخابرات الأمريكية تتوقع سيناريو يتضمن موجتين من الهجمات، واحدة من حزب الله وواحدة من إيران والعديد من الأطراف المساندة الآخرى في المنطقة، كما تحدّث مسؤولان دفاعيان أمريكيان عن أن الولايات المتحدة تواجه مشكلة في تحديد زمن وشكل وشدة الهجوم المرتقب، ما أنتج حالة عدم اليقين نسبي لإدارة بايدن ووضعها في موقع دفاعي وهي تحاول حشد الحلفاء والضغط على إيران لعدم تصعيد التوترات، وأشار المسؤولان إلى أنّ الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة ترجع بشكل جزئي إلى أنّ إيران نقلت بالفعل بعض الأصول العسكرية اللازمة لتنفيذ هجوم كبير على «إسرائيل» في شهر نيسان الماضي، وأضافوا: التقييمات تستند إلى عدة مصادر استخباراتية، والمسؤولون الأمنيون منقسمون في الرأي حول الشكل الذي سيبدو عليه الهجوم وتوقيته.

– الرد الإيراني حتمي ومؤلم وحازم وسيكون شاملاً ومتعدد الأبعاد وبطريقة يخلدها التاريخ

تلك المعطيات تفك لغز تسابق واشنطن مع الزمن لمحاولة منع الوضع من الانزلاق إلى حرب شاملة، بمعنى، عدم امتلاك واشنطن لأي معلومات حول تصورات مرحلة الرد وما بعده، يدفعها للاحتواء وليس لأنها لا ترغب في الانزلاق إلى حرب، فعدم امتلاك واشنطن لعنصر المُبادرة والمُفاجأة هنا، وأن تكون هي المُترقبة، يُدخلها في مأزق.

– عقبة أخرى
العقبة الأخرى التي تواجهها واشنطن في تحديد موعد الرد، هي ما نقلت قناة «أي بي سي نيوز» الأميركية عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أنّ واشنطن تواجه عقبة أشد صعوبة هذه المرّة لتشكيل تحالف للدفاع عن «إسرائيل» في وجه الرد الإيراني.

المخابرات الأمريكية تتوقع سيناريوهاً يتضمن موجتين من الهجمات واحدة من حزب الله وواحدة من إيران.. ترافقها هجمات من أطراف مساندة

وقال المسؤولون الأميركيون إنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبلغ وزراء خارجية مجموعة السبع في مكالمة، الأحد الماضي، أنّ الرد من إيران وحزب الله قد يبدأ في غضون 24 إلى 48 ساعة المقبلة، متابعاً: الولايات المتحدة ليس لديها صورة واضحة عن خطة إيران، مشيراً إلى أنّ الهجوم قد يحدث خارج تلك النافذة الزمنية.
ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنّ الهدف الرئيسي وراء مكالمة بلينكن كان تشجيع دول مجموعة السبع على استخدام أي تكتيك متاح لها لدفع إيران وحزب الله إلى الحد من حجم أي ضربة، ما يقلل من احتمال إرهاق شبكات الدفاع الجوي الإسرائيلية وإلحاق أضرار جسيمة يمكن أن تشعل حرباً إقليمية شاملة.
وشددوا على أنّ الولايات المتحدة تحاول تشكيل تحالف للدفاع عن «إسرائيل» كما حدث في الرد الإيراني على استهداف قنصليتها في دمشق منتصف نيسان الماضي، مؤكدين في الوقت عينه أنّ الدبلوماسيين الأميركيين يواجهون عقبة أشد صعوبة هذه المرة لأن العديد من الشركاء الدوليين يرون أن بعض تصرفات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وخاصة فيما يتعلق باغتيال هنية، استفزازية بلا داعٍ.

– هجوم «عين الأسد»
ومع انتظار الرد، كانت قاعدة عين الأسد الجوية الأمريكية في العراق تحت مرمى الاستهداف بهجوم صاروخي وطيران مُسيّر، أسفر عن إصابة 5 جنود أمريكيين، لتضاف تساؤلات جديدة حول ماذا إذا كان ذلك جزءاً من الرد أم منفصلاً عنه؟

واشنطن تواجه عقبة لتشكيل تحالف «دفاع عن إسرائيل» فالشركاء الدوليون يرون أنّ تصرفات نتنياهو استفزازية بلا داع

بمجمل الأحوال فهو بالتأكيد رد عراقي على استهداف الحشد الشعبي في جرف الصخر الأسبوع الماضي، أدى إلى ارتقاء شهداء وجرحى، والذي تزامن مع جريمتي طهران وبيروت، وهو جزء من الرد متعدد الجبهات إن أمكن القول.
في ضوء ذلك، جدّد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، التزام بلاده بأمن «إسرائيل» في مواجهة «تهديدات» إيران وحزب الله وحلفائهما، لافتاً في اتصال مع وزير «الأمن» في حكومة الاحتلال، يوآف غالانت، على ضرورة تعزيز موقف واشنطن العسكري في الشرق الأوسط، وأبلغه «بالتدابير الرامية إلى تعزيز الموقف العسكري الأميركي في المنطقة في ضوء هذا الموقف المتصاعد».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
بمشاركة 65 فريقاً.. انطلاق النهائي الوطني 14 للمسابقة البرمجية السورية للجامعات SCPC 24  في جامعة البعث حريق جديد يطول غابات السنديان في ريف مصياف وزارة التجارة الداخلية تحضر لانتخابات "الغرف"..والوزير  يشدد على الشفافية والمسؤولية واتباع ضوابط دقيقة المقداد يتسلم أوراق اعتماد السفير غير المقيم لنيكاراغوا لدى سورية فنزويلا ترفض «التقرير الأولي» للأمم المتحدة: عمل دعائي يخدم مصالح اليمين المتطرف أحلام الغرب بالضغط على روسيا سقطت.. قوات كييف تتقهقر في كورسك.. موسكو: الهجوم الأوكراني سيوقف مفاوضات السلام لفترة طويلة هاريس و«ظل» بيلوسي الحاكم.. بيانات مالية مخيبة للديمقراطيين: ترامب الأفضل الهند تضع خطة خمسية للحد من تغيرات المناخ تطوير ضمادة «كهروضوئية» لتسريع التئام العظام المكسورة للتضييق على الرد الإيراني.. زحمة موفدين أميركيين إلى المنطقة وطاولة مفاوضات جديدة تُعقد غداً.. المنطقة تغرق في حالة عجز كاملة عن توقع الآتي والتشاؤم يسيطر