الأخضر والأصفر.. حوار العقلاء والمجانين ؟!
أحد كبار المستثمرين في العالم فاجأ المذيعة بأنه لا يستثمر بأي مطبوع، وعندما استفسرت المذيعة عن المقصود بالمطبوع، أوضح رجل الأعمال أن الدولار مطبوع وأن أمريكا تطبع يومياً تريلون دولار وأكثر وتفرض شروطها على العالم، وأنه في حال حصل خلل أو فوضى في أمريكا فأول الاستثمارات انهياراً هي الإيداعات بالدولار ..المفاجأة الثانية التي أكدها المستثمر أن السندات الأمريكية مطبوعة أيضاً وغير آمنة ..ولم يخف أن استثماراته في المشاريع الزراعية والصناعية والعقارية منوهاً بأن كل شيء ملموس له قيمة ..فهل وصلت الرسالة ..؟!
واليوم نسمع في الشارع ممن لديه مدخرات ..أين أضع مدخراتي وهل تكون الكفة الرابحة في الأخضر..أو الأصفر !
وبعيداً عن المجانين نجد عقلاء الاقتصاد ممن يستثمرون في الصناعة والزراعة والمقاولات والخدمات والعقارات استطاعوا خلال السنوات القاسية الإقلاع بالسفينة الاقتصادية رغم كل العواصف ؟!
و قبل الخوض مع الخائضين والمحللين للكشف عن أسرار وخفايا ارتباط أسعار المحروقات والمواد المستوردة بأسعار الأخضر .. فلا شك في أن فاتورة الاستيراد لا تزال بالأخضر بنسبة كبيرة، وإن كان ثمة توجه للتعامل بالعملات المحلية إذا ما وافق الطرف الآخر ..وبالتالي فالأسعار المحلية ترتبط بالأسعار العالمية ..ولأن المقامرين يعتمدون على التوقعات الأسوأ نجدهم يتجاوزون حدود الأسعار العالمية ..
اليوم باتت الأزمات جزءاً من واقع الأسواق والاقتصاديات ..ولم يعد أحد يتعامل بافتراض انتهائها ..على طريقة انتظار غودو.. والعمل يجري وفق الوقائع ونقول الأمور ليست بأحسن الأحوال لكنها ليست بالأسوأ أيضاً، ولدينا أسبابنا ويمكن الارتكاز على مجموعة من الحقائق أهمها امتلاك الدولة مقومات تحقيق توازن الاستقرار بقدر جيد .. وتوفير المواد ولاسيما المشتقات النفطية .. في الوقت الذي يحقق برنامج إعادة الإعمار مؤشراً قوياً على قيادة الدفة وبالتالي المقدرة على ضبط التحكم بأسعار الأخضر والأصفر والأسود .. ضمن منحنى معين .
وإذا كانت الأزمات التي تمر من إرهاب إلى كوارث طبيعية إلى الزلزال إلى كورونا .. إلى حصار..استطعنا تجاوزها بالخروج من عنق الزجاجة فهذا مؤشر آخر على قوة الدولة وتحقيق الانفراج رويداً رويداً .. وأدعوكم إلى التفاؤل
وأيضاً مما يؤكد أن عين الدولة ساهرة وحاضرة ومستعدة لمقاضاة ومحاسبة المحتكرين والمستغلين لأحوال المواطن هو الاجتماعات المتوالية وورشات العمل والتي سيتم الإعلان عبرها عن قرارات مهمة وتوصف بأنها شجاعة .
ولعل نقطة القوة الأساسية في سورية غير المرئية للكثيرين هي قدرة الاقتصاد السوري على المناورة واستمرار الإنتاج المحلي وتطبيق سياسات زراعية وصناعية لا نتقول أنها حققت المطلوب وإنما حققت المعقول .. , وبالتالي فإن الإنتاج والنهوض بالقطاعات الإنتاجية لا يزال الخيار الأهم لهذا الاقتصاد.. ولعل السؤال الذي يريد المواطن معرفته كيف سيتم التحكم بأدوات السياسة النقدية والاستثمار وأسعار الفائدة عبر المستجدات الاقتصادية من جديد ؟! وحسب المعلومات الأولية أو التي تم التصريح بها من قبل اللجان المشكلة فإن المصرف المركزي أعد قرارات لزيادة الفوائد بالقطع الأجنبي إضافة الى التشريعات الضامنة لحماية الحسابات المصرفية وهذا يعني منح الأموال السورية في الخارج عموماً جواز سفر للعودة والاستقرار في سورية لأن التجربة والخبرة علمتنا أن الأموال الموجودة خارج حدودنا مصيرها في الأغلب الإفلاس بسبب التلاعب من قبل الخارج للضغط على الدول كما جرى في ماليزيا وكوريا وغيرها ..والعبرة لمن يعتبر !!!.