«ملف تشرين».. اللاذقية مضمار الحرائق الكبرى و الطرقات الحراجية في قفص الاتهام ..القانون الزاجر لم يجد نفعاً ومديرية الزراعة تصرّ على التفاخر بالإنجاز
تشرين: سراب علي – باسمة إسماعيل:
إذا ما استذكرنا سلسلة الحرائق الضخمة التي نشبت عام 2022 وما بعدها وقبلها، فإننا لا يمكن أن ننسى الجهود الكبيرة التي بذلتها منظومة الإطفاء في سبيل السيطرة على الحرائق رغم ضخامتها، كما لا يمكننا أن ننسى لعنة الطرق الحراجية غير المؤهلة والتي كانت عبئاً على عناصر المنظومة في أغلب المناطق الجبلية الوعرة وذات الانحدارات الخطرة، والتي تؤكد دائرة الحراج في مديرية الزراعة أنها تلحظها في خطتها السنوية من خلال شق عدد منها في مناطق جبلية متفرقة وتأهيل أخرى، ورغم ذلك تبقى الكثير من المناطق الجبلية الحراجية من دون طرق حراجية، حيث انحداراتها الشديدة ووعورة المنطقة لا تساعد على شق الطرق، لذا تكون قلة الطرق الحراجية السبب الرئيسي في تأخر السيطرة على الحرائق، أضف إلى ذلك قِدم الآليات وسيارات الإطفاء التي تعاني من صعوبة التعامل مع تلك الطرق دون أن تكون من منظومة الدفع الرباعي، وهذا غير متوافر في جميع تلك الآليات، وخصوصاً لدى مديرية الدفاع المدني في المحافظة.
رديف لمنظومة الإطفاء
مدير الدفاع المدني في اللاذقية العميد جلال داؤود بيّن لـ”تشرين”، أن مهام منظومة الدفاع المدني في المحافظة كثيرة ومتعددة، فهي معنية بالحرائق ضمن المدينة، وتكون رديفاً لمنظومة الإطفاء في ريف المحافظة في حالات الحرائق في الغابات والحراج والتي تصعب السيطرة عليها، ولذلك تشارك مديرية الدفاع المدني بخطة مكافحة الحرائق السنوية التي تعدها مديرية الزراعة والجهات المعنية في المحافظة كل عام، حيث يتم الوقوف على السلبيات في العمل ومناقشة التطورات واستخدام الوسائل الناجعة للعام القادم، مشيراً إلى أن التعاون مع مديرية الزراعة وفوج الإطفاء شكّل أفضل منظومة إطفاء على مستوى سورية.
الدفاع المدني: الحصار حرمنا من تحديث معداتنا
وأشار داؤود إلى أنه بسبب الحصار المفروض على بلادنا، من الصعب دخول معدات وآليات جديدة، حيث المعدات الموجودة تعرضت للأعطال الكثيرة نتيجة الاستخدام وليس هناك آليات دفع رباعي تساعد في المناطق الجبلية، كما أن هناك حاجة لصهاريج دفع رباعي تناسب طبيعة المناطق الجبلية والحراجية التي تنشب فيها الحرائق، وكذلك الحاجة لحقيبة ظهر خاصة بكوادر الدفاع المدني، بالإضافة لمنظومة اتصال متطورة كباقي منظومات الإطفاء، فهناك أماكن جبلية كثيرة تنعدم فيها الاتصالات الخلوية، كما نطمح وبشكل مستمر لزيادة الكوادر البشرية ضمن منظومة الدفاع المدني.
وأكد داؤود أن هناك الكثير من المناطق كان التعامل معها صعباً، إما بسبب قلة الطرق الحراجية أو لأنها كانت ضمن مرمى المسلحين إضافة لمخلفات المسلحين في تلك المناطق بالإضافة لصعوبة المنحدرات، حيث كانت الكوادر البشرية هي القادرة فقط على الدخول والمشي بخراطيم المياه لمسافات طويلة .
مراكز إطفاء حسب الحاجة
بدوره، بيّن قائد فوج الإطفاء في اللاذقية المقدم مهند جعفر في حديثه لـ”تشرين”أن أكثر الصعوبات التي واجهت فوج الإطفاء أثناء عمله في إطفاء الحرائق الحراجية هي وعورة المناطق الجبلية وشدة المنحدرات، بالإضافة إلى هبوب الرياح الشرقية، حيث يصعب الوصول إليها، حيث تلك المناطق لا تنفع معها الطرق الحراجية ولا الجرّافات لشدة المنحدرات، ويكون التعامل معها عن طريق مد الخراطيم والفرق الراجلة وأحياناً كانت تتم الاستعانة بالطائرات، مشيراً إلى أن جميع الكوادر مؤهلة ويتم التنسيق والتعاون مع دائرة الحراج في مديرية الزراعة فيما يخص وضع الخطط السنوية لمكافحة الحرائق.
وأوضح جعفر أنه يتم حسب حاجة كل منطقة في الريف وضع مراكز للإطفاء، حيث وضع هذا العام مركز إطفاء بمنطقة القطيلبية يخدم القطيلبية وما حولها، وتم من خلال هذا المركز السيطرة على 9 حرائق، حيث إن وجود مراكز الإطفاء في مناطق متعددة يوفر الوقت والجهد في التعامل مع الحريق ريثما تصل المؤازرة من المركز الرئيسي.
تأهيل الطرق الحراجية
انطلاقاً من فكرة (درهم وقاية خير من قنطار علاج) أكدت مديرية الزراعة في المحافظة على تضافر كافة الجهود لمواجهة الحرائق، إذ بين رئيس دائرة الحراج في المديرية المهندس جابر صقور في حديثه لـ” تشرين” أنه يتم سنوياً اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية بهدف تقليل عدد الحرائق وتقليص المساحات المحروقة لأدنى المستويات، وقد أثبتت هذه الإجراءات فاعليتها خلال السنوات الماضية باستثناء بعض الحالات لحرائق ترافقت مع ظروف جوية مساعدة على انتشار الحريق (درجات حرارة مرتفعة – رطوبة جوية منخفضة- رياح سريعة وجافة).
وأشار إلى أهم الإجراءات الوقائية المتخذة، منها شق وترميم الطرق الحراجية، حيث يتم سنوياً وقبل بداية فصل الصيف العمل على ترميم وصيانة جميع الطرق الحراجية وخطوط النار المنتشرة في المواقع الحراجية والغابات في ريف محافظة اللاذقية، بحيث تكون تلك الطرق الحراجية سالكة لمرور صهاريج الإطفاء عليها وكذلك الآليات الأخرى للدخول إلى أي نقطة ضمن تلك المواقع الحراجية عند حدوث حريق فيها، مبيناً أنه تم شق مسافة 11.5 كم من الطرق الحراجية لعام 2023، كما تم شق مسافة 10 كم من الطرق الحراجية لعام 2022، أما خطة ترميم الطرق الحراجية المقررة لهذا العام فهي 1978كم .
الإطفاء: نعاني من وعورة المناطق الجبلية وشدة المنحدرات
وأوضح صقور أنه يتم شق بعض الطرق الحراجية الجديدة سنوياً بعد الدراسة في مواقع حراجية تتميز بغطائها الحراجي الكثيف وارتفاع خطورة الحرائق ضمنها، ولكن بسبب الطبيعة الجغرافية القاسية التي تتميز بها محافظة اللاذقية ولاسيما الانحدارات الشديدة والطبيعة الصخرية القاسية جداً، مازالت بعض المواقع الحراجية بحاجة إلى الطرقات ولكن لا يمكن شق أي طريق ضمنها وفي هذه المواقع يتم الاعتماد على الكوادر البشرية المزودة بالعدد اليدوية (مناجل – مناشير آلية – مطافئ ظهرية) لإخماد الحرائق في حال حدوثها.
ضبوط حراجية
وأشار رئيس دائرة الحراج إلى أن عدد الضبوط المنظمة لعام 2024، بلغ 211 ضبطاً حراجياً، منها 42 ضبط مصادرة، في حين بلغ عدد الضبوط المنظمه عام 2023 ، 1072 ضبطاً حراجياً منها 111 ضبط مصادرة، مؤكداً أنه بفضل الإجراءات المتخذة تقلص عدد الحرائق عما كان عليه الوضع في الأعوام السابقة، حيث بلغ عدد الحرائق الحراجية منذ بداية العام حتى تاريخه 11 حريقاً بمساحة 2.11 هكتار فيما وصل عدد الحرائق الزراعية 210 حرائق بمساحة 69.02 هكتاراً، وبالمقارنة مع العام الماضي وصل عدد الحرائق العام الماضي66 حريقاً حراجياً بمساحة 3602.44 هكتاراً، و 517 حريقاً زراعياً بمساحة 879.93 هكتاراً .
إشراك المجتمع المحلي
فيما يخص نقص الكوادر، بين صقور أنه يتم سنوياً خلال فصل الصيف تعيين عقود موسمية لرفد مراكز وفرق الإطفاء بأعداد إضافية من العمال بما يتناسب مع حجم الأعمال المطلوبة، وفي هذا السياق يتم إشراك المجتمع المحلي في حماية الغابات مع الحرص الشديد على تعيين العمالة الموسمية من أهالي المجتمع المحلي بشكل أساسي( عمال إطفاء – عمال تحريج – عمال تربية وتنمية – عمال مشاتل – حراس حراجيون)، وهذا الإجراء مهم جداً كونه يؤمن سرعة اكتشاف الحرائق والوصول إليها بشكل أسرع، بالإضافة إلى مضاعفة الجهود المبذولة من قبل سكان المجتمع المحلي نتيجة الشعور بالانتماء للمواقع الحراجية القريبة من مسكنهم وحرصهم على حمايتها كمصدر انتفاع لهم.
وبيّن أنه عند توزع الحراس الحراجيين على مواقع العمل، يتم بالدرجة الأولى مراعاة أماكن السكن وتكليف الحراس بأقرب المواقع على مكان سكنهم، أما الحراس القاطنون في أماكن بعيدة عن مواقع الغابات، فيتم تكليفهم بحراسة المواقع الحراجية الأقل عرضة للتعديات والأقل حساسية للحرائق، كما يتم تزويد قسم من الحراس الحراجيين بدراجات نارية لسهولة التنقل.
مضاعفة العقوبة
وأكد صقور أنه في حال تعرض الغابات للتفحيم والحرق والقطع، فإن قانون الحراج رقم /39/ لعام 2023 أفرد مادة كاملة رقمها /62/ تتضمن مضاعفة العقوبات المنصوص عليها بالقانون إذا ارتكب الفعل المعاقب عليه بموجب أحكام القانون من أحد القائمين على تنفيذ أحكامه واقترن بحالة من حالات صرف النفوذ، بالإضافة لذلك يتم وبشكل دائم فرض العقوبات المسلكية بحق من يثبت تقصيره بالعمل.
أقرأ أيضاً: