الاستثمار في الأوجاع يحقق أرباحاً كبيرة لأصحاب الضمائر الميتة.. احتكار الأدوية يوجد سوقاً موازية للعامة ويؤدي إلى تباين الأسعار
تشرين- بادية الونوس:
ما يحدث في آلية بيع الدواء لدينا يشبه إلى حد كبير أي سوق تجارية تعمل بهدف الربح، فالذهنية السائدة هي ذهنية “الدكانة”، كما يحدث في بيع أي مادة استهلاكية.
تساؤلات عدة يطرحها الجميع: لماذا سعر الدواء غير مستقر على رقم محدد؟ ولماذا يختلف من صيدلية إلى أخرى وضمن المنطقة الواحدة؟ على سبيل المثال خافض السكري يباع في عدد من الصيدليات بـ 8500 ليرة، بينما يباع في أخرى بـ11ألف ليرة.. أيضاً دواء الضغط “كوتيبتال” يباع بـ23 ألف ليرة، وكذلك يباع بـ25 ألفاً، وحتى على مستوى ظرف السيتامول، يتراوح سعره بين 4 و 5 آلاف ليرة، أما المكملات والفيتامينات، فحدّث ولا حرج!
الأغلبية تعتقد أن الصيدلاني هو من يبيع على هواه، بدليل أن التسعيرة الحقيقية المحددة، يتم شطبها ووضع التسعيرة الجديدة.. إنها غصة نشعر بها جميعاً، لطالما وصل الأمر إلى الاستثمار في أوجاعنا وآلامنا توجد مبررات من وجهة البعض من الصيادلة بأن الصيدلي هو الحلقة الأضعف ولا يتعدّى أنه حلقة وصل بين الشركات المصنّعة والمواطن مع هامش ربح بسيط، ناهيك بوجود نفقات إضافية، في حين تؤكد نقابة صيادلة دمشق أن التسعيرة يتم تحديدها وفق وزارة الصحة، وغالباً يتم التقيد بها، والمخالفات التي تم ضبطها لا تتجاوز عشر شكاوى للعام الماضي.
من وجهة نظر د. الصيدلاني محمد حمزاوي فإن التباين في الأسعار يفترض ألا يكون موجوداً أساساً، لكن الظروف العصيبة التي مرت بها البلاد خلّفت مشكلات لم تكن في الأصل موجودة، فمثلاً في الماضي كان هناك استقرار اقتصادي واجتماعي، وكذلك في سعر الصرف، والعامل الآخر أصبحنا نشهد هبوطاً بقيمة الليرة.
ولفت إلى موضوع استيراد المواد الأولية الخام، إذ كان في الماضي يستورد المستورد مواد خام لمدة سنتين، يتم فيها تصنيع كميات كبيرة تكفي لسنتين، أما في الوقت الحالي فقد أصبح وبقوة الظروف يستورد مواد أولية لمدة ستة أشهر، ومن ثم يقدم لوزارة الصحة التكاليف لصنع الأدوية وفق التكلفة وأسعار المواد المستوردة والمواصفات، لتحدد الأسعار وفق ذلك.
سوق موازية في الخفاء!
يضيف د. حمزاوي، وهو صاحب خبرة في مجال الأدوية لمدة 35 عاماً: حالياً الوضع شبه مستقر اقتصادياً، وكذلك سعر الصرف، ومن وجهة نظره الصيدلاني هو حلقة وصل بين الصناعي الدوائي والمواطن، وبناء على تكاليف صنع دواء يلجأ صاحب المعمل إلى رفع السعر على الصيدلاني تلقائياً من دون العودة إلى وزارة الصحة، أي أصبح شبه سوق سوداء موازية للسوق العامة، ويحدث هذا خاصة في المحافظات، ولأنه أصبح لدينا سوق سوداء خفية للدواء لم يعد الصيدلاني يحقق الربح المطلوب رغم إعطائه هامشاً بسيطاً، لذلك يضطر لأن يبيع بسعر أعلى وعدم الالتزام بالتسعيرة، وعلينا ألا ننسى أن لديه مصاريف إضافية مثل أجور عاملين لديه وكهرباء وضرائب.
البعض “مليَرَ”
أيضاً تحدث حمزاوي عن دور المستودعات الدوائية التي تسهم في رفع الأسعار، إذ يعمد صاحب المستودع إلى احتكار الأدويةاحتكار الأدوية لفترة طويلة أحياناً، وهو الذي يوزع إنتاج معامل الأدوية إلى الصيدليات، ويحدث أحياناً أنه “يطنّش “على المواد المطلوبة لأشهر، وقد يشكّل الطلب المتزايد عليها ضغطاً ما، أي ما يشبه “قطع الدواء” لفترة ومن خلال عملية الاحتكار هذه «مليَرّ» البعض من تلك العملية.
في أمل في التخفيض
حمزاوي رأى أنه من خلال الانفراجات السياسية من فتح المعابر وغيرها، سينعكس ذلك على كل شي بما فيها الأدوية، لأنه عندما تكون هناك سلاسة وتوفر بالمواد وتخفيض بتكاليف الشحن والاستيراد، سينعكس ذلك إيجاباً على المواطن.
يتبع المواصفات
الصيدلانية راما لها وجهة نظر مختلفة، إذ توضح أن وزارة الصحة تحدّد سعر الدواء رسمياً، لكن يختلف السعر من شركة إلى أخرى، وهذا يتبع للمواد المستخدمة وطريقة معالجة الدواء.
وأضافت: لكل شركة وصفة سرّية في طريقة المعالجة، تختلف من واحدة إلى أخرى.. مثلاً شركة معينة تطلب سعراً محدداً قد تكون حاصلة على امتياز، ويعني أنه تم التصنيع وفق مواصفات عالمية حسب الشركة إن كانت تحصل على امتياز، فعندها الشركة تختلف أسعارها عن الشركة العادية.
نقيب الصيادلة: «موقفّين التصريحات»!
نقيب الصيادلة لا جواب لديها
لمعرفة وجهة نظر نقابة الصيادلة في سورية تواصلت “تشرين” مع د. وفاء كيشة رئيس النقابة، فرفضت التصريح حول هذا الموضوع قائلة حرفياً: (موقفّين التصريحات)!! رغم ردها الاستفزازي الذي لا ينم عن معرفتها بأهمية دور الإعلام في عرض موضوع مهم يتعلق بأسعار الأدوية الذي يهم السواد الأعظم من الناس، وليس لنا أي غرض سوى الصالح العام.
ويبقى السؤال: كيف لشخص أن يشغل مكاناً مهماً لجهة معنية وغير قادر على الحديث عن عمله؟!
جولات دورية
نقيب صيادلة دمشق د. حسن ديروان، أكد أن أسعار الأدوية محددة بنشرة تسعير صادرة عن وزارة الصحة، والصيادلة ملتزمون بالبيع بأسعار العموم المحددة، مشيراً إلى أن برامج المحاسبة في معظم الصيدليات تضبط الأسعار، وتقلل احتمال الخطأ بأسعار الأدوية, وخصوصاً بعد التغييرات المتعاقبة على أسعار الأدوية، وعدم طباعة السعر الحديث من معامل الأدوية على علبة الدواء، مبيّناً أن عدد شكاوى تجاوز الأسعار خلال العام الماضي لم يتعدَّ العشر شكاوى.
ولفت إلى أن لجنة شؤون الصيدليات التابعة لفرع دمشق لنقابة الصيادلة، تقوم بجولات دورية على معظم الصيدليات مع التأكيد على الالتزام بالأسعار المحددة، مؤكداً أنه عند ورود أي شكوى إلى الفرع بخصوص عدم التقيد بالأسعار المحددة، يتابع مجلس الفرع فحوى الشكوى ويستدعى الصيدلاني والمشتكي إلى الفرع لتسوية موضوع الشكوى، وإذا ثبتت الشكوى يخالف الصيدلاني.