الفلاح يبيعه بثلاثة آلاف ليرة والمستهلك يشتريه بـ 15 ألفاً.. خبير زراعي يكشف المعادلة وراء سعر المشمش 

تشرين – حسام قره باش:

فاق موسم المشمش والكرز التوقعات هذا العام مع تقدم واضح لمحصول الكرز كما تشير التقديرات الأولية لإنتاجهما، فانخفضت أسعار الكرز في الأسواق في حين لا تزال أسعار المشمش أكثر من المعتاد، حيث يباع الكيلو منه ما بين 10- 20 ألف ليرة مع اختلاف السعر حسب الصنف الذي يفرضه واقع السوق والعرض والطلب.

مديرية الإحصاء والتخطيط في وزارة الزراعة بينت لـ” تشرين” أن إجمالي إنتاج القطر من المشمش لعام 2023 بلغ 54686 طنًا، منها 17541 طنًا في ريف دمشق، بينما بلغ إنتاج الكرز للعام نفسه 72694 طنًا منها 46590 طنًا في ريف دمشق في حين لم يتم إحصاء موسم 2024 للآن لعدم انتهاء الموسم.

وإن كان إنتاج سورية يكفي حاجة السوق المحلية إلّا أنه تراجع خلال الأزمة بنسبة 50٪ تقريباً بعد أن بلغ الإنتاج 112,7 ألف طن من المشمش في عام 2010 محققة في ذلك الوقت المرتبة الثالثة عربياً والتاسعة عالمياً.

وبطبيعة الأحوال مع كل تلك الأرقام ورغم أهميتها الاقتصادية فهي لا تعني المستهلك بقدر ما يعنيه انخفاض الأسعار خاصة المشمش التي تعدّ فاكهته الصيفية المفضلة إضافة إلى ما يصنعه منها كالمربى وقمر الدين.

ظروف مناخية ملائمة

مدير زراعة ريف دمشق المهندس عرفان زيادة، أوضح في تصريحه لـ”تشرين” أن الظروف المناخية الملائمة ساعدت على إنتاج أمثل لموسم الكرز الذي قُدر بحالة جيدة جداً علاوة على أن معظم الموسم بعل، حيث تشير التقديرات الأولية لإنتاج الكرز في ريف دمشق هذا العام أكثر من 47 ألف طن، فيما قدرت كميات المشمش بحالة جيدة لحاجته لكميات إضافية من الأسمدة بواقع إنتاج بلغ أكثر من 17 ألف، وبقي محافظاً على ارتفاع أسعاره لقلة العرض وزيادة الطلب الدائم عليه من أجل صناعة قمر الدين الذي تشتهر به ريف دمشق على عكس الكرز الذي انخفضت أسعاره بسبب زيادة الكميات المعروضة في الأسواق والإنتاج الوفير بنوعية ذات جودة عالية مع انخفاض الطلب عليه وتراجع التصدير إضافة لارتفاع درجات الحرارة باعتبار أنّ الكرز حساس ولا يتحمل الظروف الجوية عكس المشمش.

ونوه بأنه جرى تصدير المشمش والكرز إلى دول الجوار، حيث صدر المشمش خلال شهري نيسان وآيار لدول الخليج (الكويت وقطر والإمارات) إضافة لتصدير كميات قليلة من الكرز.

متوالية رفع الأسعار

إذا كان الفلاح يبيع كيلو المشمش للتاجر بـ3 آلاف ليرة، فكيف يعرض في السوق ويصل للمستهلك النهائي وسطياً بسعر 15 ألف ليرة؟.

عن هذا الفارق السعري الكبير من الفلاح إلى المستهلك، يشير أمين سر غرفة زراعة دمشق الدكتور مجد أيوب في حديثه لـ”تشرين” إلى وجود حلقات وسيطة إجبارية بين الفلاح والمستهلك موجودة بكل دول العالم، فإذا باع الفلاح إنتاجه للتاجر على باب مزرعته بـ3 آلاف ليرة فهو بذلك يحصل على حقه، وبذلك يرتاح من أعباء كثيرة ستترتب على التاجر أو “الضمَّان” الذي اشترى إنتاجه كأجور النقل المتعلقة بأسعار المحروقات المرتفعة، إضافة للنسبة التي سيدفعها لتاجر سوق الهال التي تتراوح من 5-7٪ سواء كانت البضاعة رديئة أو ممتازة، عدا عن نسبة تاجر نصف الجملة وتاجر المفرق الذين ليس لهم نسبة محددة وتختلف من سوق لآخر، ففي سوق الشعلان مثلاً نسبتهم 100٪ وفي سوق باب السريجة نسبتهم 10٪ وهذه تعد من أسباب زيادة التكاليف في البيع والشراء، متابعاً أن على الفلاح أيضاً تكاليف إنتاج عالية كالمحروقات وأسعار السماد الغالية والمبيدات الحشرية والفطرية التي كان سعر اللتر منها قبل الأزمة ألف ليرة واليوم سعره 200 ألف ليرة، وهذه التكاليف يدفعها الفلاح أولاً ثم يضيفها على سعر إنتاجه الذي اشتراه التاجر ثم بدوره يحتسبها على تاجر سوق الهال وهكذا في متوالية ينتهي آخرها عند المستهلك الذي ستترتب عليه جميع تراكمات الفروق السعرية للمنتَج.

السعر منطقي

ورأى أيوب أن السعر الحالي للمشمش والكرز منطقي تبعاً للصنف والنوعية، حيث شارف تقريباً موسم المشمش على نهايته، فيما قاربت بعض أصناف الكرز على الانتهاء من الأسواق كالكرز الأحمر أو الخمري القاسي لتبدأ أصناف مثل قلب الطير بالنزول على الأسواق وأي صنف كالعادة تكون أسعاره مرتفعة ثم تنخفض بسبب فائض الإنتاج ثم تعود للارتفاع في نهاية موسمه.

وحسب أيوب، فاليوم مهما كان السعر نعتبره منطقياً مقارنة بمثيله في دول الجوار حيث يتراوح سعر كيلوغرام الكرز مثلاً في لبنان بحدود 75 ألف ليرة، وكذلك في الأردن، إنما تعود شكوى المواطن من ارتفاع الأسعار في بلدنا إلى ضعف القدرة الشرائية وانخفاض دخله بالتوازي مع الدخل المرتفع بالدول المجاورة.

يوجد تصدير

وكشف أيوب عن وجود تصدير للكرز والمشمش والخضار أيضاً خاصة لدول الخليج سواء بالبرادات أو الطيارة، مبيناً أنه يومياً بشكل طبيعي يخرج 4 برادات تحمل الفواكه والخضار وكل براد فيه 18 طناً رغم وجود بعض المشاكل على الطريق إلى الأردن والسعودية كما ذكر.

وحالياً، وفق أيوب، يصعب حصر الكميات المصدرة من أول الموسم حتى الآن لأن أغلب غرف الزراعة بالمحافظات تصدر شهادات منشأ حتى إن غرف التجارة أحياناً تصدِّر منتجات زراعية باسم شهادة منشأ تجارية، وكذلك أيضاً تصدر غرفتا زراعة درعا والسويداء كميات قليلة من إنتاجهما رغم ضعف النشاط التجاري فيهما.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار