لمن ستكون الغلبة واليد الطولى في فرض النفوذ بالمنطقة الآسيوية مستقبلًا في ظل التنافس ومن سيفرض هيمنته؟

تشرين يسرى المصري:
من المتوقع أن يشهد المستقبل تحولات مهمة في التنافس الإقليمي، مع تطور تحالفات جديدة وتغير في موازين القوى. إذ يمكن للتكنولوجيا والابتكار أن يلعبا دورًا متزايد الأهمية في تعزيز قدرات الدول، مما قد يغير من ديناميكيات القوة، كما أن التحديات العالمية المشتركة مثل التغير المناخي والأمن السيبراني، قد تدفع الدول نحو مزيد من التعاون وتنسيق الجهود.
ومهما يكن من أمر؛ ستظل منطقة المحيطين: الهندي والهادئ محورًا رئيسياً للتنافس والتعاون، ومراقبة تطوراتها ستكون أساسية لفهم مستقبل النظام الدولي بشكل عام.
وقبل حوالي عام من الآن، أصدر معهد (لوي) ومقره في سيدني، تقريره الأحدث حول مؤشر نفوذ القوى الدولية بالقارة الآسيوية، مسلطًا الضوء على الديناميكيات الجيوسياسية في منطقة المحيطَين: الهندي والهادئ، حيث اعتمد التقرير على مجموعة من البيانات التي تصنّف الدول بناءً على قدرتها على التأثير في الأحداث الدولية، وتوجيه سلوك الدول الأخرى في المنطقة، كما أنه يغطي 26 دولة تمتد من باكستان في الغرب إلى روسيا في الشمال، وصولًا إلى المحيط الهادئ.
بناء على المعطيات التي وردت بهذا المؤشر أو التقرير، فإن الدول التي تتصدر المشهد كأقوى دولة في المنطقة، تشمل القدرة الاقتصادية والعسكرية، القدرة على الصمود، الموارد المستقبلية، الشبكة الدفاعية، والتأثير الثقافي. وتتصدر الصين في مجالَي النفوذ الدبلوماسي والعلاقات الاقتصادية، مما يعكس نموها السريع وقوتها المتزايدة.
ويعتمد تقرير “لوي” في تحليله على مجموعة من 133 مؤشرًا لقياس القوة، بما في ذلك الناتج المحلي الإجمالي، وعدد الشركات المدرجة في قائمة فوربس 2000، وحجم صناديق الثروة السيادية. تشمل المؤشرات أيضًا عوامل مثل: عدد السفارات وعدد مرات البحث على الإنترنت، وحتى عدد ناطحات السحاب، والتي تعتبر رمزًا للهيبة الاقتصادية والديناميكية.

أبعاد توازن القوى في آسيا
أحد أهم الجوانب التي يبرزها التقرير هو دور الدول المتوسطة، مثل: اليابان، والهند، وروسيا. على الرغم من تصدر الولايات المتحدة والصين للمشهد، تلعب هذه الدول دورًا حيويًا في تشكيل الديناميكيات الجيوسياسية في المنطقة. على سبيل المثال، أستراليا جاءت في المرتبة السادسة متفوقة على كوريا الجنوبية.

فبينما تبقى الصين تستمد قوتها من موقعها المركزي في النظام الاقتصادي العالمي، تعتمد الولايات المتحدة على قوتها العسكرية وشبكات الدفاع الإقليمية. هذا التوازن غير المستقر بين القوى العظمى يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الدولية في المنطقة، ويعكس عدم اليقين بشأن قدرة الدولتين على الحفاظ على توازن القوى دون الانجرار إلى مواجهات مباشرة.

نحو نظام متعدد الأقطاب
من اللافت للنظر أن “القرن الصيني” قد يعد السيناريو الأكثر ترجيحًا. ومن غير المتوقع حسب المعطيات أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة بحلول نهاية العقد الحالي، وإذا حدث ذلك في المستقبل، فمن المحتمل أن تواجه تحديات مشابهة لتلك التي واجهتها الولايات المتحدة في الماضي. هذا يفتح المجال لسيناريو بديل يتمثل في منطقة متعددة الأقطاب، تقودها مجموعة من القوى الكبرى.
في هذا السياق، وهو ما يبرزه تقرير “لوي”، تصبح تصرفات وخيارات الدول المتوسطة أكثر أهمية في تشكيل طبيعة النظام الإقليمي. هذه الدول تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز استقرار المنطقة والتعاون بين القوى المختلفة، مما قد يساهم في تجنب الصراعات المباشرة والعمل نحو حلول مشتركة.
عود على بدء يبرز تقرير معهد “لوي” تعقيدات توازنات القوى في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ، في ظل التنافس المستمر وعدم قدرة أي من القوى الكبرى على تحقيق الهيمنة الكاملة.
وقد جاء مؤشر “لوي” ليسلط الضوء على حجم نفوذ القوى الدولية في آسيا ومستقبلها؛ فأهميته تبدو كبيرة كونه يوفر تحليلًا شاملًا ودقيقًا لتوازنات القوى في منطقة حيوية ومتنافسة جيوسياسيًا، مثل المحيطين: الهندي والهادئ، ويعكس القدرة النسبية للدول على التأثير في الأحداث الدولية وتوجيه السياسات، مما يساعد الحكومات وصناع القرار على فهم الديناميكيات المعقدة للمنطقة، وتحديد التهديدات والفرص الإستراتيجية، وتطوير سياسات فعالة للتعامل مع المنافسات والتعاونات الدولية.
كما يساهم في توفير رؤى معمقة للباحثين والمحللين حول التطورات الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية، وبالشكل الذي يدعم الدراسات الأكاديمية والتحليلات المستقبلية للعلاقات الدولية ونفوذ القوى العظمى والصاعدة عسكريًا واقتصاديًا وثقافيًا ودبلوماسيًا ويطرح سؤالًا: لمن ستكون الغلبة واليد الطولى في فرض النفوذ بالمنطقة الآسيوية مستقبلًا في ظل التنافس الصيني – الأميركي؟
ويبقى القول إنه بالنظر إلى التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المستمرة، يبقى المستقبل غير مؤكد، فهل ستتمكن الصين من تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي لتتجاوز الولايات المتحدة؟ أم ستظل الولايات المتحدة مهيمنة بفضل قوتها العسكرية وشبكاتها الدفاعية الواسعة؟ كما أن دور القوى المتوسطة (الصاعدة) مثل: اليابان، وكذلك الهند، وروسيا، سيظل حاسمًا ومركزيًا في تشكيل مستقبل النظام الإقليمي وفرض هيمنته.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
صباغ يتلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره الجزائري أكد فيه تضامن بلاده مع سورية في مواجهة التهديدات الإرهابية وزيرا التربية والتعليم العالي: التحاق التلاميذ والطلبة الوافدين من حلب جراء الإرهاب بمدارس إقامتهم الحالية وبالجامعات التي يرغبونها صناعة دمشق وريفها تقترح تشكيل لجنة تَدخّل من الجهات المعنية واتحاد غرف الصناعة لحل مشاكل الاستيراد والإسراع بتخليصها بهدف الاستمرار بالعملية الإنتاجية السوداني يبلغ أردوغان: العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة في سورية مجلس الشعب يتابع مناقشة تقرير لجنة الموازنة والحسابات حول مشروع موازنة ‌‏2025 زيادة المعروض السلعي وتشديد الرقابة على الأسواق.. مجلس الوزراء يوافق على خطتي "التربية والتعليم العالي" لاستيعاب تلاميذ وطلاب حلب تشكل خطراً على العين..ما متلازمة النظر للحاسوب؟ الخارجية الإيرانية: إيران أوصلت رسالة واضحة بشأن دعمها الحاسم لسورية ضد الإرهاب الحزب الشيوعي البرازيلي والمركز البرازيلي للسلم يعربان عن تضامنهما مع سورية بمواجهة الإرهاب توقف عملية إحصاء الثروة الحيوانية في مجال زراعة حماة واستكمالها في الغاب بين المد والجزر