“منصة ماجيك وورد” و”قناة نملة”.. مشروع جديد يبني طفلاً متمكّناً وآمناً على المساحات الافتراضية
دمشق- لمى بدران:
اليوم بات من المستحيل أن نلغي الهاتف المحمول الذي يحتوي على مساحات افتراضية واسعة وخطيرة من متناول أطفالنا، إنهم منجرفون تماماً ويفقدون مداركهم وتركيزهم وينفصلون عن الواقع بسببها، لذلك لا بدّ من رؤية ممنهجة جديدة نحمي بها الأطفال، حتى لو كانت تجربة فردية ومغامرة جديدة تحتاج الكثير من الصبر والعمل، فنحن في سورية لدينا خبراء واختصاصيون وعقول تمتاز بالدقة والموضوعية والاحترافية العالية فلم لا نشجّع هذه التجارب؟.
التجربة التي أريد أن أنقلها إليكم هي فكرة عميقة تحوّلت إلى مشروع رائد، بعد أن انطلقت من هاجس الخوف على ضياع اللغة العربية عند الأطفال، وتأثّرهم بمفردات دخيلة ولغات لا تعبّر عن هويتنا أبداً، مع الحرص على مواكبة العصر، ليردّ هذا المشروع على هذه الحالة التي وصل أطفالنا إليها اليوم، بتمسّكه بأفكارنا المجتمعية الخاصة بنا وبأخلاقنا نحن وبلغتنا نحن، فلا خيار أمام أصحاب العمل إلا ابتكار خطة تقوم على أساس “وداويها بالتي كانت هي الداء” أي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي نفسها كأداة يذهبون فيها إلى الطفل ليبثّوا له ما يريدون، وما يجب أن يحصل عليه من خلال هذا العالم الافتراضي، فبدؤوا العمل على إنشاء منصة تعليمية تدعى “ماجيك ووردز” تتضمن أسئلة تقييمة للغة العربية على شكل منهاج متكامل ومبسّط، إضافةً إلى “قناة نملة” وهي قناة يوتيوب تستهدف الأعمار الصغيرة وتنشر تعليم الحروف العربية وأغاني الأطفال بسلاسة وبطريقة ترفيهية.
لقد تحدّث لـ”تشرين” مدير المشروع أنس السيد عن أهدافهم، حيث يهدف المشروع إلى توفير تجربة تعليمية شاملة ومتكاملة لتعليم اللغة العربية والإنجليزية لغير الناطقين بها، مبني وفق المعايير العالمية، ويتناسب مع احتياجات المتعلمين من مختلف الخلفيات والمستويات، ويتابع لنا بخصوص ما وصلوا إليه اليوم: حتى الآن تم تحقيق الكثير من الإنجازات مثل إطلاق جميع مراحل منهاج اللغة العربية وجاري برمجة منهاج اللغة الإنجليزية، وإطلاق قناة اليوتيوب المتخصصة بنصوص الاستماع “ووردس أكاديمي”، حيث بلغ عدد الفيديوهات ٢٩٨ فيديو مرتبة، ومنصة أخرى تعتبر الثانية من نوعها حول العالم وهي “أب وايزر” مبنية بأيادٍ سورية خالصة، لتوفير منصة رقمية لتصميم الاختبارات وأوراق العمل والدروس من المعلمين، إضافة إلى قناة نملة وهي الأولى من نوعها، وتمت وفق معايير أدب الطفل لرفد ثقافة الطفل بالعديد من الخيارات لبناء شخصية سوية
وحول توقّعاته في هذا المشروع يقول: نتوقع أن يغير المشروع مفهوم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدى الأطفال والأهالي من خلال توفير بديل تعليمي مفيد ومسلي بدلاً من قضاء وقت طويل على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل قد يوجّههم لمسارات غير مناسبة، فتجربتنا امتدت لأكثر من عامين من العمل الدؤوب، لنوصل رسالة أن أبناء سورية لا يقف في وجه إبداعهم وتفانيهم أي عائق، ولقد شهدنا تفاعلاً إيجابياً من مختلف القامات والمؤسسات التعليمية داخل سورية وخارجها.
ومن جانب آخر أفصح لنا الفنان التشكيلي والمتخصص في أدب الطفل رامز حاج حسين وهو مؤسس في هذا المشروع عن بعض تفاصيله، حيث ذكر أن ما عزّز نجاح الفكرة ووصول المشروع إلى النور بعد سنتين من الجهد هو أنهم عصفوا ذهنياً أفكارهم مع الأطفال ذاتهم، وهم من ساعدوه في تشكيل رسم النملة، لأنه يعتبرهم أكاديمية مفتوحة أمامه، يأخذ منهم مفرداته البصرية والفنية واللغوية، ويقول عن سير العمل: في البداية جمعنا من كل بستان زهرة وأسّسنا فريق عمل من كافة الاختصاصات (كتّاب_ فنيين رسامين_ مغنيين.. الخ)، ثم باشرنا بصنع عدد من الفيديوهات والاختبارات والانطباعات، تطوّر العمل وأصبح لدينا إنتاج لمدة عام، بدءاً من الحروف العربية ببساطة في دندنات لها وأغانٍ وأناشيد فصيحة مع موسيقا تناسب الأطفال، انتقالاً إلى تحضيرات الموقع الفنيّة والتأليف وإعداد رسوم الكتب وإلى ما هنالك، وأيضاً وصلوا إلى إطلاق مؤتمر (ماجيك وورد) في دبي، تكلّموا فيه عن أهمية الكلمة واللحن والصورة للأطفال، وكان له محاضرة خلال هذا المؤتمر الذي حصل منذ أشهر قليلة وأُطلق من خلاله هذا المشروع المتكامل ويقول لنا عن تلك المحاضرة: تحدّثت فيها أن الوجبة المقدّمة للطفل هي مثل الطائر جناحاها الكلمة والصورة، وأشرت إلى أن قناة نملة هي باكورة أعمالنا وأفكارنا، ومشروعنا يتطور وسندخل فيه أفكار جديدة تصل إلى أن يشارك الأطفال بالفيديوهات، وهو مفتوح أمام الجميع، ونرغب أن تكون هذه التجربة السورية الفردية والتي من الممكن أن تتأطر بإطار وطني مشترك، هي تجربة بمثابة إلقاء حجر في ماء راكد لنغار كلنا من بعض غيرة حميدة، ونتنافس بالشيء الجيد من أجل أطفالنا لأنه واجب أن لا نتركهم.
لا بدّ أن هذا المشروع من المشاريع التي تعود على أطفالنا بثمار طيّبة، لأنه يحاكي احتياجات الطفل في زمن يصعب علينا فيه السيطرة على أطفالنا أمام أنظمة التعويم الفكري والحداثة التي نخضع لها جميعاً كباراً وصغاراً بشكل أو بآخر، لذلك لا يسعنا إلا أن ننتظر رؤية النتائج المرجوّة منه بعد حين.