دمشق الولادة حباً وفناً… عبد الناصر الشعال: أرسم لأستمتع بالرسم وبما أنتجه من أعمال فنية
تشرين- وصال سلوم:
كيف يمكن أن تختصر مدينة بأكملها بحاراتها ونوافذها العتيقة… كيف يمكن أن توضب جدرانها وعرائش ياسمينها، وتسجل في زمن الحرب عبوس شخوصها، وانفراج أساريرها إن لم تكن فناناً يحتسي الحب وينفخ في وجه لوحاته المؤطرة ليلفظ فيها الروح!!
الفنان عبد الناصر الشعال الدمشقي المنشأ، لملم من خبايا ذاكرته مجموعة لونية تكاثرت وتضاعفت حتى باتت رقماً، حدوده مفتوحة لمعلوم تحدده عنوان لوحته الآنية، فكانت دمشق الحاضر الرئيس في لوحاته، تتفرع منها عناوين مختلفة يجمعها الحب ولا يفرقها الحرب بكل مخرجاتها الموجعة التي تركت أثراً في روحه وعمله الفني الذي انعكس عملياً في لوحات كرمت المؤسسة العسكري لما قدمته من تضحيات كبيرة في هذه الحرب الكونية.
وفي منزله الدمشقي، احتضن الأهل موهبته منذ الصغر وراعوا انفعالاته وخصوصية إبداعه، وقدموا كل ما يلزم من رعاية ومتطلبات ولوازم تليق بحضور منتج فني موقع باسم فرد من أفراد العائلة، وصار بعد إيمان وعزيمة الفنان الذي تفتخر به العائلة، ويكون سفيراً سورياً بلوحاته التي حلت ضيفاً عزيزاً على جدران محلية ودولية.
الفنان عبد الناصر يتحدث عن فنه وتجربته ويقول:
لطالما كان الرسم بالنسبة إلي هو عشق بمعنى الكلمة، فأنا أرسم لكي أستمتع كثيراً بالرسم وبما أنتجه من أعمال فنية وأكون حريصاً جداً على تقديم فن جميل شكلاً ومضموناً وهادفاً بنفس الوقت وعلى مستوى عال.. ولم يكن الرسم بالنسبة إلي وظيفة أو مهنة لكسب المال.. فالإنتاج الفني الراقي يجب أن يكون ممزوجاً بالحب والرغبة الشديدة لتقديم عمل فني يحمل كل القيم السامية وعلى ضوء ذلك سيكون له من يقدره ويقتنيه، لأن كل عمل يرسم من أجل الغاية المادية فقط هو عمل خالٍ من الإبداع ويفقد مضمونه الفني، علماً أنني متفرغ كلياً للرسم والحمد لله تم اقتناء الكثير من لوحاتي داخل القطر وخارجه، فأنا أرسم لأشبع روحي وأستمتع بالدرجة الأولى بالحالة الروحية لتحقيق اللوحة، أما اقتناء لوحاتي فسيكون تحصيل حاصل لاحقاً، فالعمل الجميل والمميز دائماً يجد من يقدره ويقتنيه، ولا أحبذ فكرة التقييد بالمدارس الفنية، فأنا أرسم ما تمليه روحي ورغبتي فغالبية لوحاتي رسمتها بأسلوب ما بين الواقعية والانطباعية والحرص على تقديم عمل فني حقيقي جميل ومميز غني بالإحساس والألوان الجميلة والمشرقة وعلى سوية فنية عالية لأن كل عمل يخرج من القلب سيدخل إلى القلب..
وأحبّ لوحاتي، هي اللوحة الأقرب إلى قلبي، وكل لوحة رسمتها بصدق وإخلاص وعشت معها كل اللحظات الجميلة المحملة بكل المشاعر والقيم الفنية الجميلة والراقية وتقديمها بأبهى وأجمل صورة.
كما تجذبني الوجوه وتفاصيلها لرسمها، ولقد كانت الوجوه مصدر إلهام لي منذ الصغر بما تحمله من طاقات روحية وتعبيرية كبيرة.. ومن خلال مسيرتي الفنية قمت برسم عدد كبير جداً من الوجوه الثقافية والأدبية والفنية والسياسية تقديراً لهم، فليس الغاية هي رسم الشكل والتطابق الشبهي، إنما الغاية هي الغوص بروح وجمال الشخصية المرسومة وعكسها على وجه الشخص لصنع عمل فني جميل يشعرك بقوة وحضور الوجوه، بكل ما يحمله رسم البورتريه من خصوصية وحرفية.
وما بين الوجه وتفاصيل الجسد مساحة تستحق التوثيق، فالجسد لا يقل أهمية عن الوجه وكما للوجه قدرة على التعبير فإن للجسد أيضاً قدرة أخرى للتعبير، فالجسد المتناسق مذهل وملهم للفنان وقد خلده الفنانون العظماء في كثير من اللوحات العالمية وكان موضوعاً رئيسياً في أعمالهم الفنية الجميلة.
إلا أن المؤثر الرئيس على كل لوحاتي هو الحب بكل انفعالاته وهو مصدر قوي جداً للفنان، فالحب والفن وجهان لعملة واحدة، فاللوحة مرتبطة بحالة من الحب بين الفنان ولوحته وبين موضوعاته التي يرسمها… فاللوحة التي ترسم بحب هي لوحة نابضة بالحياة وغنية بالمشاعر الجميلة والصادقة.