تدنّي القيمة الغذائية للحبوب بالتخزين السيىء.. والحرارة والرطوبة عاملان أساسيان
درعا – وليد الزعبي:
بينما كنت برفقة جاري أثناء عزمه على شراء مادة الفريكة من أحد المتاجر، لاحظته يتفحّص محتويات العبوة الشفافة بعناية، وحينها قال لي: انظر؛ إن الفريكة (مسوّسة) فيها حشرة السوس، فأعادها للرف وتناول عبوة من ماركة أخرى وأعاد الكَرَّة بمعاينتها، لكنها هذه المرة كانت جيدة ولا مظاهر إصابة عليها.
ظهور حشرة السوس يفقد الحبوب الكثير من مواصفاتها التسويقية وتداركها ليس بالمستحيل
هذه الحادثة قد تتكرر مع حبوب غذائية أخرى أحياناً لسوء تخزينها أو قدمها وتعرضها للرطوبة أو الحرارة المرتفعتين لمدة طويلة، مثل الحمص والفول الحب، وكذلك الأرز والبرغل، وقد تبدو الإصابة ظاهرة للعيان في بعض الحبوب ولاسيما ذات اللون الأبيض أو الفاتح، فيما تصعب مشاهدتها في حب الفول للونه الغامق، ولا تكتشف إلا عند نقع الفول بالماء أو بعد طهوه بالطنجرة.
أماكن التخزين
قد تحدث حالات الإصابة في المستودعات التي يتم فيها تخزين الحبوب، سواء لدى الفلاحين أو التجار أو في المنازل، وذلك إما نتيجة الظروف الجوية غير المناسبة وإما لطول فترة التخزين، ومن الممكن أن تأتي الإصابة مع الحبوب من الحقول، وفي جميع الحالات ينبغي الحيطة والحذر، واتباع طرق التخزين المناسبة، وخاصة في المستودعات للحفاظ على جودة الحبوب والبقوليات، والحدّ من تناولها مصابة.
الرقابة غائبة
لا بد من تفعيل الرقابة الغائبة على تلك المستودعات وحتى على المخزون لدى تجار الجملة ولدى باعة نصف الجملة والمفرق، وسحب أي مواد مصابة واتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة حيالها، وكذلك التدقيق فيما إذا كان المعروض في الأسواق غير معاد تعبئته لاحتمال قيام بعض التجار بفرطه وتعريضه للشمس والتهوية لإخراج حشرة السوس منه، وتالياً قبول شرائه من المستهلك، والعمل على مصادرتها من جراء ارتكاب هذه المخالفة، لأن تلك الحبوب أو البقوليات لا شك فقدت الكثير من قيمتها الغذائية واحتمال بقاء الإصابة فيها وارد (بيوض) ولو لم تكن ظاهرة للعيان، والأَولى تحويلها إلى مواد علفية.
إنتاج متميز
مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش، ذكر أن محافظة درعا تشتهر بإنتاج الحبوب، ولاسيما القمح والشعير والفول والحمص والبازلاء والفاصولياء واللوبياء، وهي بجودة متميزة ومرغوبة للتسويق، حيث يتقن الفلاحون عمليات زراعتها، فيما تقوم المديرية بتقديم المشورة والخبرة حول رعايتها وطرق المكافحة المتكاملة لآفاتها منذ بدء الزراعة وحتى جني الثمار.
آفات المخازن
وبيّن أن آفات المخازن تتمثل بالقوارض مثل الفئران والجرذان، وكذلك الحشرات مثل السوس ولكل أنواع الحبوب سواء البقوليات أو القمح والشعير، إضافة لاحتمال وجود الإصابات الفطرية نتيجة الرطوبة أو التخزين غير الجيد، وتتمثل بفطريات العفن والافلوتوكسينات التي تعطي اللون الأسود وتفقد الحبوب قيمتها وغالباً ما تكون سامة، كل هذه الآفات تلعب دوراً بفقدان القيمة التسويقية والغذائية للحبوب المخزنة.
الإجراءات الرشيدة
من جانبه، رئيس دائرة الإرشاد الزراعي المهندس محمد الشحادات نصح المزارعين أو أصحاب المخازن بضرورة اتباع إجراءات تخزين الحبوب بشكل جيد من إغلاق نوافذ المخازن وعزل المواد الغذائية عن المواد العلفية وتخزين كل نوع على حده، لأن لكل نوع آفات تختلف عن الآخر، وضرورة تواجد الحبوب بعبوات محكمة الإغلاق، وكذلك وجود “طبليات” خشبية تبعد الحبوب عن الرطوبة الأرضية للمخازن، كما يمكن إجراء تعقيم لهذه المواد إذا أريد تخزينها لفترات طويلة، لكن بشرط إبعاد أو التخلص من مواد التعقيم قبل استخدام هذه الحبوب بالتغذية بوقت كافٍ.
تعدد أنواع الحشرة
رئيس دائرة الوقاية في مديرية زراعة درعا المهندس حسن الصمادي، ذكر أنه يوجد عدد كبير من أنواع السوس التي تصيب الحبوب المخزنة، ويختلف عدد الأجيال باختلاف النوع، فمثلاً سوسة الحبوب التي تصيب القمح والشعير والذرة والأرز لها ٦ أجيال في العام، بينما أنواع سوس البقوليات منها ما له جيل واحد في العام مثل سوس الحمص، ومنها ما له من ١٠ إلى ١١ جيلاً في العام مثل سوس اللوبياء.
تبدأ من الحقل
ولفت إلى أن معظم إصابات السوس تبدأ في الحقل وتنتقل مع الحبوب إلى المخزن، ويصل ضرر حشرات السوس إلى ذروته في فصل الصيف نتيجة درجات الحرارة المرتفعة، وذلك لسرعة تكاثرها في مثل هذه الظروف الطبيعية، وتقوم سوسة الحبوب بوضع بيوضها داخل الحبة الصغيرة فرادى وتغطيها بمادة لاصقة، ثم تفقس هذه البيوض وتعطي يرقات تتغذى على جنين الحبة ثم تنسلخ وتخرج الحشرة الكاملة التي تغادر الحبة لتتزاوج من جديد وتضع البيض، وحينها تكون قد استهلكت أكثر من نصف الحبة المصابة.
متاجر تخالف بعرض حبوب فيها إصابات لا تظهر إلا بعد الطهو
ضرورة التهوية الجيدة
الصمادي بيّن أن من أهم طرق الوقاية من الإصابة بالسوس التهوية الجيدة للمستودعات لخفض درجة الحرارة وتقليل الرطوبة، وبالتالي الحدّ من انتشار هذه الحشرات، علماً أنه لا تتوافر مواد حافظة للحبوب، وحتى المعالجة باستخدام مادة الفوستوكسين (الفوسيد ألمينيوم) لها محاذيرها لأنها عبارة عن غاز ضار جداً، وفي حال اعتمادها يجب أن يكون ذلك من قبل فنيين على دراية بمخاطرها وطرق استخدامها، كما ينبغي أن يكون المستودع بعيداً عن السكن محكم الإغلاق للقضاء على السوس، وعند الانتهاء من المعالجة التي تستمر من ٣ إلى ٥ أيام يجب فتح المستودع وتهويته بشكل جيد قبل الدخول إليه واستخدام الحبوب.