بايدن وخزي الاستبعاد المحتمل من السباق الرئاسي.. من البديل؟
تشرين – د. رحيم هادي الشمخي
يبدو أن يوم الـ27 من هذا الشهر (الذي يصادف الخميس) لن يكون فقط يوماً لأول مناظرة بين الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن وخصمه دونالد ترامب، بل يوم مصيري بالنسبة لبايدن وبقائه في مضمار السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض. هذا ما يتم تداوله على نطاق واسع، داخلياً، مع ارتفاع مستوى الحرج العالمي الذي يسببه بايدن للولايات المتحدة بسلوك أقرب إلى «الخرف» حتى تحول وجوده في أي حدث داخلي إلى «نكتة» وفي أي حدث دولي إلى «فضيحة».. وعليه فإن السؤال الأساسي المتعلق ببايدن لم يعد مفاده: هل هو قادر على هزيمة ترامب، أو هل هو في حالة عقلية مناسبة لتولي رئاسة البلاد لولاية ثانية؟
السؤال اليوم هو: هل اقتنع أخيراً الحزب الديمقراطي بضرورة استبعاد بايدن؟ وبالتالي هل سنشهد تحقيق هذا الأمر بعد المناظرة الأولى التي يُفترض أن تحدد إلى حد كبير الحالة العقلية لبايدن، وذهنيته الحاضرة في مواجهة ترامب، وبعدها يتخذ الحزب الديمقراطي قرار الإبقاء أو الإبعاد.
قبل الإجابة.. تبرز عدة أسئلة من نوع: هل يمكن استبعاد مرشح رئاسي في منتصف السباق الرئاسي، أي بعد انتهاء سباق الترشيحات والحملات الانتخابية ما قبل المؤتمر العام لكلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري؟ كيف يمكن فتح «انتخابات تمهيدية جديدة» للحزب الديمقراطي أمام منافس آخر؟ هل هناك نص دستوري يتيح ذلك؟ هل هناك سابقة مماثلة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية.. ما هي شروط استبدال مرشح رئاسي؟.. وفي حالة بايدن من هو البديل؟
حتى الآن يتجنب الديمقراطيون الحديث علناً عن هذه المسألة، ولكن هذا لا يعني أنهم ليسوا بصدد التحضير لخطة بديلة (خطة ب) في حال وجدوا أنهم سيواجهون خسارة حتمية، وقاسية جداً، بمواجهة خصومهم الجمهوريين ومرشحهم ترامب، وعملياً فإن الوقت لم يفت بعد لوضع هذه الخطة قيد التنفيذ، باعتبار أن الدستور ينص على إمكانية الاستبعاد وفق ثلاثة سيناريوهات:
الأول مستبعد بالأساس، لأن بايدن فاز على جميع المنافسين في الانتخابات التمهيدية ما قبل المؤتمر العام المقرر في آب المقبل، وسبق للديمقراطيين أن دفعوا بأكثر من مرشح في مواجهة بايدن لكنه فاز عليه وبأغلبية كبيرة جداً وضعته كمرشح وحيد للحزب.
السيناريو الثاني هو أن يحاول الحزب عزل بايدن قسراً، ولا يمكن القيام بذلك من الناحية النظرية إلا إذا كان المرشح عاجزاً وإثبات هذا العجز. ولأن بايدن يرفض الإقرار بعجزه متسلحاً – من جهة – بالتقارير الطبية التي تؤكد أهليته للرئاسة.. ومن جهة ثانية بنسبة مؤيدين مرتفعة داخل الحزب، وبالتالي فإنه لا توجد آلية للتحرك ضد بايدن إذا كان لا يريد الرحيل.. وعليه فإن هذا السيناريو مستبعد أيضاً.
السيناريو الثالث هو أن يتم إقناع بايدن بالرحيل، أي أن يمنح الحرية لمندوبيه في المؤتمر لاختيار مرشح بديل.
لكن هذا الأمر صعب جداً، إن لم يكن مستحيلاً، هذا ما يقوله الديمقراطيون أنفسهم، بايدن لن يعترف بالعجز ولن يقرر الرحيل، بل سيتمسك أكثر فأكثر بالترشح. بايدن يتمسك بمسألة أنه هزم ترامب مرة وهو قادر على هزيمته مرة أخرى، وأن البيانات الاقتصادية تعزز موقفه، إضافة إلى أنه يعتبر نفسه «جسراً» لجيل المستقبل من القادة الديمقراطيين، حسب اعتقاده.
ومع اقتراب المؤتمر العام للحزب الديمقراطي (المقرر منتصف الشهر المقبل) فإن أغلب الاحتمالات تشير إلى أن بايدن سيحصل على ترشيح رسمي من المؤتمر لاستكمال السباق الرئاسي.. ولكن ماذا لو لم يستطع إكمال السباق؟. هذا سؤال يُطرح بقوة أيضاً بفعل ما يظهره بايدن من ضعف ذهني وبدني.
وتنص القواعد على أنه في حالة «وفاة أو استقالة أو عجز» المرشح فإن رئيس الحزب يتشاور مع القيادة الحزبية في الكونغرس ومع رابطة الحكام الحزبيين (أي الديمقراطيين هنا) ويقدم تقريره إلى أعضاء اللجنة الوطنية (الديمقراطية) الذين سيختارون مرشحاً جديداً.
لكن هذا الخروج المتأخر لبايدن سيشكل معضلة باعتبار أن الاقتراع العسكري في الخارج يبدأ بعد أسبوعين فقط من انتهاء المؤتمر الديمقراطي العام، كما أن التصويت الشخصي المبكر سيبدأ في 20 أيلول في ولايتي مينيسوتا وداكوتا الجنوبية… (ولن يكون قد تم اختيار بديل لبايدن باعتبار أن مسار الاستبدال لا بد أن ينتهي في المحكمة لإقرار البديل، فيما أوراق الاقتراع ستكون لاتزال تحمل اسمي بايدن وترامب).
الآن.. هل يمكن تأجيل الانتخابات؟
سبق لترامب أن طرح هذه الفكرة الصيف الماضي ليثير ضجة كبيرة، علماً أن بايدن وقتها كانت يتمتع باستطلاعات رأي جيدة، أما اليوم فإن الحال مختلف كلياً. الناخبون وفق أحدث استطلاعات الرأي يطالبون بفحص أهلية (فحص منشطات) لبايدن، خصوصاً قبل المناظرة مع ترامب والمقررة الخميس المقبل.
بايدن وفق تتبع حالته الصحية الجسدية والعقلية فإنه يُظهر تناقضاً شديداً في المواقف، ما بين تقدم في عدد منها، وتأخر كبير وواضح في عدد آخر، ما دفع باتجاه اعتقاد واسع بأنه ربما يتعاطى منشطات قبل حضور فعاليات داخلية أو مناسبات دولية، وعندما لا يتعاطى منشطات فهو يُظهر تأخراً فاضحاً كما حدث في قمة مجموعة السبع الأخيرة، حيث بدا تائهاً بصورة مُخزية ومخجلة، مُحتاجاً إلى من يمسك بيده ويقوده، فكيف له أن يقود أميركا؟
ولأن مسألة استبدال بايدن في وقت متأخر ستكون معضلة، كما ذكرنا آنفاً، فإن فكرة تأجيل الانتخابات عادت من جديد، علماً أنها إذا ما حدثت فستكون سابقة في تاريخ البلاد، لم تحدث حتى في خضم الحرب الأهلية عام 1864.
بكل الأحوال، هل من مرشحين بدلاء محتملين؟
حتى الآن يتم طرح اسمين بصورة أساسية، ما يعني أنه يتم فعلياً بحث مسألة الاستبدال ولو جاء متأخراً، ويبدو لافتاً أن كلا الاسمين يعودان لامرأتين. هذه أيضاً ستكون سابقة في حال فازت امرأة برئاسة البلاد.
الاسم الأول هو ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما. والثاني هو كامالا هاريس نائبة بايدن.
وفيما لا تصرح ميشيل أوباما حول هذه المسألة بما يفيد تأكيدها، أكدت كامالا هاريس استعدادها التام للمهمة، علماً أن مندوبي المؤتمر العام الديمقراطي يأخذون عليها أداءها الضعيف في الانتخابات الماضية 2024.
أياً يكن فإن الانتظار لن يكون طويلاً لمعرفة هل سيفعلها الديمقراطيون ويستبدلون بايدن قبل فوات الأوان، أم سيسيرون وراءه حتى النهاية؟.. بالمجمل لا نعتقد أن المفاجآت ستغيب عن السباق الرئاسي في المرحلة المقبلة، فكل الاحتمالات واردة.
كاتب وأكاديمي عراقي