تزامناً مع الحرائق… موجة الحر تهدّد غاباتنا وتفقدها الكثير من مكوناتها الإيكولوجية فكيف نعمق دور الوعي البيئي؟
حماة – محمد فرحة:
لئن كان شهرا أيار وحزيران من هذا العام الأشد قسوة والأكثر تطرفاً في ارتفاع درجة الحرارة، لنشهد مزيداً من التدهور البيئي في مختلف الكائنات الحية من نباتات وحيوانات، مترافقاً مع موجة من الحرائق طالت عشرات الآلاف من الدونمات المليئة بالأشجار والنباتات، لدرجة يمكن أن يصنفها البيئيون بأنها باتت مهددة بالانقراض وقد لا نرى لها أثراً مستقبلاً.
ومع كل ذلك لم يحفز ولم يعنِ ذلك الكثير من الناس لا معنيين ولا مواطنين لجهة تعميق الوعي البيئي للأخطار المحيطة به، في الوقت الذي كان يجب أن يدفع بالكثير من الهيئات والمعنيين لاتخاذ تدابير أشد صرامة في حماية الغابات، فحتى قانون الصيد لم يجرِ تطبيق حيثياته التنفيذية، بدليل لم نرَ ولم نسمع بأن مواطناً قد تمت مساءلته لجهة الصيد الجائر.
ففي الوقت الذي تقيم فيه وزارة الزراعة ملتقيات تحت عنوان مسمى الدعم الزراعي، هل أقامت ملتقى واحداً، حذرت فيه من مخاطر التدهور البيئي وزحف التصحر ومنعكساته، تتطرق فيه إلى الدور البشري في المساهمة بالحفاظ على مكونات الطبيعة؟
لكن ما دامت كلمة البيئة ملصقة باسم وزارة الإدارة المحلية، ستبقى الأمور البيئية على الهامش كما هي في التسمية، رغم أن سلامة البشر من سلامة البيئة.
فحتى المحميات التي سمّيت لتشكل سياجاً أو درعاً لحماية مكوناتها النباتية والحيوانية لم تسلم من التعديات، وهي التي يجب أن تكون كما في كل العالم منغلقات طبيعية، تعبيراً عن أهمية حماية الأنواع النادرة في هذه المحميات من طريقها للانقراض نباتاً كان أم حيواناً.
لقد أطلنا، لكن لمدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير رأي حول ذلك، إذ يبين أن حماية الغابات واجب وطني وأخلاقي ومسؤولية الجميع، ولا بد من الحفاظ على كل محتوى هذه الغابات من طيور وحيوانات ونباتات وأشجار معمرة، فكلنا نشهد اليوم الدور الذي تلعبه المتغيّرات المناخية القاسية.
وأضاف باكير: دعنا نتساءل ماهي الجدوى من قنص وقتل أرنب أو ثعلباً في الغابة؟ أليست هذه الحيوانات هي من يوجد حالة من التوازن البيئي؟
وتطرق باكير إلى أن ما لحق ويلحق بالغابات من حرائق هو تدمير للبيئة وتدهور للعديد من أشجارها، ما يجعلنا سنوياً نتكبد الملايين من الخسائر في إعادة ترميمها، وكلنا يدرك أن حماية الغابات أفضل من ترميمها.
كما أشار باكير إلى أهمية التركيز على زراعة كل شبر متاح بالأشجار بهدف تخضير الطبيعة، ولعل الحريقين اللذين شهدتهما محافظة حماة قبل أيام درس بليغ لا لبس فيه، كيف تحوّل موقع الحريقين إلى تصحر مجرد من الأشجار، فهذه كارثة بيئية واقتصادية.
خاتماً حديثه بأن تعميق دور الوعي البيئي اليوم وكل يوم مطلب في غاية الأهمية بهدف الحفاظ على كل ما هو أخضر نباتاً كان أم أشجاراً، وكذلك من حيوانات الطبيعة، فهي تعتبر من مكونات البراري وهي تجمّلها عندما تكون في الغابة وترى ثعلباً أو ذئباً.
بالمختصر المفيد: إن موجة الحر الشديدة ستترك أثراً بيئياً سيئاً على الطبيعة، ولعل من نتائجه في السنوات الماضية ما نحصده من تراجع كبير في الإنتاج الزراعي والغذائي، فعبث الطبيعة قدر، أما عبث البشر فهو نابع عن عدم إلمام وإدراك لما سيسببه للبشر.