الذكاء الاصطناعي ( Artificial intelligence) ما له وما عليه
د.م. محمد رقية
كتب الكثير عن الذكاء الاصطناعي الذي نراه أمام أعيننا بعضه موضوعي وبعضه أسطوري وهناك تعريفات عديدة له ولكن نوجز في هذا المقال ونقول إن الذكاء الاصطناعي هو الذكاء الذي تُبديه الآلات والبرامج بما يُحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج وردود الفعل على أوضاع لم تُبرمج في الآلة ومن خلاله يُمكن صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك وتفكير بشري.
وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من الذكاء الاصطناعي وفق قوتها:
— الذكاء الاصطناعي الضعيف، الذي يركز على مهمة واحدة.
— الذكاء الاصطناعي القوي، الذي يمكنه فهم وتعلم أي مهمة فكرية يستطيع الإنسان القيام بها.
— الذكاء الاصطناعي الفائق القوة، الذي يتفوق على الذكاء البشري ويمكنه أداء أي مهمة بشكل أفضل من الإنسان وهذا ما يتم الطموح إليه.
لقد بدأ الذكاء الاصطناعي كمجال بحثي في الخمسينيات من القرن العشرين، مع العمل الرائد لعلماء مثل آلان تورينغ ، الذي طرح في عام ١٩٥٠ فكرة أن الآلات يمكن أن تفكر وقدم “اختبار تورينغ” كطريقة لقياس ذكاء الآلات.
في عام 1956، شهدت جامعة دارتموث مؤتمراً علمياً ، حيث طرح تورينغ استخدام مصطلح “الذكاء الاصطناعي” لأول مرة، والذي أشار إلى الهدف من إنشاء “آلات تستخدم اللغة، وتضع الفروض، وتحل المشكلات التي كانت مقتصرة في السابق على البشر”.
منذ ذلك الحين، مر الذكاء الاصطناعي بعدة فترات من التفاؤل العالي والإحباط، حيث تذبذب الدعم والتمويل للبحث في هذا المجال. ولكن، منذ أوائل القرن الواحد والعشرين، شهد الذكاء الاصطناعي طفرة كبيرة بفضل التقدم في قوة الحوسبة، وتوفر كميات هائلة من البيانات، وتطور الخوارزميات، خاصةً في مجالات التعلم العميق والشبكات العصبونية.
حيث تشكل شبكات التعليم العميق العصبونية جوهر تقنيات الذكاء الاصطناعي. إنها تحاكي المعالجة التي تحدث في الدماغ البشري. حيث يحتوي الدماغ على ملايين الخلايا العصبية التي تعمل معاً لمعالجة المعلومات وتحليلها.
تستخدم شبكات التعليم العميق العصبونية خلايا عصبية اصطناعية تعالج المعلومات معاً. حيث تستخدم كل خلية عصبية اصطناعية عدة، عمليات حسابية رياضية لمعالجة المعلومات وحل المشكلات المعقدة. يُمكن لنهج التعليم العميق هذا حل المشكلات أو أتمتة المهام التي تتطلب عادةً ذكاءً بشرياً.
آفاق الذكاء الصناعي
للذكاء الاصطناعي آفاق واسعة ومتنوعة، تشمل:
١- الرعاية الصحية:
تحسين تشخيص الأمراض والعلاجات وإدارة المرضى من خلال تحليل البيانات الصحية الكبيرة.
٢-النقل: تطوير المركبات ذاتية القيادة التي يمكن أن تحسن السلامة وكفاءة النقل.
٣- التصنيع: استخدام الأتمتة والروبوتات لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف.
٤- التعليم: تخصيص التعلم بناءً على احتياجات وقدرات الطالب الفردية.
٥- البيئة والمناخ: تحليل البيانات البيئية الكبيرة لتحسين فهمنا للتغيرات المناخية والبيئية وسبل معالجتها.
٦- الأمن: تعزيز الأمن السيبراني والدفاع من خلال الكشف السريع عن التهديدات والاستجابة لها.
٧- الحروب: استخداماته واسعة في الحروب براً وبحراً وجواً وفضاء.
ويتميز الذكاء الاصطناعي بعدة مزايا أهمها:
— التغلب على المشكلات المعقدة
— زيادة كفاءة الأعمال من خلال العمل على مدار الساعة من دون انخفاض معدلات الأداء.
— اتخاذ قرارات أكثر سرعة وذكاء.
— أتمتة عمليات الأعمال وزيادة الكفاءة التشغيلية.
التحديات والآثار السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي
على الرغم من الآفاق الإيجابية، والإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تحسين الحياة البشرية، يحمل أيضاً مجموعة من التحديات والآثار السلبية المحتملة، ومنها:
١- فقدان الوظائف:
الأتمتة التي يدفعها الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى استبدال الأعمال البشرية في العديد من القطاعات، ما يؤدي إلى معدلات بطالة مرتفعة واضطرابات في سوق العمل.
٢- التحيز وعدم العدالة: تعتمد الخوارزميات على البيانات التي تدخل اليها، فإذا كانت هذه البيانات متحيزة، فإن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى نتائج متحيزة، ما يؤثر سلباُ على مجموعات مستهدفة
٣- مخاطر الخصوصية: إن تجميع وتحليل كميات كبيرة من البيانات الشخصية، الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من تطوير الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يهدد خصوصية الأفراد.
٤- الأمن السيبراني: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز قدرات الهجمات السيبرانية من خلال إنشاء برمجيات ضارة أكثر تعقيداًأو استهداف الأنظمة بطرق أكثر دقة.
٥- السيطرة والاستغلال: هناك مخاوف من أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم لأغراض الرقابة والسيطرة، خاصةً من الدول أو الشركات الكبرى، لتعزيز القوة والسيطرة على السكان والدول الأخرى .
٦- المسؤولية الأخلاقية والقانونية: إن تحديد المسؤولية في حالة الأخطاء أو الضرر الناتج عن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون معقداً، ما يثير تساؤلات حول الأخلاقيات والمساءلة.
٧- الاعتماد الزائد على التكنولوجيا: ان الاعتماد الشديد على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان المهارات البشرية الأساسية والقدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل.
لمعالجة هذه التحديات، من المهم تطوير وتنفيذ سياسات وأطر تنظيمية تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية تحمي البشر والدول وحقوقهم