أي أوقات عصيبة؟!!
(المنطقة تمر بأوقات عصيبة والوضع دقيق جداً، لذلك أرسلني الرئيس بايدن لمنع أي تصعيد إضافي)، هكذا قال بالأمس في بيروت المبعوث الخاص للرئيس بايدن “أموس هوكستين”. فما معنى (الأوقات العصيبة) التي وصف بها حال المنطقة؟ وعصيبة على من؟ على نتنياهو الذي ينزلق من هاوية إلى هاوية؟ أم على لبنان الذي تهدده “إسرائيل”؟ أم على “إسرائيل” التي تحضر لها المقاومة اللبنانية ما يكسرها ويقهر عدوانها؟ أم على بايدن الذي يخشى أن تطيح الحرب بحظوظه في تجديد الرئاسة والفوز على ترامب؟ وكيف تعمل الإدارة الأمريكية على معالجة هذه الخطورة وتلافي هذه المنزلقات؟
ما يدفع المنطقة إلى الخطر أكثر وأكثر الإصرار الصهيوني الإسرائيلي على الغلو في اعتماد (حرب الإبادة) ضد غزة، وضد القضية الفلسطينية.
وهذا ما تنكره الإدارة الأمريكية، وبكل وقاحة ردد هوكستين في بيروت بأن “إسرائيل” قبلت ووافقت على مقترح بايدن، رغم أن العالم كله سمع مندوبة ‘إسرائيل” بعد موافقة مجلس الأمن على اقتراح بايدن عندما قالت: (“إسرائيل” ستستمر في حربها ضد غزة حتى تحقيق أهدافها كاملة).
“إسرائيل” تقول عبر مندوبتها إنها ترفض اقتراح بايدن وهوكستين مع بلينكن يكرران أن تل أبيب وافقت وبقي أن يضغط العالم على الفلسطينيين ليقبلوا. وساطة أمريكية تعتمد الوقاحة في الدفاع عن “إسرائيل”، وربما هذا ما جعل البعض يرى أن هوكستين حمل “رسالة تحذير” للبنان، فكيف يمكن تجنب التصعيد و هوكستين يحمي إجرام ‘إسرائيل” ويغطي وقاحتها بوقاحته؟.
يبدو أن المقاومة قرأت مسبقاً ما يحمله هوكستين من (تهديد)، فاستبقته وأعلنت على لسان النائب حسن فضل الله أن (المنطقة العازلة التي تتحدث عنها “إسرائيل” ليست إلا أوهاماً و لا مجال لأي نقاش حولها). وقبل أن يختتم هوكستين زيارته لبيروت نشرت المقاومة اللبنانية فيديو تحذير لمسيرة مقاومة رصدت مواقع حساسة في حيفا وفي مستوطنات مسكونة، وجاء الفيديو رسالة تحذير “لإسرائيل” بأن المقاومة قادرة على استهداف مواقع عصبية في حيفا والمستوطنات.
تصاعد العمليات بين “إسرائيل” والمقاومة على الحدود الفلسطينية- اللبنانية، يجعل الإدارة الأمريكية تتوقع من الجنون الإسرائيلي، الانزلاق إلى حرب مجنونة. يجعل مستقبل “إسرائيل” ووجودها في مهب قوة المقاومة التي تخبئ للعدو مفاجآت تخشاه الإدارة الأمريكية، وتحس بها وتريد تفاديها، بالوصول إلى تسوية دبلوماسية تجنب المنطقة من الانفجار وتعفي بايدن من وجع رأس الحرب. وهو يخوض الانتخابات بشكل مهتز وغير واثق تماماً أمام ترامب، لذلك أرسل هوكستين ولكن رد المقاومة كان واضحاً.
نتنياهو يطيل الحرب، ظناً منه أنه يستطيع أن يحقق ما يبقيه على كرسي الحكم، ويجنبه المحاسبة القضائية على فساده وارتكاباته، والأفظع أنه يطيل الحرب أيضاً كي يتحكم في الانتخابات الأمريكية، فهو لا يساعد بايدن بالموافقة على أي تسوية كي لا يستفيد منها الرئيس الأمريكي في سباقه مع ترامب.
تصوروا هذا المجرم الذي يغالي في أخذ جيشه إلى المحرقة، ويتمادى في ارتكابه جريمة الإبادة بحق أهل غزة والضفة كي يؤثر في الانتخابات الأمريكية طمعاً بوصول مجنون مثله إلى البيت الأبيض. ظناً منه أن ترامب سيفتح له كل الطرق لإحراق المنطقة وللتمادي في إبادة ليس الحق الفلسطيني فقط، بل الحياة في فلسطين أيضاً، متجاهلاً أن المقاومة الفلسطينية أفشلت خططه، وأجهزت على أوهام جيشه، وكسرت هيبة دولته وأسقطت خرافة ردعه.
الأوقات العصيبة ستصيب الجميع، وستحرق “إسرائيل” وأمنها أولاً، وعلى الإدارة الأميركية أن تفهم أنه لا حل أو علاج لهذه الأوضاع وخطورتها إلا بإعطاء الحقوق الوطنية الكاملة للشعب الفلسطيني، وأساسها إقامة دولته ضمن حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية. ودون ذلك لا استقرار ولا أمن “لإسرائيل”، ولا علاج للأوضاع العصيبة، ولا هدوء في المنطقة والعالم.