الاختباء خلف..!
لابد من رؤية الواقع على حقيقته من دون تجميل أو زيادة أو نقصان.. لأن الرؤية الشفافة للأمور كما هي تجعل إجراءاتنا وخطواتنا بالإصلاح مبنية على أرضية قوية، وبالتالي فان إنكار وجود بعض الظواهر السلبية، التي تقف حجر عثرة في طريق الإصلاح، لن يكون مفيداً بل يزيد الطين بلة.
ومؤخراً صدرت مجموعة من المراسيم المهمة التي تقضي بعزل قضاة من مناصبهم.. وصدرت تشريعات تعد حجر أساس لتصحيح أوضاع بيئة الأعمال والاستثمار والإنتاج.. ونترقب المزيد من التشريعات المهمة التي تضع المسار الاقتصادي في الطريق الصحيح.
ومن المعلوم أن تحقيق الانتصار في المعركة الإدارية سيكون التتويج الحقيقي للانطلاق نحو إعادة الاعمار, وكما يحدث على أرض المعركة لا بد من الانطلاق من الواقع من دون تجميل أو إنكار أو اختباء وراء الإصبع..!
على سبيل المثال.. وبالنظر إلى مرآة الأسواق الواقعية نلحظ على الزجاج المصقول تشتتاً واضحاً للجهات الرقابية، ما يؤدي إلى ضياع المسؤولية، فعند حدوث المشكلة أو الأزمة تبدأ كل جهة معنية بقذف المسؤولية نحو الجهة الأخرى، ما يميع الحلول ويضيع المسبب الحقيقي للأزمة، وهكذا تبقى الحال كما هي عليه .
وتالياً غياب معايير الجودة حتى تكاد إجراءاتنا تكون من ورق وبالحد الأدنى من المواصفات وبالحد الأعلى من الاستعراض، وباتت قيم الإخلاص والإبداع في العمل مغيبة لأسباب كثيرة !
وفوق هذا وذاك تجاهل الفساد وتجنب مواجهته خشية من فقدان المنصب، أو من المتنفذين الداعمين للمفسدين، ويكمن الخطر الأكبر في فساد الجهة التي يناط بها تحقيق العدالة، لأنها عين ضياع الحقوق ويصبح المجتمع كالغابة الغني فيها يأكل الفقير ويبيع دمه ولحمه وتضيع آماله.. إن أخطر أنواع الفساد هو فساد القضاء واستغلال الوظيفة العامة للمصلحة الخاصة وتسخير المال العام لغير ما خصص له ولمصلحة أصحاب النفوذ، ويبدو جلياً أن تباطؤ المعاملات الرسمية من أهم عوامل دفع الرشوة، وأن تسريع إنجاز المعاملات يحدّ من الفساد، ما يجعلنا نقف إلى صف من يطالب بضرورة إعادة النظر في وضع القضاء، وأنه لا بد من فرض هيبة القضاء لجهة المكانة والمكان، وحسن اختيار القضاة بعيداً عن الوساطات.
وندعم بقوة اقتراح اختيار نائب للشؤون القضائية يتولى أمور مجلس القضاء الأعلى، ويتم اختياره من القضاة المتميزين، ونضيف لذلك اقتراحاً آخر بتعيين هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تتبع مباشرة للرئاسة، وغني عن البيان أن هناك شريحة من المستفيدين من الأوضاع الفاسدة والمتضررين من عملية الإصلاح الشاملة يعملون بجهد لإفشال تلك العملية أحياناً أو حرفها عن أهدافها أحياناً أخرى، لكن شجاعة وقوة السلطة التنفيذية ستكونان دائماً بالمرصاد لهم.