بين آثارها السلبية وإمكانية التقليل من مخاطرها… “الأم المتروكة” بسبب الظروف
دمشق- دينا عبد:
لعل ظاهرة (الأم المتروكة) تحديداً بسبب سفر الأب وغيابه؛ وبسبب الظروف وقسوة الحياة المعيشية في وطنه هي من أكثر الظواهر المؤرقة والمؤثرة سلباً على الأسرة وخاصة الزوجة.
أم وأب في وقت واحد
يتضاعف الجهد والضغط الاجتماعي والمسؤوليات الحياتية لدى “مها” فهي دائمة الانشغال والتفكير، لتستطيع تربية بناتها وتوفير احتياجاتهن، وخصوصاً في ظل ظروف سفر زوجها بسبب العمل، موضحة أن زوجها اضطر للسفر لأجل العمل، أما هي فتستغل كل طاقاتها وقدراتها الذاتية والخارجية، لتقوم بدور الأم والأب معاً، وتعمل جاهدةً لتلبية رغبات بناتها وتخفيف أزمتهن النفسية لغياب والدهن، مشيرة إلى أن وجود الأب يمنح الاستقرار لأبنائه، الذين يحتاجون إلى من يدفع بهم إلى الأمام، لكن كثيراً من الأعمال تتطلب ابتعاد الأب عن المنزل.
ظاهرة سلبية على الأسرة والأبناء
ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة بسلبياتها وإيجابياتها حددت خبيرة الإرشاد النفسي والاجتماعي مي برقاوي المُدرسة في جامعة دمشق محاور ثلاثة للحديث عنها؛ أولاً: ماهي الأسرة؟ وأثر غياب الأب عن الزوجة والأولاد…
والحلول المقترحة لتخفيف الآثار السلبية لغياب الأب على الأسرة والمجتمع، فقالت لـ”تشرين”: الأسرة كما هو معلوم هي الخلية الأولى للمجتمع والوحدة الأساسية والمؤسسة الأولى التي تقوم بوظيفة التنشئة الاجتماعية وتلبية الحاجات الأساسية للفرد من ماء وغذاء وسكن والحاجات العاطفية والشعور بالانتماء لها وللوطن وبمشاركة مؤسسات اجتماعية أخرى؛ بصورة أخرى هي النظام الإنساني الأول بالنسبة لحياة الأفراد؛ وبقدر ما تكون الأسرة وحدة متماسكة متوازنة بقدر ما يتحقق مجتمع قوي متماسك ومتوازن؛ فدور الأسرة يتعاظم في ظل الظروف القاسية المريرة التي يعيشها الوطن من حرب وفقر وحصار الأعداء له، ما يضطر الأب الذي يمثل مصدر القوة والقدوة والحماية والداعم الأساسي لتلبية حاجات أسرته كما في العرف الاجتماعي والتاريخي لدور الأب على الرغم من مشاركة الزوجة ومقاسمته الدور والحياة المشتركة في ظل الأسرة؛ فقد يضطر إلى السفر أو الابتعاد عن الأسرة بهدف تحسين الوضع المادي وتحقيق حياة أفضل لأسرته .
لكن المشكلة الكبرى في غياب الأب وسفره عندما يكون ذلك هرباً من المسؤولية تجاه زوجته وأولاده وكونه غير قادر على مواجهة الأوضاع الصعبة والمتردية في بلده، تاركاً الزوجة لمزيد من الأعباء والضغوط النفسية والجسدية والاجتماعية وحدها ويصبح لديها عدم القدرة على تحقيق التوازن بين متطلبات الأسرة وبين عملها وخاصة إذا كانت امرأة عاملة وهذا ما ينعكس سلباً وخطراً على حياة الأبناء.
برقاوي: تعزيز العلاقة الاجتماعية مع الأسرة الكبيرة والأقارب في حال غياب الأب يخفف من آثارها
والخطر الأول والأهم حرمانهم من بيئة مستقرة آمنة للنمو والتطور النفسي والعاطفي والمعرفي والاجتماعي والجسدي لديهم ويصبحون عرضةً للانغماس مع أقرانهم للانحرافات والجنوح والتسرب من المدرسة والتمرد على أسرهم ومجتمعهم وهذا من أهم الأسباب لإفساد مجتمعهم، وتشويه قيمه ومبادئه وتماسكه.
وهناك كثير من المشاهدات لهم في الأسرة والمدرسة والحي والطرقات بحسب ما ذكرت برقاوي .
اما في حال غياب الأب المبتعد مؤقتاً لتحسين وضع الأسرة الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والغياب المخطط له مع زوجته وأولاده وشرح الهدف بوضوح للأسرة وقد يكون الغياب مسألة وقت ووضع البدائل الإيجابية لغيابه
بالتواصل الفعال والدائم مع الزوجة والأولاد والعمل على توفير فرص اللقاء بين فترة وأخرى؛ كذلك دفع الأم على تعزيز العلاقة الإيجابية مع الأقارب في العائلة الكبيرة؛ وتكوين صداقات مع أقرانهم بطريقة إيجابية تنمي شخصيتهم وممارسة هواياتهم ومواهبهم ومشاركتهم في أنشطة المدرسة والمنظمات الأهلية الأخرى حسب قدراتهم ومواهبهم كل ذلك يساهم في تحقيق حاجاتهم ونموهم السليم النفسي والاجتماعي والوجداني.
ويخفف من الآثار السلبية لغياب الأب عنهم وعن الأم، فإذا اعتمد الوعي لمواجهة هذه الظاهرة والتعامل مع كل ما هو إيجابي قد يتم تجاوز الآثار السلبية لها.