تحدي المواكبة المرنة يفرض نفسه بقسوة.. رؤية إعلاميين وأساتذة لاستحقاقات التعاطي مع التطورات المتسارعة في عالم الميديا

تشرين- حسيبة صالح:

تطور مفهوم الصحافة أو الإعلام إلى علم له مقوماته وقواعده وطرق تدريسه، ولكن لابدّ من طرح بعض الأسئلة المستقلة بهذا العالم الواسع الذي بات اليوم يشكل أحد المعالم الأساسية.
هل يجب أن يكون الصحفي متخصصاً في مجال الاقتصاد حتى يكتب تحقيقاً عن اقتصاديات العالم؟
أم هل يجب أن يكون الصحفي متخرجاً في كلية الطب أو الصيدلة ليكتب تحقيقاً طبياً أو حول الفساد في التعامل مع الدواء؟

عصر السرعة
الصحفي عليه أن يكون مُلمّاً بالاقتصاد كي ينجح في تناول قضايا الاقتصاد كصحفي.. وإلّا لايمكن أن يسأل عن قضايا لا يعلم عنها شيئاً، والأمر ينسحب على كتابة التحقيقات الطبية والصحية وغيرها، بهذه العبارة بدأ الصحفي منير حبيب صحفي في جريدة الوحدة حديثه لـ”تشرين”، مضيفاً أن من مقومات نجاح الصحفي أن يكون متابعاً لكل شيء وبالأخص المجال للذي يكتب فيه، إذ تغيرت مهمة الصحفي في وقتنا الحاضر وبات المطلوب أن يسرع في نشر خبره أو مادته بسرعة لأن هناك غيره قد يسبقه إلى النشر لذات المعلومة أو الخبر أو الحدث.

حبيب: يجب أن يبقى الصحفي مستعداً بشكل دائم لتطوير مهاراته للتكيف مع التطورات في الإعلام

ويؤكد حبيب أن من أهم معوقات التي تواجه الصحفي الوضع المادي الذي يعيشه الصحفي -كبقية أفراد المحتمع- ما يؤثر على جودة التغطية.
ومع تطور وسائل الاتصالات تتطور الصحافة من حيث التغطية والاهتمام، لذلك يجب أن يبقى الصحفي مستعداً بشكل دائم لتطوير مهاراته للتكيف مع التطورات في الإعلام.

التجربة والممارسة
علم الإعلام يقوم على أسس ومبادئ نظرية بحتة، تمكن القائم بالاتصال من امتلاك المعرفة والفهم والتطور، ولكن من دون وجود الجانب التطبيقي العملي، لا يمكن لهذه الأسس التوظيف والعمل بها فيجب اقترانها بالتجربة والممارسة، وبالتالي الإعلام علم يقوم على الجانبين بشكل أساسي، وفقاً للصحفي أمير حقوق وهو طالب ماجستير في كلية الإعلام، موضحاً أنّ الصحفي قبل أن يملك الإمكانات يجب أن يملك شغف العمل الصحفي والإعلامي، وبعدها تأتي الإمكانات كالتحري والبحث المستمر عن المعلومات ليصنع السبق الصحفي، وقربه من عامة الجمهور وإحساسه بمعاناتهم ومشاكلهم، وأن يكون صادقاً وموضوعياً في عمله ومتجردًا من مشاعره، وأن يتحلى بقدر كافٍ من الثقافة و مهارة التواصل وأن يتقن اللغة العربية ويجيد بناء العلاقات المهنية، وأهم إمكانية هي التفرد بعمله وأن يكون نتاجه مختلفًا وله بصمته الخاصة.

ويضيف حقوق: كلية الإعلام تقدم على مدار أربع سنوات البناء النظري والأكاديمي والمعرفي للإعلامي، وتكسب الطلاب أهم القواعد الإعلامية والأسس النظرية، وتعطي عبر مقرراتها ألف باء الإعلام، وتبين له الصواب المهني وكيفية الممارسة المهنية الصحيحة.

حقوق: على الصحفي اليوم اكتساب مهارة معرفة العمل على البرامج الجديدة التي ستفيده في عمله وفي حياته وستوفر له فرص عمل مهمة إن نجح فيها

ولكن من مشاكل التعليم في كلية الإعلام تتمثل بغياب الجانب العملي في الكلية، فرغم المحاولات من الأساتذة، إلّا أنه يبقى لوضع الطالب بجو العمل إن كان ضمن الأستديو أو الإذاعة أو العمل الصحفي تاثير أكبر وخبرة مهنية قوية.

ويؤكد حقوق أن المقومات تتحقق في المعرفة بكل الجوانب كالسياسية والاقتصادية والفنية وغيرها، والثقافة الجيدة والسعي لزيادة هذه الثقافة بمختلف المجالات الداعم الرئيس للصحفي، وأن يكون مثابراً بشكل كبير وأن يحقق نجاحاً بعمله، وكذلك أن يتمتع بالاحترام والالتزام، وأن يكون قادراً على التأثير بالآخرين عبر رسالته الإعلامية، ويستطيع الصحفي أن يثبت وجوده بين رجال الصحافة والإعلام منذ بداية مسيرته بنتاجه المهني، عبر طرحه موادَّ صحفية أو إعلامية تحقق السبق الصحفي وأن يبحث عن المستور ويكشفه، وأن تكون له بصمة خاصة في طريقة طرحه لهذه المواد.

التحديات
التحديات التي تواجه الإعلام- حسب حقوق- تكمن في عدم مواكبة هذا الإعلام للتطورات التقنية والبرامج الذكية والأدوات التقنية المتطورة التي تسهم جميعها في صنع إعلام متطور وسريع الأداء و يواكب سمة العصر.

الصحفي لم تتغير مهمته ولكن تطور التكنولوجيا فرض عليه حتمية التعامل معها وكيفية استخدامها وتوظيفها في عمله لملاحقة الجدة في مواده والتحديث المستمر للمعلومات والقضايا و الحصول على الثقافة والمهارات الأخرى التي تميزه عن الآخرين.

بالطبع، يتأثر نتاج الصحفي بوضعه المالي والاجتماعي، فعندما يكون راتبه الشهري لا يكفيه أجور النقل والمواصلات بالطبع سيصاب بالإحباط المهني ويعرقل نجاحه وعمله ويصبح غير مبالٍ بالشغف والحب الصحفي و لا بتحقيق السبق الصحفي الذي يميزه، فما الفائدة من نجاح غير مقترن بالمال؟، أما قدرته على القيام بتحقيقات عميقة تكمن في الوضع الذي مرت به سورية ولغياب بيئة العمل الصحفي في  بلدنا بشكل كبير.

الصحافة هي أساس الإعلام، ولا إعلام من دون الصحافة، فكل صحفي هو إعلامي ولكن ليس كل إعلامي هو صحفي، وأساس الإعلام كلمة، وحتى الآن فإن نجاح المحتوى المرئي يعتمد على المحتوى الكتابي، وغالبية الجمهور ما زالت تفضل المواد المكتوبة لأنها أكثر صدقاً بحسب رأيهم، والصحافة في المستقبل يجب أن تتجوهر وتأخذ شكلها الجيد ووضعها المناسب وأن تستفيد من التطورات التكنولوجية وتوظفها في عملها.

ويرى حقوق أن على الصحفي دائماً أن يكون محباً للتطوير المهني، وذلك عبر تطوير مهاراته و اكتساب خبرات جديدة تحاكي مهنته، لكي يستفيد من هذه المهارات، واليوم علل سبيل المثال يجب على الصحفي اكتساب مهارة معرفة العمل على برامج التصوير والمونتاج بشكل أساسي، والمهارات الجديدة حتماً ستفيده في عمله وفي حياته وستوفر له فرص عمل مهمة إن نجح بها، وأن يتكيف مع متغيرات الإعلام الجديدة ويتماشى مع واقعها للأسباب نفسها لا أن يعيش دور الصحفي في الزمن الماضي.

صحافة المواطن
وتشير لين عيسى دكتورة في كلية الإعلام جامعة دمشق إلى أن الموضوعية في الإعلام هي الحياد وعدم الانحياز وهذا يدرس بقوانين الإعلام والشرف الصحفي والإعلامي، لكن على أرض الواقع لا يكون الإعلام موضوعي بالنهاية ينحاز لسياسة الوسيلة الإعلامية.

وتعرف عيسى صحافة المواطن وهي السائدة حالياً، بأنه يمكن لأي مواطن عادي أن يكتب بمجال معين، إذا كانت لديه موهبة الكتابة وكان مختصًا بهذا الموضوع حتى لو لم يمتلك شهادة في الإعلام، والمواطن الذي يكون في أماكن الكوارث (زلازل – حروب)، أصبح قادراً على تغطيتها، في حال عدم قدرة الإعلامي بالوصول إليها بنفس اللحظة، لذلك يمكن لأي شخص موجود في موقع الحدث أن يقوم بتصوير وتغطية الحدث، واليوم أصبحت وسائل الإعلام تعتمد ما يوثق من المواطن العادي.

عيسى: التطور التكنولوجي سلاح ذو حدين جعل مستقبل الإعلام غامضاً

وفي ظل التطور التكنولوجي فإن مستقبل الإعلام في الوقت الحالي، كما تشير عيسى، غامض فهو سلاح ذو حدين، فمن ناحية ساعدت التكنولوجيا الإعلامي وغير  الإعلامي عن طريق برامج متطورة من كتابة السيناريو وإنجاز النصوص الإعلامية بحرفية عالية، حتى برامج المونتاج والتصوير، ومن ناحية أخرى هناك سلاح سلبي للتكنولوجيا، من خلال عملية التزييف الإعلامي وعدم المصداقة، حيث يمكن لأي شخص أن ينشر من دون معرفته بمفهوم المصداقية.

كما أصبح الروبوت يحل محل الإعلامي في إذاعة نشرات الأخبار أو البرامج التلفزيونية وهذا يهدد العمل الإعلامي.

بالمقابل مازالت كلية الإعلام تعتمد في مقرراتها التعليم النظري مع إننا نحاول في الكلية التوفيق بين الجانب النظري والعلمي حسب الإمكانات الموجودة وهي بسيطة ومحدودة فهناك زيارات ميدانية لمبنى الإذاعة والتلفزيون أو محاولة التطبيق العملي من خلال التعاون مع (مذيعين -مخرجين – مصورين) ليستفيد الطالب من خبرتهم.

وتؤكد عيسى أنّ الإعلامي الناجح يدعم دراسته النظرية من خلال القيام بدورات تدريبية وصقل ثقافته والاهتمام باللغة الإنجليزية لأنها أصبحت مطلبًا أساسيًا في وسائل الإعلام ومواكبة التطورات والتكنولوجيا، لأنه في الوقت الحالي جمهور الإعلام الرقمي وجمهور السرعة أصبح يذهب للفيديو القصير والنص القصير، لذلك  على الإعلامي أن يتعلم على أحدث البرامج،  فقد أصبحت هناك صحافة الهاتف الجوال من تصوير ومونتاج حتى شاشة الكروما، ولكل إعلامي بصمته من خلال عمله وتطوير نفسه، فالإعلامي الذي لا يتطور ينقرض، حتى الدكاترة في كلية الإعلام عليهم مواكبة التطور، فنحن في عصر يختلف كثيراً عن الطريقة التقليدية.

وتشير عيسى إلى أن الضغط المالي وتدني الرواتب في المؤسسات العامة والخاصة، أفقد الإعلامي الشغف في ممارسة عمله وكثير من الخريجين المميزين بسبب الضغط المالي ذهبوا لأعمال بعيدة عن الإعلام (الإعلام ما بطعمي خبز).

خاتمة بأن وسائل الإعلام التقليدية من صحف ومجلات وإذاعة وتلفزيون كانت تعدّ الوسائل الرئيسة لنقل الأخبار، أما في وقتنا الحالي ومع تطوّر التكنولوجيا ظهرت وسائل إعلام جديدة مثل المدونات ومواقع التواصل الإجتماعي ومواقع الأخبار الإلكترونية، سهلت من عمل الصحفي في قدرته على نشر المحتوى.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار