وصفة خبير لإنعاش القطاع الزراعي السوري… إدارة الموارد واعتبارات الوفرة والندرة تتصدر واجهة التحديات
حماة – محمد فرحة:
مازال الاهتمام لدينا بمختلف أشكاله وأنواعه – ذلك المتعلق بالقطاع الزراعي والموارد الطبيعية الأخرى – ضعيفاً وهشاً، وكذلك الموارد المائية والبشرية.
وهذا لا يكون ممكناً إلا إذا تعاونت الحكومة والقطاع الخاص بشكل تشاركي فعال للنهوض به، من خلال تذليل العقبات وإيجاد الحوافز الصحيحة للابتكار والاستثمار.
غير أن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه عندما يتعلق الأمر بالتعاون مع المواطنين مؤداه: ماذا سيستفيد المواطن من هذا التعاون إن لم يكن مثمراً ويعود عليه بالحوافز المادية؟
مثال فيما يتعلق بشأن الغابات: كيف له أن يحمي الغابة دون أن يحقق له ذلك فائدة، وهو الذي إن حاول تطعيم شجرة بطم بفستق حلبي تأتيه الضابطة الحراجية وتنظم به ضبطاً ويحال إلى القضاء؟
وبالعودة إلى تعزيز دور الموارد الطبيعية واستدامتها اقتصادياً، يتحدث مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير بأنه من أهم سمات الزراعة اليوم في سورية التوافق ما بين ميزان استعمال الأرض وحاجة السوق الداخلية للموارد الغذائية، وخاصة القمح، لذلك اعتمدت الخطط الزراعية لتحقيق الهدف الأساسي، وهو تأمين الأمن الغذائي.
لكن فإن توجه العالم الحديث اليوم هو التركيز على الموارد الطبيعية والحفاظ عليها من أجل غدٍ مشرق أكثر استدامة لإنعاش الاقتصاد، ومن أهم تلك الموارد الأرض والمياه.
ويضيف مدير زراعة حماة: لعل السؤال المطروح الآن: كيف نحافظ على هذه الموارد لتحقيق الأمن الغذائي، وهنا لابد من التركيز على التكنولوجيا وتعميق دور البحث العلمي وتطبيق نتائجه على أرض الواقع وألا يبقى رهين الأدراج.
ويستطرد المهندس باكير: هنا لابد من الحفاظ على التربة وعدم إجهادها بزراعات طويلة الأمد، وكذلك الحفاظ على الموارد المائية ورفع كفاءتها، والإصرار على استخدام الري الحديث، الذي يلعب دوراً كبيراً في الحد من هدر المياه وهي النعمة ومصدر اللقمة.
ولفت إلى أن الدورات الزراعية غير متبعة بالشكل الأمثل، فزراعة أي محصول لأكثر من مرة في موقع واحد ولعدة سنوات تفقد التربة عناصرها الغذائية للمحصول، وإذا ما حاول المزارع زيادة الإنتاج من خلال الإفراط باستخدام الأسمدة، فهذا يزيد التربة ملوحة.
وهنا لابد من التخفيف من استخدام الأسمدة الكيماوية، واستخدام أجود اصناف البذور المحسنة والمقاومة للجفاف والمتغيرات المناخية، زد على ذلك استخدام المياه بشكل عقلاني وحماية مصادرها والتركيز على استدامتها ومصادرها الطبيعية وحمايتها من التلوث.
خاتماً حديثه بأن كل اقتصاديات العالم اليوم تركز على الموارد الطبيعية الزراعية والمائية والقوى البشرية وحمايتها من أجل اقتصاد مستدام.
من جانبها، الدكتورة دلال ابراهيم الباحثة في شؤون الغابات والبنك الوراثي ورئيسة مركز طاحونة الحلاوة التابع للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، شددت على ضرورة الحفاظ على كل مواردنا الطبيعية، مطالبة بدعم وتعميق البحث العلمي والتكنولوجي، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للحفاظ على الموارد الطبيعية التي هي مصدر إنعاش اقتصاد كل دول العالم.
بالمختصر المفيد: إن تغيير المناخ ونضوب الموارد الطبيعية بشكل أكبر، يؤثر على كل بلدان العالم، فلا بد من الاعتماد على الابتكار التكنولوجي، من خلال الدعم الحكومي تمويليلاً، وبغير ذلك ستتراجع مواردنا الطبيعية، ومشكلتنا اليوم تتمثل في سوء إدارة هذه الموارد، رغم أنها مصدر قوة اقتصادنا، فلا بد من التركيز على التشاركية مع القطاع الخاص وتحفيز المتعاونين في هذا الشأن.