لوحات فنية معاصرة تحمل روح التراث الفنانة هيام سلمان: معرضي في اليابان فرصة لمد جسور ثقافية فنية بين البلدين
اللاذقية – باسمة اسماعيل:
فنانة تشكيلية أثبتت حضورها في الساحة الفنية التشكيلية في سورية وخارجها، بتميزها بأعمالها الفنية التي توحي للمتلقي للوهلة الأولى أنها من الألوان، ليندهش عندما يعلم أنها من بقايا الأقمشة.
الفنانة التشكيلية هيام سلمان لم تثبت حضورها فقط في الفن، بل في المجال الإنساني والاجتماعي والثقافي، بترسيخها أن للفن رسالة إنسانية واجتماعية وثقافية، عبر جمعية “أرسم حلمي الفنية” غير الربحية التي تستقطب فيها الأطفال واليافعين مع كادر الجمعية المؤمن بهذه الرسالة.. الفن لأجل الفن لترسيخ الجمال في وجه القبح، وتعود مرة أخرى من خلال مشاركة لوحاتها في معارض في اليابان، لتثبت أن العالمية تنطلق من المحلية.
“تشرين” كان لها هذا الحوار مع الفنانة هيام سلمان
في اليابان مرةً أخرى
* في مشاركتك الثانية لهذا العام في اليابان بمعرض الشرق الأوسط بصالة العرض أوساكا- اليابان، ESPACE446، في هذا الشهر، ماذا أضافت لك المشاركة عن المعرض الأول، وهو خاص لك؟
لاشك في أن المشاركة في معارض لأعمالي في اليابان كانت فرصة كبيرة جداً بالنسبة لي على عدة أصعدة، أهمها تعريف الجمهور الياباني على تجربتي الخاصة بالرسم عن طريق استخدام بقايا القماش المهملة، وتطويعها لتشكيل لوحة فنية تشكيلية معاصرة تحمل روح التراث وأدواته، لتنهض بها إلى المعاصرة، إنها فرصة لمد جسور ثقافية وفنية بين سورية واليابان، وتعريف جمهور اليابان بتجربتي تلك، من خلال مجموعة من الأعمال بمقاسات صغيرة، بعضها يعرض كلوحة والبعض الآخر يعرض كبطاقة بريدية، قامت السيدة /يوكي ياسودا/ المسؤولة عن مشروع / يدي/ لدعم السيدات الفنانات التي دمرت الحروب بلدانهم، مشكورة بتمويل طباعتها لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المهتمين بالفن والثقافة في اليابان باقتنائها.
وأضافت: أعتقد أن الاهتمام بالترتيب لمعارض كهذه خطوة مهمة جداً واستثنائية، تعكس رغبة الشعب الياباني بالتعرف على ثقافة سورية وتراثها، وتسليط الضوء على مواطن الجمال فيها، وما أكثرها بعد المحاولات الحثيثة لإظهار وجه آخر بشع لا يشبه سورية إطلاقاً خلال الحرب المدمرة، التي مرت ولازالت تترك آثارها على جميع مناحي الحياة، لكن سورية العريقة والمغرقة بالقدم لا يمكن أن تستسلم أبدًا، ولابدّ أن تنهض بإرثها الثقافي والحضاري لتخبر البشرية كلها، هنا مهد الأبجدية الأولى، هنا النوتة الموسيقية الأولى، هنا التنوع الجغرافي والثقافي والإثني والديني، هنا الإنسان المبدع الحضاري الذي هو الوجه الأجمل لسورية.
لغة العالم
* الفن التشكيلي بشكل خاص لايحتاج متلقوه إلى فهم لغة أي دولة، بل الغوض بمكنونات اللوحة، إلى أي مدى تقع على عاتق الفنان مسؤولية نقل ثقافة وحضارة بلده، لا لكونه فنانًا فقط بل كفرد فعال في مجتمعه ؟
لاشك في أن الفن التشكيلي هو لغة العالم لا تحتاج إلى ترجمة، فهو قادر على العبور عبر المكان والزمان، ليحكي حكاية منسوجة من لون ومشاعر وفكر، وهو رسالة على الفنان أن يحملها بأمانة من خلال علاقته مع محيطه، وانعكاس هذه العلاقة بلوحاته التي تحمل إرثه وتنقل صورة بصرية عن بلده، وفي معرضي هذا كانت اللوحات الأربع عشرة القماشية والخمس لوحات المطبوعة على البطاقة البريدية، تحمل صورة البيئة الطبيعية في سورية بين /البحر والسهل والجبل/، هذه البلاد الجميلة التي تحمل من المحبة الكثير، شكلت بطريقة أو بأخرى ما أنا عليه.
وتابعت: أتمنى أن تكون لوحاتي قد استطاعت أن توصل هذه الهوية، كما قماش الأغباني الدمشقي المميز، الذي كان معروضاً ضمن المعرض الذي يضاهي أجود أنواع الأقمشة في العالم إن لم نقل أجملها على الإطلاق، حيث تم تحويله بأياد يابانية إلى حقائب صغيرة بمنتهى الإتقان، أنه تمازج ثقافي وحضاري عالي المستوى.
بلدنا ثروتنا
* يقول ابن عربي ” كل ما لا يؤنث لا يعول عليه” مؤخراً في سورية كانت لكم لقاءات مع جمعيات وشخصيات ثقافية في حماة، كم تلامس هذه المقولة لقاءاتكم، وما الغاية المرجوة من هذه اللقاءات؟
** إن محاولة تعريف شعوب أخرى على ثقافة بلدك، تعني أن تتعرف على بلدك أولاً، وهذا ما يقوم به فريق / بلدنا ثروتنا/ الذي كانت لي فرصة مرافقته إلى مدينة حماة لننتقل بين أرجائها، من نواعيرها المميزة لخان رستم باشا للأعمال التراثية…الخ، لننتقل إلى السقيلبية ونتعرف إلى السيدة الفنانة سارة رزوق التي استطاعت أن تصور الأزياء التقليدية والحرف التراثية بأجمل طريقة، عن طريق مئات الدمى التي تملأ بيتها، والذي تملؤه روحها المبدعة، لينتقل فينا الرحال إلى مدينة السلمية حيث تلمس الثقافة في كل أرجائها، وتلتقي إنسانها الجميل الغني بطيبته ولطفه، لتكون وقفتنا في محطة خاصة تتقاطع فيها الطرق والأهداف مع جمعية “أرسم حلمي الفنية” التي أترأس مجلس إدارتها، ألّا وهي جمعية “بصمة فن” التي يقوم على إدارتها مجموعة من المثقفين الذين
يحملون هموماً ثقافية فنية، يجسدونها من خلال رعاية المواهب الفنية والجمالية لدى الشرائح المختلفة بالمجتمع.
وأشارت سلمان إلى أنها كانت فرصة مهمة للقاء والحديث عن شجون الثقافة والفن والعقبات والصعوبات، بالإضافة إلى الايجابيات التي تتجلى في دعم المجتمع المحلي لحراك كهذا، الذي يجسد الوعي الكبير لدى معظم شرائح المجتمع السوري، على أمل التشارك والتكامل في المستقبل من خلال لقاءات ثقافية مشتركة.
ولفتت إلى أنه لابدّ أن ننوه إلى أن المسؤولة عن فريق” بلدنا ثروتنا” السيدة ناديا حلمي، والى كل مَن رافقنا في تلك الرحلة وكل مَن نسق لتلك الزيارات، التي تركت أثراً كبيراً لا يمكن أن ينسى، على أمل وجود فرق كهذه همها التعريف بالبلد وأناسها، همها دعم المبادرات الفردية والمشروعات الصغيرة، وفتح السياحة الداخلية على احتمالات الجمال كلها، لنعرف بلدنا، ولنكون أقدر على تعريف الآخرين عليها كما هي وكما تستحق.