بالتعاون مع المجتمع الأهلي.. المتاحف السورية تطوي مرحلة الحرب وتتلمس طريقها نحو الجمهور

تشرين- سناء هاشم:

يشكل الاحتفال بيوم المتاحف العالمي، حدثاً مهماً يعكس عودة الحياة الثقافية والفنية في سورية إلى مسارها الطبيعي، ويعدّ خطوة متقدمة نحو استعادة الإرث الثقافي والتاريخي الذي تعرض للتدمير والنهب خلال سنوات الحرب.. وذلك عبر سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية المتميزة، فقد أطلق خبراء الآثار في المديرية العامة للآثار والمتاحف احتفالية هذا العام في متحف دمشق الوطني، بما في ذلك التحضيرات اللازمة لاستقبال الزوار والمهتمين بحضور النشاطات المتنوعة التي تمحورت حول تعزيز الوعي الثقافي وتعريف الأجيال الجديدة بتاريخهم وتراثهم.
فعلى مدى أيام الاحتفال، جسد المشاركون والزوار مشهداً يشبه الولادة الجديدة لمتحف دمشق الوطني بعدما فتح أبوابه أمامهم مغلقاً سنوات من الاستنكاف الموضوعي شبه الكامل عن استقبالهم خلال سنوات الحرب الإرهابية التي ضربت سورية.

الحياة المتحفية
مدير الآثار والمتاحف، نظير عوض، بين في تصريح لـ”تشرين” أن جميع المتاحف السورية تأثرت خلال الحرب وتم إغلاقها بهدف حمايتها، الأمر الذي أدى إلى تراجع دور المتحف وتوقف أنشطته التربوية والتعريفية والثقافية.. وأَضاف مدير الآثار والمتاحف: “اليوم، وبعد عودة الأمن والأمان، تسعى المؤسسات الآثارية وعلى رأسها وزارة الثقافة، إلى إعادة الحياة المتحفية إلى سابق عهدها كما كانت عليه عام 2010”.

عوض: تسعى المؤسسات الآثارية وعلى رأسها وزارة الثقافة إلى إعادة الحياة المتحفية إلى سابق عهدها

وأكمل عوض: “بدأنا بافتتاح جزئي لمتاحف دمشق وحلب وطرطوس”، مستدركاً القول: “حدائق هذه المتاحف كانت تعمل ومنها حديقة المتحف الوطني بدمشق، وقد تمت إزالة بعض الإنشاءات والأقفاص الخشبية التي تمت إقامتها سابقاً لحماية القطع المنتشرة فيها”.
وعن وضع المتاحف السورية في الوقت الراهن، لفت عوض إلى أن المتاحف تعرضت لأضرار داخلية بسبب إقفالها لسنوات طويلة، وهي اليوم بحاجة إلى جهود كبيرة لإعادة تأهيلها وافتتاحها أمام الزوار.
وأكد مدير الآثار أنّ سنوات الحرب أفقدت المتاحف الكثير من اللمسات التكنولوجية المعاصرة تبعاً للتقدم الكبير الذي شهده فن التصوير ومنهجيات العرض والإضاءة، مضيفاً: أردنا أن نكرس بعض تلك اللمسات في متحفي دمشق وحلب وأعتقد أننا وفّقنا بذلك وتمكنّا من تحقيقه جزئياً في بعض المتاحف، ومنها متحفا دمشق وحلب على وجه الخصوص، كما قمنا في متحف دمشق بافتتاح قسم الآثار الكلاسيكية”.

ثماني جمعيات أهلية
وأشار عوض إلى أهمية المتاحف السورية نظراً لكونها من أقدم المتاحف في العالم: “إذ يعود تأسيس متحف دمشق إلى عام 1919م وهو يضم أهم مجموعات فنية وأثرية على الصعيد العالمي في بلد يعد الأغنى في قلب العالم القديم، حيث اخترعت الزراعة وكانت هنا أولى أشكال الاستيطان خارج أفريقيا، وفي هذا البلد توصل الإنسان إلى اختراع الأبجدية والى الثورة العمرانية وقبله ثورة النيوليت”.

ثماني جمعيات أهلية في يوم المتاحف العالمي قامت بتنظيف المتحف وتأهيله وصيانته

وأوضح مدير الآثار والمتاحف أن احتفالية اليوم العالمي للمتاحف لهذا العام اعتمدت على تنوع النشاطات بهدف اجتذاب مشاركة أكثر فاعلية من المجتمع المحلي الذي يعد شريكاً حقيقياً في الدفاع عن التراث وحمايته”. وكشف عن مشاركة “ثماني جمعيات أهلية في الاحتفالية، حيث قامت بتنظيف المتحف وتأهيله وصيانته بالإضافة إلى الصالات الداخلية، كما تمّ تحضير الحديقة لهذا اليوم، ليتحول موقع الاحتفال إلى ما يشبه عرساً وطنياً نظراً لوجود عدد كبير من الزوار والمهتمين”، مشيراً إلى أنّ “الاحتفالية اجتذبت 850 زائراً سورياً، و44 من السياح الأجانب، وهذا أمر مهم جداً”.

مرحلة صعبة
واجهت المتاحف السورية تحدياتٍ عميقةً خلال السنوات الماضية أثرت على دورها وقدرتها في الحفاظ على التراث الثقافي السوري، كما عانت من نقص في التمويل اللازم للحفاظ على القطع الأثرية وصيانتها، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية والتقنيات المستخدمة في العرض والحفظ.

خوام: نسعى لتنظيم المعارض المؤقتة والاستمرار باستقبال الأطفال خلال العطلة الصيفية تعزيزاً لثقافتهم المتحفية وتعريفهم بالحضارات السورية

مديرة المتحف الوطني الدكتورة ريما خوام، تحدثت لـ”تشرين” عن سنوات صعبة عاشتها على المتاحف السورية، مشيرة إلى أن متحف دمشق اقتصر عمله على التوثيق والأرشفة وتقييم الأضرار والترميم ومنظومة التوثيق الإلكتروني للمقتنيات المتحفية، إضافة إلى تحضير معارض خاصة بالقطع المستردة لتوعية المجتمع بضرورة حماية الآثار والتراث السوري وتأهيل محتوى لثقافة الطفل المتحفية، وأيضاً تنمية التعاون مع جميع الجمعيات الأهلية التي تعنى بحماية التراث السوري.. وتقول خوام: إن “المتحف هو مركز إشعاع حضاري وهو المكان الأهم للتعريف بالحضارات السورية، ونحن نعمل على إعادة تنشيط دوره، ونسعى لتنظيم المعارض المؤقتة والاستمرار باستقبال الأطفال خلال العطلة الصيفية تعزيزاً لثقافتهم المتحفية وتعريفهم بالحضارات السورية..

وبيّنت أنّ المتاحف هي مصدر فخر واعتزاز لأي مواطن، لأنها تحفظ حضاراته وتعد جسراً يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، “مضيفة: “اليوم نحن نتجه للدور التعليمي والتعريفي والتحفيز للبحث عن المعلومة وخصوصاً أنّ موضوع مجلس المتاحف العالمي لعام 2024 هو “التعليم والبحث”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار