الحاضر الغائب!.. “المسرح بين صورتين”.. ندوة في فرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية
تشرين -حلا خير بك:
أقام فرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب في الرقة ندوة تحت عنوان “المسرح العربي بين صورتين” حيث قدّم الدكتور حمدي موصللي العناوين العريضة للمحاضرة بشكل مختصر ومفيد شارحاً الجدوى من مناقشة هذه الفكرة وأبعادها وأهمية المسرح في الدراما وعرّف بالمشاركين في الندوة وأهم أعمالهم وإنتاجاتهم الأدبية والمسرحية وهم مصطفى صمودي ومنير الحافظ والمخرج حسن عقلا.
ثم افتتح المخرج المسرحي مصطفى صمودي الحديث حول أهمية النص في المسرح، وأكد أنّ المسرح يعيش أزمة نص على مستوى العالم العربي وليس في سورية فقط، وبأن النص المسرحي أصبح غائباً عن الواجهة الثقافية في سورية بشكل كامل، وضرب مثلاً على تهميش المسرح في سورية، لكونه غائباً تماماً عن المناهج الدراسية أيضاً، بل إن القائمين على الدراسات المسرحية ليس لديهم الدراية الكافية والاطلاع على النصوص العالمية المعروفة، حيث تتم السرقات الواضحة للأفكار المشهورة في المسرح العالمي وتبارك لدينا كاجتهادات شخصية وإبداعية من جانب بعض الطلبة، أما بالنسبة لنقابة الفنانين فيبدو أنها لم تعد تقبل بإنتاج النصوص المسرحية السورية وإنما العربية فقط منذ أن رفعت عنها وزارة الثقافة الدعم.
حقوق المؤلف السوري
ثم انتقل للحديث عن مهام المخرج المسرحي ولخص مهمته الأساسية بالإيجاز لأن من وجهة نظره أنّ المشاهد للمسرح يريد أن يصل لخلاصة الخلاصة، وشبه كتابة النص المسرحي بالولادة الأولى وإخراجه هو الولادة الثانية، لأن المخرج هو المهيمن وهو فقط الذي لديه القدرة أن يكون مع النص أو أن يعدّ النص مدخلاً فقط، ولاسيما بعد أن تطورت قدرات المخرج المسرحي بعد القرن التاسع عشر حيث انتقل المسرح من أن يكون الكاتب هو المخرج كما كان الحال في المسرح الإغريقي، ثم أصبح الإخراج للمسرحية هو العملية الثانية أو كما وصفها بالولادة الثانية.
وأكد صمودي أنّ كتابنا ومخرجينا المسرحيين حالياً في طي النسيان وبشكل متعمد، حيث شهد استلاف العديد من أفكاره ونصوصه للراديو مثلاً ولم تتم الإشارة له، بل ذكر الحرج الذي يقع به كمؤلف عندما وضع عنواناً لإحدى مؤلفاته المسرحية “بين الصمت والصوت” وأثناء تصفحه على الإنترنت وجد العنوان فظنه لكاتب غيره، فأخذ يقرأ المضمون وإذ بها مسرحيته، حيث تم نشرها من دون استئذانه، وبالتالي طالب بصوته أن يكون للمؤلف خصوصيته واحترامه وحقوقه.
تفضيلات المخرج
أما المخرج حسن عقلا فتمحور حديثه بشكل خاص حول أهمية إعداد الممثل، لأن عمل الممثل ووظائفه هي العماد الأول للمسرح، حيث لا مسرح من دون الممثل، لأن الممثل هو الراوي وأداته كانت في البداية النص فقط والذي كان منذ البدء شعرياً، وكان يقدمه الممثل بصوته الجهوري المسيطر، ثم تطور المسرح فاحتاج الممثل لاستخدام وجهه وجسده ووسائل أخرى تردفه.
أيضاً شرح المخرج عقلا عن كون المسرح كما يرى هو أو يفضل “الواقع كما يجب أن يكون” ، وأضاف بأنه يفضل الاتجاه الذي يميل للصدق، أي أن ما تتم كتابته وتمثيله يجب أن يكون قابلاً للتصديق أو أن يقتنع المشاهد بأنه قد يجري في الواقع.
ثم عاد لفكرة أهمية إعداد الممثل وأدواته كي لا يؤدي ضد الفكرة وضد نفسه وهو ما يحدث أحياناً، وبيّن أنه يفضل الممثل غير أكاديمي، كي لا يكون متأطراً بما تعلمه في المعهد، وإنما يجب أن يكون الممثل متسع الأفق والأهم أن يكون بالدرجة الأولى إنساناً ونبيلاً.. لأن الفن سلاح، وعندما تعطيه لجاهل يرديك به، هكذا عبّر عن فكرته واختتمها.
ثم اختتم الندوة منير الحافظ بـ حديثه الموجز حول التمثلات السياسية في المسرح العربي.
في النهاية يمكننا إضافة ملاحظة حول الحضور المميز للندوة والاهتمام بموضوعها من جانب الإعلام، ويمكننا تلخيص ما استشفّينا من الحديث كله والذي كان مختصراً في ساعة لا غير، بأننا أصبحنا نتحدث عن المسرح السوري كما لو أنه الغائب الحاضر، وكما لو أننا نرثيه ونبكي على أطلاله، ونذكر بمناقبه وأهميته ونشأة المسرح منذ بزوغ البشرية، في الوقت الذي مازال للمسرح جمهوره وخصوصيته كحالة فنية يفضلها الفنان لأنها التجربة الحية والأصعب، إلّا أن غياب النص السوري عن الواجهة بل والعربي أيضاً ساهم في غربة المسرح عن جمهوره.