العمل الحر عبر منصات التواصل لترميم الدخول الضعيفة .. 3.4 مليارات دولار قيمة سوق منصات العمل المستقل العالمية
تشرين- يسرى المصري:
بات البحث عن عمل وتأمين دخل إضافي لتحسين المستوى المعيشي للأسرة مطلباً ملحاً لشريحة واسعة من ذوي الدخول المحدودة
ويبدو أن للمتعلمين والمختصين فرصة كبيرة لتحقيق عائد شهري جيد عبر عملهم عبر الإنترنت، يقول (سعيد. ع) وهو مهندس يعتمد في مدخوله على تصميم محتوى من الصور والأنفوغرافيك ، و على تصميم فيديوهات عن بعد مع شركات صناعة المحتوى إلكترونياً.
سعيد يحصل على ما يعادل400 دولار شهرياً من إحدى الشركات العربية بدوام كامل مدته 8 ساعات يبدؤها بعد انتهاء دوامه في الوظيفة، مشيراً إلى أنه قد يحصل على 100 أو200 دولار إضافيتين في حال قام بتدقيق محتوى صوتي كـ”فري لانسر” مع بعض الشركات الأخرى.
وفي حالة أخرى، يتحدث مبرمج التطبيقات الإلكترونية (عصام ت) عن تجربته مع العمل عن بعد، بالقول إنها “تجربة رائعة لكنها منهكة، وتابع أعمل مع شركة برمجيات مقرها في أوروبا لكن صاحبها سوري، وأحصل شهرياً على ما يعادل 1500 دولار، وهو مبلغ كفيل بأن أعيش حياة كريمة ، لكن هذا العمل لا يخلو من المصاعب.
قطاع العمل المستقل
أظهرت بيانات البنك الدولي أن 46.7% من بين جميع العاملين في جميع أنحاء العالم حاليا هم من العاملين في قطاع العمل المستقل ، وتتم معظم أنشطة العمل الحديثة على منصات العمل الحر المتخصصة مثل “أب وورك” (Upwork) و”فيفر” (Fiverr) و”توبتال” (Toptal) و”فري لانسر” (Freelancer) وغيرها.
وتبلغ قيمة سوق منصات العمل المستقل العالمية 3.4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى 9.2 مليارات دولار بحلول عام 2027 حسب ما ذكرت منصة “إكسبلودينغ توبيكس” مؤخرا.
وقد شهد “اقتصاد العمل الحر المستقل” ازدهارا كبيرا خلال السنتين الماضيتين، خاصة بعد جائحة كورونا، ويقدر إجمالي عدد العاملين لحسابهم الخاص على مستوى العالم بنحو 1.57 مليار شخص من إجمالي القوى العاملة العالمية البالغة 3.38 مليارات شخص.
ويبلغ متوسط سعر الساعة للعاملين المستقلين عالميا 21 دولارا للساعة. وفي المتوسط، يكسب المستقلون الذين يعملون في تطوير الويب والهاتف المحمول والتسويق والخدمات القانونية والمحاسبة وغيرها من الخدمات الماهرة 28 دولارا في الساعة، وهذا المعدل أعلى من 70% من جميع الأجور بالساعة في الولايات المتحدة، وفق ما ذكر المصدر السابق.
لماذا يتوجه الشباب نحو العمل الحر ..يقول خبير الموارد البشرية أنس نغنغ : حسب الدراسات الحديثة وعلى أرض الواقع فإن هذا التوجه نحو العمل الحر المستقل ليس مجرد إحصائية، بل هو انعكاس لروح القوى العاملة الشابة المتغيرة، ويستفيد هذا النموذج من الأفراد العاملين لحسابهم الخاص، حيث يوفر لهم الحرية والسيطرة على حياتهم المهنية، فضلا عن الشركات التي تبحث عن مواهب متخصصة بدون تحمل القيود التقليدية المتمثلة في التزامات التوظيف طويلة الأجل حسب ما ذكرت منصة “فوربس”.
ويضيف نغنغ ما يقرب من 70% من العاملين لحسابهم الخاص على مستوى العالم، يبلغون من العمر 35 عاما أو أقل وحول أسباب الصعود السريع للعاملين المستقلين
يلفت نغنغ أن ما يقرب من 70% من العاملين لحسابهم الخاص على مستوى العالم، يبلغون من العمر 35 عاما أو أقل. وتنجذب الأجيال الجديدة من الشباب وبالذات “الجيل زد” (Z) المؤلف من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و26 عاما، بشكل متزايد إلى العمل الحر.
ووفقا لدراسة أجرتها منصة “فيفر” فإن 67% من الشباب في جميع أنحاء العالم يرغبون بالعمل الحر لحسابهم الخاص.
وهذا يدفعنا للتساؤل حول الأسباب الكامنة وراء هذه الرغبة.
وتلخص منصة شركة “فوكس تريبس أند كو” هذه الأسباب فيما يلي:
البحث عن الحرية والاستقلال
نشأ الجيل الجديد من الشباب في عالم متصل، حيث أصبح الوصول إلى المعلومات والفرص أسهل من أي وقت مضى، وبالنسبة لهذا الجيل يوفر العمل الحر قدرا أكبر من الحرية والاستقلالية مقارنة بالوظائف التقليدية، كما يوفر لهم القدرة على العمل من أي مكان وفي أي وقت ومع أي شخص يريدون.
وتتيح لهم هذه الحرية إدارة جدول أعمالهم وفقا لاحتياجاتهم وأهدافهم، والعمل على المشاريع التي يهتمون بها.
زيادة الدخل
في عالم يتسم بالتضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، يرى العديد من الشباب في العمل الحر خيارا قابلا للتطبيق لزيادة دخلهم، وبالنسبة لهم، يتيح لهم العمل الحر كسب أموال أكثر من العمل بدوام كامل، وهذا الدخل المتزايد يمكن أن يؤدي إلى حياة أكثر استقرارا من الناحية المالية، وهو أمر مهم للشباب الذين يتطلعون إلى بناء مستقبلهم.
العمل الحر
وفي مجال العمل الحر تتسابق منصات التواصل على فتح قنوات تدعوا للعمل الحر أو العمل أون لاين مؤكدة أن هذه الأعمال تتيح للأفراد دخلاً إضافيا ملحوظاً .. وأمام هذه الإعلانات يندفع الشباب للعمل ومشاركه هذه الصفحات وتلقى تجاوباً كبيراً من فئة اليافعين والشباب من أعمار تبدأ من 15 سنة ,ويبدو أن الأشخاصَ الذين وُلدوا بعد عامِ 1997 يصعب العمل معهم أكثر من الأجيال الأخرى.
ويبدو هذا هذا الأمر مثيراً للقلق فهذا الجيل قضى معظم حياته في ظروف مضطربة، عاصروا كوارث كبيرة جدا.
ولعل أغلب الشباب يفتقرون إلى مهاراتِ الاتصال والجهد والتحفيز المباشر الواقعي ويفضلون التواصل الفضائي والعمل الحر عبر الأنترنيت ويتمتعون بالمهاراتِ التكنولوجية ويعتقد الكثيرون أن هذا الجيل “يشعرون بالإهانة بسهولة بالغة من التعامل المباشر ولا يتقبلون النقد أو النصيحة ، مما يجعل العملَ معهم مرهقا”.ولعل ما نراه في شباب اليوم من فجوة بالتواصل الواقعي مقابل التواصل الافتراضي لاسيما مع الجيل الذي يكبرهم هي موجودة أيضاً لدى الأجيال الأكبر سنا، وكأن الجيل الأكبر والجيل الشاب أو ما يطلق عليه الجيل (زد) ليس لديهم لغة مشتركة تستطيع إيصال المعرفة والرسائل للأجيال الصغيرة، لذا علينا أن نطور لغة التواصل، سواء في البيوت أو المؤسسات أو في العلاقات.
اكتساب مهارات جديدة
ترى الأجيال الجديدة العمل المستقل كوسيلة لتعلم مهارات جديدة قد لا يطورونها في وظيفة بدوام كامل، ويتيح لهم العمل الحر العمل في مشاريع مختلفة تساعدهم على اكتساب خبرات جديدة، ويمكنهم أيضا العمل مع عملاء وصناعات وبيئات عمل مختلفة.
وبالنسبة لأصحاب العمل، فإن هذا يعني أن المستقلين يمكنهم جلب ثروة من المهارات لشركاتهم وأعمالهم.
تحقيق التوازن بين العمل والحياة
وجدت دراسة “فيفر” أن 71% من جيل زد يريدون ساعات عمل مرنة، و35% يريدون بيئة عمل إيجابية.
وتشير هذه النتائج إلى أن أفراد هذا الجيل يقدرون التوازن بين العمل والحياة، ويقدرون الحرية والاستقلالية التي يوفرها العمل الحر، وهو ما يمكنهم من تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة، وهو أمر ضروري لرفاهيتهم.
ريادة الأعمال
وجدت الدراسة أن واحدا من كل 4 من شباب الجيل “زد” يعتزم بدء مشروعه الخاص به، ويعد هذا الطموح في أن تصبح رائد أعمال بمثابة تحول كبير عن المسارات الوظيفية التقليدية التي اتبعتها الأجيال السابق، إذ يستكشف العديد من الشباب الآن شغفهم واهتماماتهم وهواياتهم لخلق مهنة تتوافق مع قيمهم وأهدافهم، وباعتبارهم مستقلين، لديهم الفرصة لتطوير أعمالهم الخاصة والعمل في المشاريع التي يحبونها.
سلبيات العمل الحر المستقل
وذكرت منصة “أب وورك” -وهي أكبر منصة للعمل الحر المستقل في العالم- أبرز السلبيات التي يواجهها العاملون المستقلون في حياتهم وهي:
فقدان مزايا الموظفين العاديين
يحصل الموظفون في العديد من البلدان على المزايا والامتيازات التي تشكل جزءا من عقود عملهم، ويشمل ذلك التأمين الصحي، والإجازات مدفوعة الأجر، والمساهمة في التقاعد والضمان الاجتماعي، وفرص التدريب المجاني.
وعندما تكون مستقلا، فإنك تفقد كل هذه المزايا، فأنت مسؤول عن تكاليف التأمين الصحي الخاص بك، واشتراكات التقاعد، وكلفة التدريب والتطوير، وطبعا إجازة العمل المدفوعة.
فقدان الدخل الثابت
لا يوجد دخل ثابت أو راتب منتظم للعمال المستقلين، وفي بعض الأحيان يجد الكثيرون منهم أنفسهم بلا عمل لأيام طويلة، كما أن العديد منهم يعملون بالقطعة أو حسب متطلبات المشروع، وهو ما يؤدي إلى تقلب في الدخل، ويتطلب منهم تعلم كيفية تنظيم نفقاتهم وميزانيتهم الشهرية الخاصة.
أنت المسؤول الوحيد
قد يكون أمرا مثيرا للشباب ألا يكون هناك مدير مباشر ومسؤول مسؤولية كاملة عنهم، ولكن يوجد أعباء أيضا لهذا الأمر؛ فأنت المسؤول عن كل شيء بصفتك مستقلا، ونجاحك أو فشلك يحدده مدى قيامك بمسؤولياتك بدون رقيب سوى ذاتك.
وستكون مسؤولا أيضا عن دفع فواتيرك، وإنشاء جدول العمل، وتحديد ساعات العمل الخاصة بك، كما يجب على المستقلين أن يتعلموا وضع الحدود، وإدارة وقتهم مع عدم وجود أحد يخبرهم بموعد العمل وكيفية تنظيم يومهم، وقد يكون هذا أمرا صعبا للغاية بالنسبة للمستقلين الجدد.
الدفاع عن الذات وتسويقها
باعتبارك مستقلا، سيتعين عليك أن تتعلم كيفية تسويق نفسك للعثور على مشاريع وعملاء جدد وتنمية أعمالك.
إن هذا الدفاع المستمر عن الذات قد يستغرق بعض الوقت للتعود عليه، لكنه أحد أهم أسباب نجاحك أو فشلك كعامل مستقل، وقد يبدو الأمر في كثير من اللحظات كأنه بحث دائم عن وظيفة مع التعرض للرفض في كثير من الأحيان، وهو أمر مرهق بكل تأكيد؛ وخاصة للشباب الجدد.
الشعور بالعزلة
يُعد العمل من المنزل والعمل مع العملاء من جميع أنحاء العالم بلا شك أحد أفضل مزايا العمل الحر، ومع ذلك، فإن الجانب السلبي لذلك هو أن العمل من المنزل قد يجعلك تشعر بالعزلة أحيانا أيضا.
وإذا تعودت على البقاء في المنزل لفترات طويلة فقد تفقد الصلة بالمجتمع من حولك، ولهذا على العاملين المستقلين الحذر من الوقوع في براثن العزلة والتقوقع على الذات، والانخراط في أنشطة اجتماعية عديدة بدلا من العيش في صومعة.