عقبة التسعير تُلاحق محصول القطن.. خُبراء يُطالبون بتشجيع الفلاح مادياً لا معنوياً
تشرين – بارعة جمعة:
سُلالة مُبشرة من القطن طويل التيلة المُقاوم للأمراض، وبفترة إنتاجية قصيرة لا تتجاوز الـ 150 يوماً، هو أحدث إنجازات وزارة الزراعة المعلن عنها في سياق دعم الفلاح وتشجيعه للخوض في غمار زراعة محصول استراتيجي، عزف عنه الكثير في مناطق عدة، بعد ارتفاع تكاليفه وتدني مردوه وإنتاجيته لأسباب كثيرة باتت معروفة للجميع.. لكن ماذا عن توقيت القرار والإعلان الذي ترافق مع نهاية موسم زراعته؟! وهل اعتماد نوعيات جديدة محلية سيُقلل من خسارات الفلاح المتلاحقة؟
عفيف: من الواجب النظر لارتفاع التكلفة باعتماد سعر مُشجع للفلاح لا يقل عن 20 ألف ليرة سورية بدلاً من طرح نوعيات جديدة
صنف جديد
أول سُلالة طويلة التيلة، ويعتمد لأول مرة في سورية، هو من الأصناف الجيدة المبشرة التي يمكن زراعتها حالياً في محافظتي حماة وحلب، من هنا تم اعتماد الصنف الجديد (قطن 1)، كإحدى الحلول المُصدرة من الوزارة بصفته خطوة في طريق العودة لإنتاج احتياجاتنا من القطن وتأمين مستلزمات الصناعة والتوقف عن الاستيراد، إلا أن الفلاح الذي لا يزال يُعاني ارتفاع التكلفة لا ينتظر تبدل النوعية بقدر تحديد سعر عالٍ ومناسب يُخفف خسارته، وفق رؤية الخبير التنموي أكرم عفيف لواقع العمل في سهل الغاب، الذي باتت الخسارة سمة العمل لفلاحيه، ممن باتوا الأكثر حاجة لإنصافهم بما يتعلق بموضوع التسعير أكثر من أي عامل آخر يؤثر في العمل، فاليوم التسعير خاسر برأي عفيف الذي أكد في حديثه مع “تشرين” ارتفاع التكلفة التي من الواجب الأخذ بها باعتماد سعر مشجع لا يقل عن 20 ألف ليرة سورية بدلاً من طرح نوعيات جديدة لا يوجد بذار منها في الأسواق، عدا عن فقدان البذار من السلالات القديمة أيضاً، كما أن الخطة الممنوحة للجمعيات الفلاحية قليلة جداً.
كل ذلك يقود الخبير التنموي أكرم عفيف للتساؤل: ما الذي استفاده الفلاح من السعر العالمي؟ فالتسعيرة الحكومية دمرت كل المحاصيل الزراعية الاستراتيجية وغير الاستراتيجية برأيه، وإذا ما نظرنا للجدوى الاقتصادية للفلاح من زراعة هذا الصنف، والتي تعني كمية الإنتاج منها وكمية التوفير لديه، سنجد أن ما ذُكر لا يُعبر عن ذلك إطلاقاً، فالحديث عن نوعية القطن الذي وصف بالتيلة الطويلة بأنه الأفضل، بحيث يعوض سعره عالمياً يدعونا للتساؤل مُجدداً .. لكن هل ما تم منحه للفلاح هو السعر العالمي؟ الجواب بالطبع لا.. حتى إنه لا يُعادل 10% من السعر العالمي برأي عفيف، بالتالي مازلنا نفتقد لأي مُغريات من شأنها أن تُحفز الفلاح لزراعته.
خزام: لماذا اليوم و ليس في السنوات السابقة تم طرح هذا المشروع ؟! بعد أن توقف المزارعون عن زراعة القطن ذي الإنتاجية المتوسطة
شروط العمل
إن الاعتماد لأول مرة على سلالة من القطن طويلة التيلة يطرح السؤال المشروع وهو: لماذا اليوم و ليس في السنوات السابقة تم طرح هذا المشروع؟! بعد أن توقف المزارعون عن زراعة القطن ذي الإنتاجية المتوسطة؟! من هنا افتتح الخبير الاقتصادي جورج خزام حديثه مع “تشرين”، واصفاً مُزارع القطن بأنه يخشى أن يغدو الضحية كما هو حال مُزارع القمح في السنوات السابقة، لخشيته المُغامرة بالزراعة والتعب وتحمل التكاليف، وبالتالي تفويت فرصة زراعة محاصيل أخرى أكثر ربحية، في وقت نجد أن اللجنة الاقتصادية تضع أسعاراً زهيدةً هي الأقرب لتكاليف الإنتاج، والتي وضعت للقضاء على الزراعة الوطنية وزيادة الاعتماد على الاستيراد، ومن ثم استنزاف القطع الأجنبي من الخزينة العامة.
بالنسبة للمزارع ما فائدة الإنتاجية العالية للقطن إذا كانت الأسعار قريبة من تكاليف الإنتاج؟ يتساءل خزام .. مُقدماً اقتراحه لزيادة إنتاج القطن والتشجيع على الزراعة ضمن رؤيتين: الأولى عبر الإعلان أن سعر استلام القطن هو بالسعر العالمي أي -بالدولار الذي هو وفق سعر صرف المركزي، يضاف له 20% وهي عبارة عن 10% مُقابل التعويض عن الفرق بين سعر صرف الدولار بالمصرف المركزي والسوق السوداء، و 10% ثانية مقابل التعويض عن فرق التكاليف الإضافية التي يدفعها المزارع بالزيادة، ويعود السبب هنا إلى ارتفاع تكاليف جميع المستوردات من الأدوية والأسمدة والمبيدات الزراعية حوالي 35%، بزيادة عن دول الجوار، نتيجة البطء الشديد في العمل الذي ينتج عنه حتماً زيادة في التكاليف.
ويتابع خزام ضمن رؤيته الثانية التي تتضمن الإعلان عن سعر شراء القطن بالدولار في موعد الحصاد، حتى يقوم مزارع القطن بدراسة الجدوى الاقتصادية للزراعة، ومن بعدها اتخاذ القرار الصحيح بالزراعة أو عدم الزراعة، مُحذراً بالوقت نفسه من عدم الإعلان وفق الطريقتين سابقة الذكر، الذي سيُحمل اللجنة الاقتصادية المكلفة بالتسعير الخيبات والخسائر لمزارعي القطن، كما حصل في السنوات السابقة مع مزارعي القمح، ولكون العمل خلاف ذلك، لن يدفع أي مزارع للمخاطرة.