الثانوية العامة ترهق العائلات أكثر من الطلاب..
دمشق – دينا عبد:
تتنافس العائلات من أجل أن يظفر أبناؤها بشهادة البكالوريا (الثانوية العامة) ذات القيمة الاجتماعية المتميزة والسمعة الحسنة، لكونها تفتح الأبواب أمامهم للارتقاء في سلم العلم والمعرفة وتضمن لهم مكانة اجتماعية مرموقة منذ أن تطأ أقدامهم الجامعة, هذا ويبدأ الاستعداد لهذا الامتحان عند عدد كبير من الأسر حتى قبل سنة من انطلاقه فتجدهم يعملون على ادخار رصيد من المال اللازم لدروس الدعم والتدارك، خصوصاً إذا كان الطالب يدرس بالفرع العلمي، وقد تصل تكلفة المادة الواحدة للرياضيات أو الفيزياء على سبيل المثال إلى 400 ألف في الشهر، ويقل هذا المبلغ إذا كان الطالب يدرس الفرع الأدبي.
اختصاصية تربوية: الأهل يدخرون المال اللازم لدروس الدعم والتدارك
استعدادات
وترى ميرفت – طالبة في الثالث الثانوي الأدبي – أن البكالوريا ترهق العائلات أكثر من الطلاب لأن نجاح الأبناء يعدّ بمنزلة نجاح الأسرة، وفشلهم هو فشل لها أيضاً، لذلك تكثف الأسر من استعداداتها لهذه المغامرة حتى تتم في أجواء مناسبة للنجاح، فتخصص ميزانية إضافية لدروس التقوية والتدارك وتتابع الطالب في كل تفاصيل عامه الدراسي.
أما ميساء ربة بيت وأمٌّ لطالبة تدرس بكالوريا أدبي فبينت أنها تخصص مبلغاً مالياً نظير دراسة ابنتها الدروس الخصوصية في مادة الفلسفة واللغة العربية والإنكليزية، مشيرة إلى أن أسعار حصص المراجعة ترتفع قبيل أيام قليلة من الامتحان ليصل ثمن الحصة إلى 50 ألفاً.
بدوره أشار أحمد (موظف) إلى أن ابنه الذي يدرس بالثانوية العامة (الفرع العلمي) يتلقى دروساً خصوصية منذ بداية العام الدراسي وحتى الآن في مواد الرياضيات والفيزياء وعلم الأحياء وهو ما كلفه الكثير من المال، فهي على حد تعبيره مواد أساسية في الفرع العلمي، ورغم ذلك لم يبد الرجل تذمراً فنجاح ابنه بالنسبة إليه غاية يجب بذل الكثير من أجل الوصول إليها.
حدث سنوي
الاختصاصية التربوية أسماء عيسى ترى أن العائلات تفرح بنجاح أبنائها ووصولهم إلى المرحلة الجامعية، إلا أن الثانوية العامة هي التي تحدد المستوى العلمي في السلم الاجتماعي للطالب.
مشيرة إلى أن أي أسرة لا تدخر جهداً من أجل نجاح أبنائها مهما كانت مستوياتهم العلمية ومها بلغت تكلفة العام الدراسي، فبعض الأسر كشفت في إحصائية خاصة بها أن معدل التكلفة السنوية للطالب الواحد ( بكالوريا علمي) تقريباً ١٠ ملايين ليرة ما بين دورات صيفية ودروس خصوصية و(نوط) وجلسات تكثيفية.
أهالٍ: تكلفة طالب البكالوريا تصل إلى١٠ ملايين ليرة ما بين دورات تقوية ودروس خصوصية
ونوهت الاختصاصية التربوية أن استعدادات الأسر لا تقتصر على الأمور المالية فحسب، بل هم يسعون إلى توفير كل أجواء الراحة لأبنائهم بتوفير غرف خاصة لهم ومرافقتهم في ساعات المراجعة والاتصال بأساتذتهم سواء أساتذة الفصل أو حصص الدروس الخصوصية، وتعد امتحانات الشهادات العامة، ولاسيما البكالوريا، حدثاً سنوياً مهماً لدى الأسر السورية التي تبدأ في 26 من أيار لهذا العام من خلال دعم الطالب المتقدّم لامتحانات الثانوية العامة بدروس التقوية والنصائح والمساندة النفسية، إضافة إلى الحرص على تغذية التلميذ جيداً خلال فترة المراجعة للامتحانات.
وأوضحت عيسى أن الأسر تعدّ الشهادة الثانوية العامة مفتاحاً للنجاح والمستقبل وفتح آفاق مهنية، وتالياً نجاح الطالب يعني نجاح الأسرة في حدّ ذاتها، مشيرة إلى أن العائلات تنتشي بفرحة النجاح لأنها أوصلت أبناءها إلى المرحلة الجامعية.
ورأت أن الأسر مرهقة حتى أكثر من الأبناء، لأن نجاح التلميذ يعني نجاح العائلة، وفشله هو فشلها.
وختمت عيسى بالتأكيد على أن الثانوية العامة ظاهرة سنوية تؤثث البيوت، حيث يستعد الأولياء لإنجاح الحدث منذ بداية السنة عبر التراتيب والتنظيمات وتوجيه أبنائهم، وقد أخذ الحدث بعداً تنافسياً بين الأسر لأهميته البالغة في المصعد الاجتماعي.