السموم الرقمية وإدمان الإنترنت خطر يهدد صحة ونفسية الشباب.. يمكن تخفيفها بـ”أخذ عطلة رقمية”

تشرين – بشرى سمير:
نتيجة انتشار الهواتف الذكية والتكنولوجيا الرقمية وكثرة استخدامها من قبل الشباب والمراهقين، ظهر نوع جديد من السموم وهو ما يعرف بالسموم الرقمية بسبب إدمان الشباب على التعامل مع هذه الأجهزة، فأينما أدرت وجهك تجد الشباب يحملون هذه الأجهزة ويتابعون مواقع التواصل الاجتماعي سواء في البيت أو في الطرقات أو في وسائل المواصلات أو في المدارس والجامعات وحتى في المشافي.

آثار سلبية
وحسب الخبير في مجال الاتصالات المهندس سليم منصور فإن الاعتماد على الهاتف الذكي له مخاطر كثيرة، وإن الإدمان الرقمي يتسبب في حدوث كثير من الآثار السلبية من أهمها فقدان التعاطف مع الآخرين وفهم مشاعرهم وتقديرها، أو الإضرار بممتلكاتهم، حين يتراجع الشعور بالتعاطف أو يصبح منعدماً، يحدث العكس تماماً، وينتشر السلوك الإجرامي.

خبير اتصالات: 70 % من الشباب يعترفون بإدمانهم

ولفت إلى أن 59% من الآباء يرون أن أبناءهم المراهقين مدمنون على الأجهزة المحمولة، وليس هذا أمراً مفاجئاً، لكن الصادم في الأمر هو اعتراف 70 % من المراهقين أنفسهم بإدمانهم عليها، وفي الوقت الذي يشعر فيه الآباء بعدم الارتياح من تعلق أبنائهم الكبير بالأجهزة، لا يعلم أكثرهم الضرر الحقيقي الذي قد يلحق بأبنائهم المراهقين من جرّاء هذا الأمر.

اكتئاب وتدني تقدير الذات
مشيراً إلى أنها قد تؤدي إلى انخفاض في مستوى الأداء المهني لكون الهواتف الذكية تستدعي المعلومات، وتوفر الترفيه عند الطلب، لذا يصبح تحقيق الرغبات الفوري أمراً متوقعاً طوال الوقت سواء على الإنترنت أو بعيداً عنه.
ويوضح منصور أن إدمان الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر تدخل الشباب والمراهقين في نمط اجتماعي من التواصل يستمر ويمتد إلى حياتهم اليومية الحقيقية وما بها من تواصل غير تكنولوجي، لافتاً إلى أن هذه الاجهزة قد تسبب الاكتئاب، وتدني تقدير الذات، إذ تؤكد الأبحاث وجود علاقة قوية بين الاستخدام المكثف للإنترنت، والإصابة بالاكتئاب، كذلك وجود صلة بين كثافة استخدام الـ«فيسبوك»، وأعراض مسببات الاكتئاب بما في ذلك ضعف تقدير الذات. إضافة إلى تأثر الشباب والمراهقين بالإعلانات على موقع الـ«فيسبوك»، والتي لها تأثير على الشباب والمراهقين لكونهم هم الأكثر عرضة للتأثر بهذه الحملات التسويقية.

آثار جسدية ونفسية
الدكتور عماد الجاسم طبيب أمراض العظام والعمود الفقري، أشار إلى أن الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تسبب مشكلات في الرقبة وآلام العمود الفقري، ويرجع ذلك في الأساس إلى الانحناء الدائم لمشاهدة الشاشة, كما إنها تسبب الآلام، ولعضلات اليدين والذراعين نصيب من هذه التأثيرات السلبية، حيث يمكن للمستخدم أن يصاب بمتلازمة النفق الرسغي، التي تحدث بسبب الضغط الزائد على العصب الوسيط عند قاعدة الرسغ, ويمكن للإفراط في استخدام هذه الأجهزة أن يؤدي إلى تقليل نشاط المستخدم والتسبب في السمنة.

طبيبة نفسية: ضرورة مناقشة الأطفال والشباب بمخاطر الإفراط في استخدامها

أما على المستويين العاطفي والنفسي، فقد يتسبب إدمان المحمول في التعرض لظاهرة النوموفوبيا، أو الخوف من عدم وجود الهاتف الذكي، أو عدم القدرة على الوصول إليه, وتضاف إلى هذه الأعراض الإصابة بالاكتئاب والقلق الدائم من عدم القدرة على مواكبة كل جديد في مواقع التواصل الاجتماعي.

التغلب على الإدمان
وتنصح الطبيبة النفسية مها أبو حسون الأهالي لمساعدة أبنائهم في التخلص من الإدمان الرقمي بتحديد وقت استخدام الإنترنت، فقد أصبحت عبارة «ضع الهاتف جانباً» البديل الحديث لعبارة «اذهب للعب في الخارج». والهدف الرئيسي هو مساعدة الأطفال على تحقيق التوازن بين أنشطتهم المختلفة، مشيرة إلى ضرورة مناقشة الأطفال والشباب بمخاطر الإفراط في استخدام الهواتف الذكية، وخاصة فيما إذا استخدمت للتسلية والترفيه، بعيداً عن الإفادة منها في الحصول على المعلومات التي تساعدهم على أداء واجباتهم المدرسية.
مؤكدة أن الأطفال والمراهقين غالباً ما يقلدون أهلهم، لذلك يجب أن يحرص الأهل على الحد من استخدام الأجهزة الذكية أمام أولادهم، ليكونوا القدوة والنموذج والمثال الذي يمكن أن يتطلع إليه الأطفال، وأخيراً لا بد من إفهام وإقناع الشباب بأن التكنولوجيا لن تختفي، بل قد تزداد انتشاراً, المهم في الأمر هو ضمان أن تظل التكنولوجيا أداة، وخادماً لا سيداً, يمكنك من خلال الوعي بأنماط استخدامك، واستخدام أبنائك للتكنولوجيا، للإبقاء على هذه الوسائل التكنولوجية في وضعها الصحيح.
عطلة رقمية
وتدعو أبو حسون لتفادي حدوث أي مشكلات بأخذ عطلة رقمية من أجل التخلص من السموم التكنولوجية، وذلك عبر قضاء بضعة أيام بعيداً عن الروتين اليومي، وبعيداً عن التكنولوجيا والأجهزة الذكية، لكي يعيد الإنسان ربط الصلة مع نفسه، ويخفض مستويات التوتر والإرهاق التي يسببها الاستخدام المفرط لهذه الأجهزة، إضافة إلى تجنب وضع الهاتف بجانب السرير عند الخلود إلى النوم، مع الحرص في الأحوال العادية على ترك الهاتف الذكي على بعد أمتار من مستخدمه للتخلص من الإدمان الرقمي، وتكون هذه الطريقة مفيدة للتوقف بعض الوقت عن تفقد شبكات التواصل الاجتماعي، ومع الإدمان على الهاتف الذكي يصبح أيضاً التركيز في الأنشطة طويلة الأمد صعباً، لأن الهاتف الذكي يقاطعها باستمرار..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار