خبير يدعو إلى الاتفاق على تعريف واضح لمفهوم الدعم تجنباً لـ”الحلقة المفرغة”..تشتت وارتباك محاسبي مقلق

دمشق- تشرين:
تظهر الأرقام الواردة من الجهات الحكومية أن دعم ثلاث سلع يكلف الخزينة العامة سنوياً 50 ألف مليار ليرة، وهي دعم مادة الخبز أكثر من 14 ألف مليار ليرة، الكهرباء أكثر من 18 ألف مليار ليرة،ودعم المشتقات النفطية يصل إلى أكثر من 17 ألف مليار ليرة، مقارنة بقيمة اعتمادات الموازنة العامة للدولة لهذا العام لا تتجاوز 35.5 ألف مليار ليرة.
مما يقودنا الى سؤالين رئيسيين وهما:
هل لدينا تعريف للدعم؟
كيف يحتسب الدعم؟

ضبابيّة
يجيب الدكتور مظهر يوسف أستاذ الاقتصاد والتسويق في جامعة دمشق، عن هذه التساؤلات موضحاً أن الأدبيات الاقتصادية تميز بين دعم المستهلك ودعم المنتج، فبالنسبة لدعم المستهلك هناك أكثر من تعريف للدعم لكنها تركز بالمحصلة على أن الدعم الحكومي عبارة عن الفرق بين سعر السلعة أو الخدمة المقدمة للمواطن أو المستهلك ومتوسط تكلفة إنتاجها إذا ما كانت منتجة محلياً، أو متوسط تكلفة استيرادها وذلك إذا ما كانت مستوردة من الخارج.
أما دعم المنتج فهو مساهمة مالية تقدمها الدولة مباشرة (مثل القروض والمساعدات) أو غير مباشرة (تقديم ضمانات للقروض، تنازل عن إيراد من جانب الحكومة كما هو في حالة الإعفاءات الضريبية أو الجمركية)، أو يمكن أن يكون عينياً على شكل تقديم خدمات أو سلع، وبما يحقق منفعة لدى الجهات المستفيدة.

يوسف: هناك جهات تحتسب الدعم بأنه الفارق بين إيراداتها ونفقاتها الأمر الذي يحمل المستفيد (المواطن أو المنتج) كل نفقات الوزارة من نفقات وهدر وسرقات وفساد.. وأخرى تعتبر أن كل إنفاق لديها هو دعم وثالثة تحتسب الدعم على أساس الأسعار العالمية للسلعة المدعومة

لا تعريف
لكن على أرض الواقع في سورية – يضيف الدكتور يوسف في تصريحه لـ ” تشرين” – لا يوجد لدينا تعريف واضح للدعم الحكومي، الأمر الذي يجعل لكل جهة حكومية مقاربة مختلفة تنعكس على حساب مقدار الدعم، فهناك جهات تحتسب الدعم بأنه الفارق بين إيراداتها ونفقاتها، الأمر الذي يحمل المستفيد (المواطن أو المنتج) كل نفقات الوزارة من نفقات وهدر وسرقات وفساد …الخ، في حين جهة أخرى تعتبر أن كل إنفاق لديها هو دعم، وجهة ثالثة تحتسب الدعم على أساس الأسعار العالمية للسلعة المدعومة وبغض النظر عن الإنتاج المحلي وأسعاره، مما ينتج أرقاماً مشوهة، الأمر الذي يفسر أحياناً ضخامة أرقام الدعم الحكومي.

رؤيا موحّدة
وفي ظل هذا التباين في الرؤى بين هذه الجهات من ناحيتي المفهوم وطريقة الحساب، فلا بد من توحيد الرؤية قبل البدء بمعالجة هذا الملف، لأنه عند الاتفاق على تعريفه وتحديد صيغة حساب الدعم الحقيقي لكل جهة قد لا تشكل المبالغ والنسب التي تذكرها الجهات المعنية عبئاً كبيراً على موازنة الدولة، كما هو حال الدعم الزراعي، حيث كشفت بيانات حديثة صادرة عن وزارة الزراعة أن فاتورة الدعم الزراعي خلال الموسم الزراعي 2022-2023 زادت عن 1334 مليار مشكلة ما نسبته 8% من موازنة العام 2023، و3.7% من موازنة العام 2024، حيث يمكن لموازنة الدولة تحمل هذا العبء بسهولة مقارنة بعائداته وانعكاساته الإيجابية على المنتج والمستهلك، وبالتالي يمكن إدارة ملف الدعم بفاعلية أكبر مقارنة بكلف الدعم للخبز أو الكهرباء أو المشتقات النفطية.

عند الاتفاق على تعريف وتحديد صيغة حساب الدعم الحقيقي لكل جهة قد لا تشكل المبالغ والنسب التي تذكرها الجهات المعنية عبئاً كبيراً على موازنة الدولة.. كما هو حال الدعم الزراعي

نقط مفتاحية
لمعالجة أي ملف لا بد من الانطلاق من نقط مفتاحية يتم الاتفاق عليها والبدء من خلالها، والا سنبقى ندور في حلقات مفرغة ومتشابكة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار