“سيف القدس” وزوال الكيان الصهيوني
تشرين- د.م. محمد رقية:
في الذكرى السنوية الثالثة لمعركة سيف القدس، يمكن القول إن العد العكسي لزوال الكيان بدأ منذ هروب جنوده وجيشه من جنوب لبنان، وتحريره في 25 أيار عام 2000 من دون قيد أو شرط تحت تأثير ضربات المقاومة اللبنانية البطلة.
وتأكد هذا الأمر وتعزز بعد عدوان الكيان على لبنان في تموز من عام 2006 وفشله فشلاً ذريعاً في التأثير على المقاومة بعد أن تكبد خسائر فادحة في قواته وعديده ولا زالت مجزرة دباباته في وادي حجير شاهداً على ذلك.
ثم لاحظنا ضعفه المتزايد من خلال الاعتداءات التي كان يشنها على قطاع غزة عام 2008 و2009 وعام 2014.
وأساس ذلك فشلهم في هزيمة سورية عبر ربيعهم العبري وانتصارها الذي أنهى القطبية الأحادية الأمريكية النيوليبرالية المتوحشة والذي بدأ في الفيتو المزدوج الروسي- الصيني في مجلس الأمن عام ٢٠١٢.
أن تضحيات سورية وصمودها أمام أشرس هجمة عالمية يتعرض لها بلد في العالم هو الذي ساهم في دعم المقاومة العربية ضد الكيان الغاصب وتطويرها حتى جاء اليوم الموعود في 10 أيار 2021 عندما أعلنت المقاومة في غزة عميلة “سيف القدس” بعد تحذير الاحتلال بوجوب مغادرة قواته والمستوطنين المسجد الأقصى وإلغاء كافة الإجراءات التي اتخذها بحق الفلسطينيين، التي لم يستجب لها، فأمطرت المقاومة مواقع الاحتلال في القدس والمستوطنات المحيطة بغزة برشقات عديدة من الصواريخ البعيدة المدى التي استخدمت لأول مرة على مدى أحد عشر يوماً عاش خلالها الاحتلال أياماً صعبة لم تمر عليه سابقاً، ورغم الدمار الذي لحق ببعض المباني في غزة وسقوط العديد من الشهداء المدنيين العزل، إلا أن معركة “سيف القدس” ثبتت معادلات جديدة على طريق زوال هذا الكيان أهمها:
١- تُعدّ “سيف القدس” أول معركة تبدؤها فصائل المقاومة، بل حدّدت ساعة انطلاقها وهدفها في رد فعل على تصعيد خطير في القدس لقوات الاحتلال.
٢- شكّلت نقطة تحوّل كبيرة لصالح المقاومة وداعميها، وكانت ارتداداتها مدوّية في الكيان على المستويين الرسمي والشعبي.
٣- أظهرت وعززت وحدة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 والشتات، الذي هبّ دفعة واحدة في وجه الاحتلال.
٤- جسّدت هذه المعركة مكانة القدس وأهميتها في إطار الصراع الفلسطيني ـ الصهيوني، التي تشكل لبّ القضية الفلسطينية.
٥- إن معركة “سيف القدس” لم تظهر قدرات المقاومة فحسب “بل أظهرت هشاشة الجبهة الداخلية الصهيونية، وحجم الالتباس لدى المؤسسة العسكرية والاستخبارية لدى كيان الاحتلال.
٦- أسهمت في زيادة مساحة الردع لدى المقاومة مقارنة بعام ٢٠١٤.
٧- نشوء مخاوف مستقبلية لدى الصهاينة “فلأول مرة يشعر قطعان المستوطنين أنهم مهددين تهديداً مباشراً، ليس فقط على وقع الصواريخ بل على وقع الحياة الداخلية والعلاقة مع فلسطينيي الداخل”.
ويشير في هذا الصدد عماد أبو عواد الباحث في مركز القدس إلى استطلاع للرأي بعد عام من “سيف القدس” يفيد بأن 60 % من الصهاينة غير متفائلين بمستقبل الكيان، مقابل 40 % فقط.
٨- رفعت منسوب الثقة لدى الفلسطينيين بقدرة المقاومة على تحقيق إنجازات، وتلاشت المناكفات والانقسامات وتحول المشهد إلى تيارين: عريض يمثل المقاومة، وضيّق يمثل السلطة ومسار التسوية.
٩- أسست معركة سيف القدس لمرحلة فكرية جديدة وجيل جديد يؤمن بالمقاومة ويعمل لأجلها.
١٠- يمكن الإشارة أيضاً إلى البعد العربي والدولي الذي أعطته المعركة لقضية القدس من خلال التظاهرات التضامنية في أنحاء مختلفة من العالم.
١١- أن معركة “سيف القدس” في العاشر من أيار عام 2021 هي التي مهدت لعملية طوفان الأقصى الإعجازية في السابع من تشرين الأول عام 2023، التي لايزال جيش الكيان غارقاً في وحولها حتى الآن، والتي قربت كثيراً من موعد هزيمته وإزالته من أرضنا في الجولان وفلسطين إلى الأبد لتعود فلسطين حرة عربية، وتنعم شعوبنا وأوطاننا بالأمن والأمان والازدهار .