إيمان موصللي تحتفي بمولودها الشعريّ الثالث «تاء التأنيث الثائرة»

دمشق- لمى بدران:

شاعرة وأم ومعلّمة جمعت أنوثة أدوارها في الحياة وأسقطتهم بديوانها الشعري الثالث الجديد “تاء التأنيث الثائرة”  لتغزِل نثراً شعرياً جديداً خارجاً عن المألوف، من خلال احتفالية توقيع هذا الكتاب في ثقافي المزة مساء اليوم.

(وأنا لا أملك غير قصيدة.
إذا غطوا بها قدمي
انكشف رأسي) هي تضعنا في حضرة الشعر منذ الصفحة الأولى وتجربة إيمان في القصيدة تستحق أن يحتفى بها، وهذا حسب رأي الشاعر صقر عليشي الذي كتب لها مقدّمة في كتابها، وأشار إلى أنها فرضت عليه الإصغاء والانتباه والمتابعة في أمسياتها الشعريّة التي صادفها بها سابقاً.

إضاءات نقدية خاطفة قُدِّمت أثناء توقيع الكتاب وأولها للشاعر أسامة حمود الذي سبق أن قدّم لها دراسة نقدية في ديوانها السابق “كريستال”، وبأبرز ما أوضحه عن الكتاب يقول: نجد أن الشاعرة تخطفنا منذ اللحظة الأولى إلى عوالمها المجنونة في دعوة غير مباشرة إلى التفكير والتدبر في معانيها غير الاعتيادية، الباطنة المختبئة بين ثنايا كلمات اعتيادية، لتعبّر أصدق تعبير عن مقولة أن قصيدة النثر هي قصيدة مجنّحة تنطلق بنا نحو قبة الإدهاش والإمتاع التصويري، وعناوينها ليست مهيمنة، والكاتبة تعتمد أولاً إعطاء الفكرة مفعولها وتوضيح معالم الطريق، وثانياً الاستمرار في الاستهلال للوصول إلى عملية الربط والتأويل النهائي المرتبط بفلسفتها، ويمكن فهم النص من مقتطفاته، ولديها نفي للزمان والمكان، وما يرتبط بهما من مفاهيم منطقية، وهذا ما ينتج عنه بالضرورة هدم الأسلوب والترتيب الفني وتسلسل الأفكار وترابطها لتمنح الأولوية للكلمة بشكل عام، كدلالة على الشيء وإحياء له.

ولم يتوانى الأديب والمخرج علي العقباني بأن يقدّم مشاركته النقدية أيضاً عن الكتاب وبدأ بوصف المجموعة على أنها “تجذيف الحياة بأصابع من روح ولغة”  ويركّز على النص والقارئ، لأن الكاتبة أنثى والكتابة النسوية لدينا محاطة بجدران الذكورة والتلصلص والتأويل والشخصنة والمقاربات الموروثة والجاهزة والمعلبة في قوارير اللغة والتعبير والموروث، وثمة برأيه إلى حد كبير نص مفارق للسائد، مغامر، حداثي، وفي نصوصها يمكن أن نلمح تعدد المعاني الناجم عن عدم إحالة النص إلى مسارات لغوية ومعنوية ثابتة ومعينة، إنها تطفئ ضوء المتوقع.

طرح الأديب غدير إسماعيل العديد من الأسئلة المهمة بمجرّد اعتلائه منبر المشاركة، وأولها أنه وبالنظر إلى الحالة الاحتفائية العالية الموجودة في هذا المركز والتي قد لا نشهدها كثيراً في هذه الأيام،  فيسأل هل هي حالة احتفال بإيمان موصللي أم بنصوصها؟ ليجيب أثناء خوض غمار دراسته على أنه يوم احتفالي بإيمان ونصوصها، فنصوصها ذات كلمات تتراصف مع بعضها لتشكّل كلاماً أكثر خروجاً عن مفهوم النثر، فهي تكتب بشكل نثريّ لتعبّر بشكلٍ شعريّ، كما يرى أنه لو يصحّ أن يكون هناك عنواناً آخر للمجموعة الشعرية فإنه من الممكن كثيراً أن يكون”عسى أن أكون” أو “أرغب” أو “اعتبار ما سيكون”، أو “ليت”  كما لفت خلال مشاركته إلى أن هذا الاحتفال اليوم تطبيق علني لما كان يدور في الصالون الفكري الذي واظب المركز الثقافي بالمزة على إحيائه وعرض ومناقشة أهم القضايا الأدبية فيه.

لا شك أن الشعر الذي تكتبه إيمان هو بعض منها، وجزء لا يتجزأ منها، وأحياناً تشعر أنه يفوقها في كشف أسرارها عن ما تُعلن، ولقد استطاعت أن تُحيي المنبر الشعري الذي لا يُعتبر قوياً وفي أفضل حال، فاستقطبت جمهوراً كبيراً وهذا بدوره يُعتبر أنموذجاً شعريّاً فاعلاً وتقول لـ”تشرين” بهذا الخصوص: أعتبر نفسي أنثى مسؤولة عن كل الإناث في المجتمع، وهذا واجب ومسؤولية، ومشهد اليوم يعكس اهتمامي بمسؤوليتي وواجبي تجاه المجتمع من خلال الأدب.

ولكسر الروتين الاحتفالي تخلّل الحفل فواصل موسيقية غنائية منسجمة مع الحالة الشاعرية المحيطة بالمكان، ولقد كان لاتحاد الكتاب العرب حضوراً ودعماً لتجربتها، ولمحافظة دمشق  ونقابة المعلمين أيضاً، مع باقة من المثقفين والمبدعين والمهتمين، لذلك نستطيع أن نقول أنه حفل توقيع يثبت أن الشعر والشعراء هم نبض المنابر الذي لا يموت.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار