الأشخاص الموهوبون في مجال الفكاهة يمتلكون ذكاءً استثنائياً
تشرين:
لطالما ربطنا الفكاهة بالذكاء، ونرى في الأشخاص المضحكين ذكاءً استثنائياً يميزهم عن غيرهم، لكن هل هذا الافتراض صحيح بالفعل؟
إنّ رسم الابتسامة على وجوه الآخرين بشكل سريع وعفوي أمر في غاية الصعوبة، ويحتاج إلى مجهود عقلي كبير وذكاء عال، فالشخص المرح يحتاج إلى فهم الموقف بشكل سليم، وإدراك شخصية الأشخاص الآخرين، واختيار التوقيت المناسب واستخدام الكلمات اللينة غير الجارحة، كلّ هذه عوامل يجب أخذها في الاعتبار قبل التفوه بأي كلمة حتى يصل كلامه إلى الجميع ويتقبلونه بصدر رحب، وحتى لا يتحول إلى كلام بلا معنى، وكي لا يضع نفسه في حرج.
في السياق، كشفت دراسة حديثة عن وجود علاقة قوية بين الفكاهة والذكاء، ما يدعم هذا الافتراض ويُقدم نظرة ثاقبة عن طبيعة الشخص المضحك.
واكتشف الباحثون أن الأشخاص الموهوبين في مجال الفكاهة يتمتعون بقدرات ذهنية متقدمة، بما في ذلك القدرة على التفكير النقدي وحلّ المشكلات الإبداعية.
وقد اعتمدت الدراسة على اختبارات قياس الذكاء والفكاهة لمجموعة من المشاركين، وشملت الاختبارات اللفظية وغير اللفظية، فضلاً عن تحليل محتوى نكاتهم.
وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين سجلوا درجات عالية باختبارات الفكاهة تمتعوا أيضاً بقدرات ذهنية متقدمة، بينما لم تُظهر النتائج أي علاقة بين الذكاء والفكاهة الساخرة أو السخرية.
وأكدت الدراسة أن هذا البحث قدم أدلة علمية تُثبت وجود علاقة إيجابية بين الفكاهة والذكاء، ما يُشير إلى أن الأشخاص الموهوبين في مجال الفكاهة يتمتعون بقدرات ذهنية استثنائية.. لكن ما الذي يجعل الشخص المضحك ذكياً؟
يرجح الباحثون أن الفكاهة تنبع من قدرة الشخص على إدراك التناقضات والمفارقات، ثم التعبير عنها بطريقة إبداعية تُثير الضحك، مؤكدين أن هذه القدرة تتطلب مهارات ذهنية متقدمة، مثل القدرة على التفكير النقدي وحلّ المشكلات، إضافة إلى مهارات تواصلية قوية.
في علم النفس يُستخدم مصطلح “أسلوب الفكاهة الإيجابي” للإشارة إلى الناس الذين يستخدمون الفكاهة لتعزيز العلاقات والحدّ من الصراع، ويرتبط هذا النوع من الفكاهة بالارتياح في العلاقة، والانبساط النفسي، والاعتزاز العالي بالنفس، كما أن وجود نظرة مرحة نحو الحياة هو أيضاً استراتيجية تكيف جيدة وهي تساعد الناس على التحكم بصورة أفضل بالإجهاد والمحن.
أما المزيد من أنماط الفكاهة السلبية، مثل السخرية والفكاهة الساخرة الانهزامية، فلا تقدم الفوائد نفسها، وعوضاً عن ذلك تعمل على تنفير الناس وغالباً ما ترتبط بمزاج اكتئابي وعدوانية، كما أن الشخص المرح لا يُضحك الناس فقط، بل يضحك هو أيضاً، ويظهر علم الأعصاب أن الضحك يؤدي إلى تغيرات في الدماغ، ما قد يفسر العلاقة بين الفكاهة والذكاء.
وفي السياق نفسه أكد خبراء علم النفس أن الأشخاص المرحين هم أصحاب شخصيات تفاؤلية وإيجابية، حيث يمتازون بذكاء أعلى من أقرانهم الأقل فكاهة ومرحاً، لأن الأمر يتطلب قدرة معرفية وعاطفية على حبك الطرفة أو الدعابة وإلقائها، لذا فإنهم قادرون على إسعاد الناس من حولهم ولديهم مرونة عالية وطيبة زائدة، لأن وجودهم يضفي جواً من المرح.