حتى لا تنقرض.. جهود لحفظ النباتات الزهرية في بنوك وراثية خارج الغابات
حماة – محمد فرحة:
لعل من يشاهد الناس اليوم كيف يتعاملون مع النباتات الزهرية والعطرية في الغابات والجبال يدرك تماماً أننا ذاهبون نحو تدمير البيئة التي يمكننا أن نربط سلامة البشرية من سلامتها، ما يعني الحاجة الملحة إلى حمايتها من المخاطر التي تهددها، وقد تعلمنا أيضاً أن البيئة السيئة تؤذي الاقتصاد أيضاً.
وسنقدم في سياق موضوعنا هذا العديد من الأمثلة على تدمير البيئة ومكوناتها الطبيعية، وما زاد طين (خراب بعض من هذه الأشجار) هو إصرار المعنيين على تصدير أوراق الغار، الأمر الذي أدخل هذه الشجرة في “مخاطر” الانقراض، حيث تتعرض للقطع ومن ثم يتم قطف أوراقها في البيت وطرحه للبيع، وهذا سيؤدي لاحقاً إلى انقراضها، وبالتالي غياب زيت الغار لصناعة صابون الغار.
فماذا في مركز بحوث الغاب الخاص بالحفاظ على النباتات الزهرية والعطرية والأشجار والشجيرات؟ ، وهل عمل هذا المركز كبنك وراثي كاف لاستيعاب جميع هذه الأصناف للتوسع بها مستقبلاً؟
أسئلة كثيرة كانت محور حديث “تشرين” مع الدكتورة دلال إبراهيم الخبيرة في الأصول الوراثية في شؤون الغابات، و رئيسة مركز “طاحونة الحلاوة”، حيث أوضحت أن الكثير من النباتات البرية الزهرية باتت اليوم مهددة بالانقراض من جراء الحرائق التي تطول الغابات حيناً، والاعتداءات البشرية على مكونات هذه الغابات حيناً آخر.
وتطرقت إلى ما يجري لأزهار التوليب المتعددة الألوان بعد كل تهجين من الاعتداءات عليها، وكذلك أزهار الأوركيد، حيث يتم قلعه وأبصاله وبيعه للتجار، الأمر الذي يجعل الغابات تفقده لاحقاً، وخاصة أنه أبصال، مثله مثل الخزامى والتوليب.
وتضيف الباحثة في شؤون الغابات والحفاظ على الأصول الوراثية: لقد حرصنا هنا في مجال مركز الحفاظ على النباتات الزهرية من الانقراض بعيداً عن مركزها وسط الغابات، في مشتل بحثي خاص تابع للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، في طاحونة الحلاوة وسط سهل الغاب، حيث يوجد لدينا العديد من الأصول الزهرية والشجيرات المهددة بالانقراض مثل الزعتر البري الذي يتم اقتلاعه من جذوره وطرحه في الأسواق، وكذلك نبات الزوفا الذي يستخدم كمشروب مثل الشاي، حيث يتم هو الآخر اقتلاعه من جذوره، وأزهار التوليب والزعفران البري والعيصلان..
وتلفت إلى ضرورة أن يكون لدينا مساحات واسعة بعيداً عن الموطن الأصلي لهذه المكونات النباتية والزهرية، كبديل جاهز فيما لو تعرضت الأصول في الغابات للحرائق والانقراض، لتكون قطاعاً بحثياً دائماً لرفد المواقع التي تعرضت للحرائق، وزراعة هذه الموائل النباتية الزهرية بها. مشيرة إلى تطور المركز البحثي في طاحونة الحلاوة وما يقدمه في المجال البحوث العلمية لكل مكونات الغابة، وتحديداً المهدد منها بالانقراض، وإلى ضرورة الحفاظ على مكونات الغابات والتشدد في قمع الاعتداءات على النباتات الزهرية المميزة، كما قطع الأشجار للحفاظ على سلامة البيئة التي فيها سلامة البشرية وتعافيها.
بالمختصر المفيد: إن هشاشة الحفاظ على مكونات غاباتنا بمختلف محتواها أمر مازال دون المستوى المطلوب، وكل ما نسمعه عن الشأن البيئي هو بمنزلة “مونولوج” ضمن مجموعة واحدة، فهل يعقل أن نصدّر أوراق الغار لتتحول غاباتنا من هذه الشجرة إلى الانقراض؟ ، كما أنه صدر قانون منع الصيد، ولكن ما زال قنص الطيور على قدم وساق، وما زالت بنادق الصيادين تلاحق أصغر العصافير.
ويبقى السؤال الكبير: هل سنرى مستقبلاً عقارات أكبر وأوسع من بضعة دونمات هي حجم مركز طاحونة الحلاوة لزراعة الأصول النباتية الزهرية العطرية وغيرها من الشجيرات المهددة بالانقراض، لتكون المكان الرحب لمثل هذه الزراعات بهدف الحفاظ على بنكها الوراثي خشية الانقراض؟.