قراءة متأنية للإجراءات الحكومية على المستوى الاقتصادي والخدمي خلال سنوات الأزمة، وما حملته من تأثيرات سلبية طالت معظم القطاعات على اختلافها وتنوعها، وانعكاسها بصورة مباشرة على الواقع المعيشي للمواطن، تجعلنا ندرك تماماً جدية الإجراءات، لكنها محكومة بتوافر الإمكانات المادية والبشرية، وما تبقى منها، مولدة مفردات ومفاهيم جديدة تحمل الكثير من أسباب التغيير، التي تقودها الحكومة ومؤسساتها لتوفير حالة من الاستقرار الاقتصادي، يطول المواطن قبل الحكومة، والعكس صحيح أيضاً..
علماً أن هذه الحالة بدأت فيها الحكومات المتعاقبة، لكنها بخطوات خجولة جداً، لم ترقَ إلى مستوى الأزمات والمعالجات المطروحة، التي تعرضت لها المكونات الاقتصادية والاجتماعية خلال سنوات الحرب، وما رافقها من حصار وعقوبات فرضت معادلة جديدة، صعبة الحل لأنها مرتبطة بزوال أسباب الأزمة والحصار وغيرها من مفردات سلبية نمت على كتف الأزمة..!
وحتى نخرج من هذا كله لابد من الاتجاه نحو مكون مازال لم يأخذ دوره بالصورة الصحيحة، لأنه يغلب الطابع الشخصي في العمل، ألا وهو” رأس المال الوطني” ومجالات الاستثمار المفتوحة على مصراعيها، شرط تأمين مفردات أساسية تدفع الاقتصاد الوطني لمواكبة التطورات الاقتصادية المتسارعة، وأهمها على الإطلاق توفير مناخ استثماري مناسب أكثر يؤمن بيئة عصرية متنوعة وهادفة، على اعتبار مكون الاستثمار عاملاً أساسياً محدداً لمفاعيل النمو الاقتصادي، من دون أن ننسى تداعياته الإيجابية على رفاهية المجتمع والمواطن بصورة خاصة ..
لهذه الأسباب وغيرها “لم نذكرها” تفرض ضرورة حتمية لتأمين مناخ استثماري سليم لا يعتمد على قانون محدد، وإنما مجموعة من الشروط والمقومات الضرورية، وهذه مرهونة بالواقع الفعلي ومتطلباته، التي تسمح ببناء هذا المناخ، منها على سبيل المثال؛ “بنية تحتية متطورة تتضمن الاتصالات والمواصلات والمياه والكهرباء والخدمات الأخرى التي تؤمنها الدولة”، وتوفر الكثير من التكاليف الإضافية والجهد للمستثمرين وتحفزهم على الاستثمار, وهنا تكون المناطق الصناعية والمناطق الحرة المكان الأمثل لذلك, والتي يمكن تخديمها بكل مكونات البنية التحتية المشجعة، من دون أن نتجاهل مقومات أخرى مساهمة إلى حد كبير في تحسين بيئة الاستثمار، كالنظام المصرفي المتطور الذي يلبي احتياجات المستثمرين، ويسهل عمليات التمويل والتحويلات المالية، وكل أشكال الخدمات المالية والمصرفية الأخرى لأنه الشريان الحيوي لأي اقتصاد، لذا من المهم جداً تطويره وتحديثه بما يتوافق مع متطلبات الاقتصاد الوطني للمرحلة القادمة، وهذه بدورها تكون مشجعة لعودة المال المهاجر وأهله من صناعيين وتجار نقلوا كل ما يملكون إلى أسواق أخرى، بعيدة كل البعد عن مكونات الحماية، وما حصل في لبنان خير دليل وبرهان..!!
لكن ما يقلقنا في هذا المجال حالة البطء الشديدة في معالجة الواقع وتهيئة المناخ الاستثماري اللائق لعودة أموالنا وأهلها إلى حضن الوطن…؟!
والسؤال الأهم: هل التغييرات المنتظرة تحمل هذا الاهتمام والإجابة عن كل التساؤلات الملحّة..؟!
بانتظار ما هو قادم من خير التغييرات ..
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
164 المشاركات