من إعلام العدو.. «هآرتس»: الأحداث الأخيرة تقود إلى نتيجة واحدة.. التهور أصبح السياسة المفضلة لدى نتنياهو
ترجمة وتحرير – غسان محمد:
أحداث الأيام الأخيرة – الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، وردّ إيران لاحقاً بقصف «إسرائيل» بصواريخ وطائرات مسيّرة وتهديدها برد أكبر في حال كررت فعلتها، وعودة بنيامين نتنياهو إلى الحديث عن شن هجوم على مدينة رفح وتحديد موعد للهجوم- تقود إلى نتيجة واحدة وحتمية هي أن سياسة التهور في «إسرائيل» هي السائدة، وأن التهور أصبح السياسة المفضلة لدى نتنياهو لتوسيع نطاق الحرب والهروب من المشكلات إلى مشكلات أكبر وأكثر خطورة.
من الناحية الاستراتيجية، فإن كل هذه الأحداث لا تحقق شيئاً لـ«إسرائيل»، بل على العكس تماماً، تظهر الخلل الأساسي الذي تأكد خلال الأشهر الستة الماضية بخصوص غزة، والعقد الماضي بخصوص إيران، وهو غياب كامل للاستراتيجية وإعادة توجيه الوسائل العسكرية بهدف تحقيق أهداف سياسية.
لقد عاد نتنياهو وكرر الزعم بأن ما وصفه بـ«النصر المطلق لن يتحقق من دون عملية عسكرية في رفح»، لكن ليس واضحاً ما إذا كان هذا التصريح مجرد همهمة من شخص مُضطرب ومُرتبك ومُنفصل عن الواقع، أو دجّال مغرور، أو سياسي يائس يحاول كسب الوقت من خلال استرضاء شركائه المتطرفين في التحالف الحكومي الذين هددوه بإسقاط الحكومة، أو ربما كان تصريحاً استشرافياً من شخص له مصلحة قوية في إطالة أمد الحرب إلى أجل غير مسمى.
نتنياهو ليس قائداً عسكرياً، وهو رئيس حكومة مُكلّف بوضع استراتيجية، وليس إعطاء وعود عسكرية كاذبة لها دوافع سياسية، سواء عن رفح أم تدمير إيران.. وهذا ينبع بالطبع من غياب الاستراتيجية والأهداف السياسية الواضحة، فالحرب في الأساس هي امتداد للعلاقات السياسية، حتى لو كانت الحرب أحد مكونات السياسة، فإن السياسة هي التي تملي طبيعة الحرب، وحين تصبح السياسة أكثر طموحاً وقوة ترتبط بها طبيعة الحرب، فالسياسة إذاً هي القوة الموجهة، والحرب مجرد أداة، وليس العكس، لكن نتنياهو فعل العكس من أجل منفعة سياسية، ولغياب رؤية متماسكة.
قيام «إسرائيل» باغتيال الجنرال في الحرس الثوري محمد رضا زاهدي وخمسة آخرين في مبنى تابع للسفارة الإيرانية في دمشق، ينطوي على احتمالات تصعيد كبيرة، كما يستدعي مقارنة بين التكلفة وبين العائد على أساس الفوائد الملموسة والتكاليف غير الملموسة، ومن المشكوك فيه أن يكون قد تم العمل بهذا المبدأ قبل تنفيذ العملية، في المقابل، يعد الرد الإيراني على «إسرائيل»، ليلة الأحد 14 نيسان، على اغتيال زاهدي ورفاقه، الأول من نوعه الذي تنفذه طهران من أراضيها وليس عبر الحلفاء.
في المحصلة، حين يستمر الفشل لسنوات طويلة، في صياغة سياسة تجاه إيران تتعدى التصريحات الرنانة وأجراس الإنذار التي تصم الآذان، وحين لا يتم تحديد الخطوط العريضة لاستراتيجية ما بعد الحرب في غزة، فإن جودة القرارات والدوافع السياسية ستكون موضع شك، ويكون الاستنتاج الوحيد والثابت هو أن التهور، وليس الحكمة، هو السياسة السائدة في «إسرائيل»؟.