لا يخفى على أحد أهمية القطاع الزراعي، وما يشكله من قوة داعمة للاقتصاد الوطني من جهة، وعامل استقرار معيشي لآلاف الأسر السورية من جهة أخرى، والتي تعشق هذا القطاع منذ الأزل، لهذا كله وغيره من الأسباب كانت استهدافات الحرب الكونية وأدواتها “الإرهابية والتخريبية” كانت من نصيب القطاع الزراعي، إلى جانب تدمير مكونات القطاع الصناعي من خلال تخريب المنشآت الصناعية وسرقة محتوياتها…
إلا أن القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني كان أشد المتضررين لتركزه في الأرياف، وخاصة المنطقة الشمالية الشرقية، وحلب ودرعا، ومنطقة سهل الغاب في حماة، وتضرر الأنشطة الزراعية المتنوعة نتيجة تعرضها للتخريب، وما تبقى يعاني من صعوبات كثيرة أهمها نقص مستلزمات الإنتاج، وصعوبة نقلها من مكان لآخر بفعل تداعيات الحرب، ومعوقات أخرى فرضتها سلبيات الحصار الاقتصادي وعقوباته الظالمة..!
الأمر الذي أدى إلى تراجع الإنتاجية الزراعية على اختلافها وتنوعها، طيلة السنوات السابقة، وحتى الآن، وفرضت معادلة الاستيراد لمعظمها لسد النقص، بدلاً من الوفرة فيها، وهذا بدوره حمل الكثير من التشوهات، منها ما يتعلق بإدارة القطاع، ومنها بالإنتاجية ومستلزماتها، وصولاً لأزمات التسويق المتكررة التي استعصت عنها كل الحلول.. !
وهذا الواقع يفرض الكثير من الأسئلة حول الاهتمام الحكومي والجهات المسؤولة عن القطاع الزراعي بشقيه العام والخاص، وعن دورها في تجاوز الآثار السلبية التي فرضتها ظروف الحرب ..؟
والسؤال الأكثر أهمية هو إستراتيجية وزارة الزراعة والجهات التابعة لتجاوز الصعوبات، ضمن إطار عملية إعادة إعمار ما خربه الإرهاب وأدواته، وما هي الأولويات التي حددتها الوزارة لتنفيذها مستقبلاً على المستويين النباتي والحيواني لزيادة مساهمته في الناتج المحلي، وفق متطلبات المرحلة الحالية والمقبلة من جهة، وتأمين حاجة السوق من جهة أخرى ..؟
وخاصة أن هناك ضبابية تسود هذا القطاع من مختلف جوانبه “الإنتاجية والخدمية” تفرض حالة من عدم الاستقرار، لا يمكن الخلاص منها إلا بإستراتيجية تحمل حلولاً جذرية، تبدأ من توفير أرضية مناسبة لضخ استثمارات تطول القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، واستثمار نتائج البحوث العلمية في زيادة المردودية الإنتاجية لها، وخاصة للمحاصيل الإستراتيجية، إلى جانب دعم الزراعات الصناعية، وتطبيق مفاهيم الجودة لرفع مستوى القدرة التنافسية لها..
وهذا لن يمر إلا باهتمام حكومي يرعى إحداث شركات متخصصة بالإنتاج والتسويق، واهتمام بالقاعدة الأساسية للإنتاج، التي تحتوي آلاف المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والمتناهية في الصغر، وتشجيع انتشارها في الأرياف لزيادة وتحسين مردودها الاقتصادي، الذي يعكس إيجابيته على آلاف الأسر العاملة فيه، وتقديم كل المستلزمات التي تضمن استمرار هذه الإيجابية..
فهل تستطيع وزارة الزراعة تأمين ذلك بما يخدم تطوير القطاع الزراعي، ويضمن حلولاً سريعة تتناسب مع معطيات كل مرحلة، ويؤمن تكاملية الإنتاجية الزراعية التصنيعية….؟!.