هواجس “الثروة السمكية” مستمرة.. في ضبط الصيد الجائر والتحدي الأكبر يكمن في فترة التوقف عن التكاثر
تشرين – محمد زكريا:
يبقى التحدي الأكبر لعمل الهيئة العامة للثروة السمكية والأحياء المائية هو قمع المخالفات التي تحصل أثناء فترة التوقف عن الصيد في المياه العذبة الداخلية حيث تعدّ هذه الفترة هي فترة التكاثر لدى الأسماك، وبالتالي فإن هذه الفترة لها تأثيرها على المخزون السمكي، الذي تسعى الهيئة إلى الحفاظ عليه من خلال تطبيق عمل ومفهوم الإدارة الرشيدة في إدارة هذا المخزون الحيوي والمهم.
تسيير دوريات
وفي الجانب العملي لهذا التحدي ومع فترة التوقف عن الصيد لهذا الموسم باشرت الهيئة في تسيير دوريات لها على طول البحيرات والسدود المائية ضمن المياه العذبة الداخلية، بغية ضبط ومنع كل أشكال صيد الأسماك ضمن الفترة الممتدة من منتصف الشهر الفائت ولغاية نهاية الشهر القادم، على اعتبار أن هذه الفترة هي فترة تكاثر الأسماك، وبالتالي فالصيد خلال هذه الفترة يضعف ويقلل من أعداد الأسماك داخل المياه العذبة الداخلية سواء كانت الأسماك ذات الأحجام الكبيرة أم الصغيرة، حيث نظمت الهيئة من خلال فروعها، ومراكزها في المحافظات العديد من الضبوط بحق الصيادين المخالفين، وحسب البيانات الصادرة عن الهيئة فإنّ عناصر الحماية للثروة السمكية في فرع حمص صادرت 9 شباك صيد مخالفة بطول 350 م في بحيرة قطينة، كما تمّ مصادرة شبكة صيد أخرى طولها400 م في البحيرة ذاتها، كما عثرت عناصر الحماية لدى فرع حلب على 8 شبكات صيد بطول 250 في بحيرة الأسد وفي منطقة دير حافر، كما ضبطت عناصر الحماية ذاتها في محمية الحمرات شبكة صيد بطول 500 م.
استغلال رشيد
المهندس محمود عيسى مدير فرع الهيئة بالمنطقة الوسطى، أكد أن الثروة السمكية تعد أحد المكونات الحية للبيئة المائية، وهي من أهم المصادر الطبيعية التي استغلها الإنسان كمصدر للغذاء، كما أن لمرور الزمن التزايد المستمر في عدد سكان الأرض، أدى بالنتيجة إلى زيادة الحاجة لاستهلاك الغذاء، ولاسيما الغذاء الغني بالبروتين، ومن هنا تأتي الحاجة الماسة للحفاظ على المخزون السمكي، موضحاً أن الثروة السمكية تتأثر بأمرين هما العوامل الطبيعية ونشاط الإنسان، حيث إن الأول أمرٌ لا يمكن التحكم فيه، أو السيطرة عليه، إلّا أن أثر الإنسان المتمثل في صيد الأسماك هو عملية يمكن ضبطها، بل يلزم القيام بها، بحيث يكون استغلال الثروة السمكية استغلالاً رشيداً وليس جائراً.
مشيراً إلى أنّ إدارة المخزون السمكي هي إدارة رشيدة تعمل وفق ضرورة التوقف عن صيد الأسماك خلال موسم تكاثرها، والتوقف عن الصيد الجائر خلال فترات السماح بالصيد، معتبراً أن الصيد الجائر بكميات زائدة من المخزون السمكي، سيترتب عليه تناقص في أعداد الأسماك ضمن هذا المخزون، وبالتالي يؤثر سلباً في القدرة على تجديد نفسه طبيعياً، لافتاً إلى أن الصيد الجائر يهدد الأسماك الكبيرة بشكل يؤثر في قدرة المخزون على التكاثر، ويقلل أعداد البيض التي تطرح سنوياً، وأنه في كثير من الأحيان يتركز الصيد الجائر على الأحجام الصغيرة من الأسماك التي لم يكتمل نموها بعد، وهذا يعدّ خسارة كبيرة من الناحية الإنتاجية، منوهاً بأنه في فترة تفريخ الأسماك تميل أمات الأسماك المختلفة للسباحة في المياه الضحلة والدافئة لكونها مناسبة للتكاثر، ما يجعل عملية صيدها سهلة وبالتالي اصطياد كمية كبيرة من الأسماك الحاملة للبيوض، والتي تنضج لمرة واحدة خلال العام، وبالتالي أيضاً خسارة جيل كامل من الأسماك والقضاء التدريجي على المخزون السمكي.
استثمار كامل
يذكر أن الوزارة بدأت برنامجاً لتطوير الثروة السمكية منذ عام 2020 بهدف الاستثمار الكامل للمياه القابلة لتربية الأسماك وذلك بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية والتي بدورها حددت السدود والتي بإمكان التربية فيها، وحسب المعطيات فإن البداية كانت بزيادة إنتاج الإصبعيات حيث كان الإنتاج حوالي 1.5 مليون إصبعية تم زرعها في السدود في حين أصبحت الإنتاجية من الإصبعيات حدود 4.5 ملايين إصبعية خلال السنوات الثلاث الماضية، وبالتالي زادت كمية الإصبعيات المستزرعة ضمن المسطحات المائية، كما يشار إلى أن الإنتاج من الأسماك المنتجة في المياه العذبة الداخلية عاد إلى سابق عهده كما كان في العام 2010 والمقدر بحدود 6 آلاف طن.