ذاب الثلج وبان المرج..!

المراقب لأسواقنا المحلية وما يحدث فيها من تجاوزات ومخالفات ضعاف النفوس من التجار، ويسمع أن لدينا أكثر من عشرين جهة رقابية تعمل على حمايتها، يدرك حجم الفشل  في هذا الاتجاه، ويعي تماماً خطورة ما يحدث، وحتى الهوة الكبيرة بين متطلبات السوق وأهلها، من جهاز الحماية والمنتجين على السواء..!
والذي كشف هذه الحقيقة، وأظهرها إلى العلن أكثر من أي وقت مضى، هي سنوات الحرب وما رافقها من أزمات يومية متلاحقة، كشفت الكثير من الخفايا وقضايا السوق، ليس على مستوى الوضع الخارجي وتكالب الدول الاستعمارية على مقدرات شعبنا بل المحلي أيضاً، حيث كشفت الأزمة زيف الكثير من ضعاف النفوس من  الذين يتلاعبون بمعيشة المواطن اليومية، وأخطرها هشاشة غالبية الجهات الرقابية في معالجة مشكلات السوق، وتواطؤ بعضها مع فعاليات السوق لاستغلال ما يمكن استغلاله لتكوين الثروة على حساب مقدرات الوطن والمواطن بكافة الاتجاهات والمجالات مستغلين الثغرات في معالجة أسباب الأزمة، ومكافحة الإرهاب المتكالب على مقدراتنا..!
وبالتالي الأزمة الحالية “أذابت الثلج وبينت المرج” وكشفت المستور بكل أبعاده، وفي مختلف القطاعات، حيث لم تعد هناك أزمة واحدة بل تعددت وجوهها وتنوع مستغليها، وكثر المتآمرون على أسواقنا المحلية وروادها من “الداخل والخارج”، ونحن كتبنا الكثير عن حرامية السوق ممن استغلوا الأزمة لمصالحهم، بالتعاون مع بعض العناصر الرقابية، فتارة في الاقتصاد، والبعض الآخر في السلع والمنتجات، وكثيرها في حاجات المواطن اليومية، نذكر منها مجرد مثال “قطاع الألبان” وما يحتويه من مشتقات وضرورة غذائية للمواطن بشكل يومي، والخضراوات والفواكه واللحوم وسوق الزيوت، والأمثلة تطول وتطول…!
فالمستور فيه لم يعد فيه مستوراً .. والغش فيه على العلن، فلا الحليب هو حليب ولا اللبن هو لبن، ولا حتى المنتجات الأخرى تكاد تشبه شبهها الأصلي، والحجج كثيرة، فهناك من يختبئ وراء ظروف الأزمة والحالة المعبشية، والبعض الآخر يختبئ وراء ارتفاع أسعار المستلزمات الإنتاجية ويبرر لنفسه الجشع والطمع واستغلال حاجة المواطن وعدم الاستغناء عن المادة ليس لضرورتها فحسب، بل لأن الجشع والطمع والاستغلال أصبح حالة وجدانية مرافقة لمستغلي الأزمة ومن يعاونهم من أهل الفساد بتفاصيل السوق..؟
وما يزيد الأمر خطورة وجودهم في عدد من  القطاعات الاقتصادية والخدمية، وحالات جشعهم لا تنتهي، رغم ما يقوم به جهاز حماية المستهلك من ضبط المخالفات ومكافحة أعمال الغش، وإغلاق منشآت، ووضع المتلاعبين في السجون، إلا أن فساد  الأسواق  وفوضى الأسعار في ازدياد ..!
والسؤال إلى متى هذا الازدياد “يتساءل مراقبون”..؟!
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار