50% نسبة الانخفاض في تسوق الألبسة والأسر تتجه نحو التدوير وأسواق البالة
تشرين- إلهام عثمان:
لا شيء يضاهي فرحة الطفل بالعيد، ففي عالم الطفولة مازالت الأحلام الوردية قابعة في حنايا الانتظار، تحت صومعة الظروف لعلها تظهر ولو بأقل الإمكانيات، وكي تكتمل فرحة الطفل في العيد والعيدية مروراً بتبادل الزيارة الأسرية مع الأقارب، إلى ارتياد الأراجيح، لابد لها أن تتوج تلك الابتسامة العذبة للأطفال بالثياب الجديدة، طبعاً ومن استطاع إليها سبيلاً.
حلول إسعافية
من هنا نجد أن ضيق الحال جعل الكثير من الناس يلجؤون إلى حلول إسعافية طارئة وبديلة، تنقذ ما تبقى من تلك الأحلام الضائعة، بين كفة حقوق الطفل وبين مراعاة واقع الحال الأسري المرير، الذي فرض بقوة على المجتمع السوري ككل، لنجد أن البعض وجدوا سبيلهم للحلول البديلة في التوجه لشراء ثياب مستعملة بدلاً من الثياب الجديدة، حيث كانت فيما مضى تلك الحلول هي الملاذ الأخير، أما الآن فأضحت الحلول الأولى لنلاحظ اكتظاظاً ملحوظاً في أسواق الألبسة المستعملة، بغية التجهيز للعيد من الألبسة أو الأحذية المستعملة.
نوع الأقمشة
وفي استطلاع ميداني لـ” تشرين” في سوق الألبسة المستعملة، التقينا بعض الزبائن, ومنهم (داليا .س) التي أوضحت من خلال حديثها أنها أم لـ٤ أطفال وهي موظفة، وتجد أن شراء الألبسة المستعملة هو الحل البديل نوعاً ما تماشياً مع الوضع المعيشي الصعب جداً الذي تمر به البلاد، وتضيف: أقوم بانتقاء بعض الألبسة لي ولأطفالي تحضيراً للعيد, وليست المرة الأولى التي أبتاع فيها هذا النوع من الألبسة، إذ أبحث بالدرجة الأولى عن (نوعية الأقمشة الجيدة من القطن أو غيره كما أنتقي (قطعة الكريمي), فالمبلغ ذاته الذي سأدفعه لشراء قطعة “جديدة وشعبية” أي ما يقارب الـ75 ألف ليرة حتى 150 ألفاً، إن لم نقل أكثر وبجودة أقل، يمكنني وبحسبة بسيطة أن أدفع المبلغ ذاته للاستعاضة بنوعية قماش جيدة ومستدامة, لا سيما أنني أهتم بخامة الأقمشة أكثر من الموضة.
الحاجة أم الاختراع
وفي السياق ذاته تؤكد (رتيبة .ن) ذات الـ39 عاماً لـ”تشرين” أنها تقوم بشراء الألبسة المستعملة لها ولأسرتها وللزبائن، حيث تشتري القطع من (جاكيت أو فستان أو قميص أو حتى بيجامة) بأسعار تتراوح بين 20 و65 ألف ليرة، لتقوم بإجراء التعديلات على “الموديل” وقلبه، ليضاهي بذلك الألبسة الجديدة المطروحة في الأسواق، كما تقوم ببيع منتجاتها لعائلتها والجيران بغية مساعدة زوجها في المصاريف اليومية، ليصبح سعر القطعة بعد تعديله بين 100 و 125 ألف ليرة، وبذلك تقوم بسياسة جذب الزبائن الذين يبحثون عن الموضة وخامة الأقمشة معاً، فالحاجة أم الاختراع وفق رأيها.
الأسواق الشعبية
وعلى الرغم من أن شراء الألبسة المستعملة هو حل ليس بالأفضل إلا أنه يسد رمق المتعطشين للفرحة وبهجة العيد (وتحديداً لذوي الدخل المحدود)، هذا ما أكده خليل الدرويش صاحب محل للألبسة المستعملة، الذي بيّن أن المستعمل من الألبسة كغيره من باقي السلع، ترتبط أسعاره المتصاعدة بسعر الصرف، الذي أثر بشكل عكسي وبطيء في حركة البيع والشراء وقيّد حركة السوق نوعاً ما، لا سيما أن الحصول على البضاعة أيضاً مكلف، بدءاً من استيراده، ونقل الحاويات من مناطق بعيدة، وما يحمله من أجور للعمال والمحروقات، كل ذلك يحمّل “للقطعة والزبون” معاً، أما عن البضاعة فتبدأ الأسعار من 25 ألف ليرة، أما إذا كانت “كريمية” فتبدأ من 50 إلى 200 ألف ليرة، وما فوق (نخب أول)، أما بالنسبة للأحذية فسعر البوط الفيتنامي 350 ألف ليرة، وهناك أحذية يصل سعرها لـ 500 ألف ليرة.
وفي سياق منفصل أوضح محمد السعدي، صاحب أحد المحال التجارية لبيع الألبسة (الجاهزة) في دمشق، أنه وعلى الرغم من بدء حركة الشراء تحضيراً للعيد، وكما يفترض في كل عام، إلا أن نسبة التسوق حالياً تتراوح بين 30-50%، وهي منخفضة قياساً بالسنوات الماضية، ويعود السبب لذلك وفق رأيه إلى انخفاض القدرة الشرائية عند الأغلبية من الأفراد، حيث لا تتناسب مع القيمة الشرائية المتصاعدة للسلع، ليس للزبون فقط بل التاجر أيضاً، خاصة بسبب ارتفاع أجور الأيدي العاملة للورشات في التصنيع والخياطة، وارتفاع أسعار الأقمشة والخيوط ومع قلة الكهرباء، كل تلك العوامل اجتمعت لتكون عاملاً مساهماً في رفع أسعار الألبسة مهما كانت شعبية، كما أشار إلى أن سعر القطعة يختلف باختلاف نوعية الأقمشة والماركة ومكان تسويقها (شعبي، راقي، بسطة أو محل)، وأن أسعار (بنطال القطن الجيد في منطقة الحمرا 550 ألف ليرة، بينما في الحميدية 125 ألفاً وما فوق، أما سعر بنطال الجينز في الحمرا فهو 200 ألف ليرة وما فوق، بينما في نهر عيشة فيتراوح سعره بين 100-150 ألفاً وما فوق، وسعر البيجامة كاملة في الحمرا 700 ألف ليرة، بينما في السوق الشعبي 250 ألفاً وما فوق، وسعر الجاكيت في الشعلان يتراوح بين 700 ألف حتى مليون ليرة وما فوق، بينما في الحميدية وغيرها 400 ألف ليرة وما فوق، أما أسعار الأحذية فتتراوح بين 200 ألف حتى 600 ألف ليرة وما فوق في الأحياء الراقية، وفي الأسواق الشعبية الحد الأقصى يمكن أن يصل إلى 350 ألف ليرة.